مصر تغلي : الرئيس "يتنحى" و"لا يتنحى" .. والشعب "الثائر الغاضب" يقبل التحدي!


جراسا -

مجدداً، أخطأ كلّ "المتفائلين" أو "الواقعيين" في هذا العالم..

ثلاثة أسابيع من الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة في تاريخ مصر الحديث لم تنفع لدفع حاكم مصر منذ ثلاثة عقود إلى التنحي "استجابة" لرغبة الشعب، هو الذي يقول أنه لم يسع يوماً لسلطة أو جاه وتدلّ كلّ الوقائع على أنه سيبقى متمسّكاً بـ"كرسيّه" حتى اللحظة الأخيرة من ولايته، وأكثر من ذلك إذا استطاع..

تسارعت الأحداث والتطورات خلال الساعات الأخيرة حتى خيّل لجميع "المراقبين" و"المحلّلين" أنّ الرئيس المصري قرّر أخيراً القيام بـ"عين العقل" والتنحي بشكل مشرّف، وإن متأخر، استجابة لرغبة الشعب المصرّ على مطلب تنحي الرئيس وسقوط النظام الذي يمثله قبل أي شيء آخر.

كلّ الأخبار المتواترة تحدثت عن "استقالة" الرئيس الآتية لا محالة، الأمر الذي أكده مقرّبون منه بينهم رئيس الوزراء المعيّن حديثاً أحمد شفيق الذي أعلن صراحة أنّ الرئيس قد يتنحّى، وكذلك الأمين العام الجديد للحزب الحاكم حسام البدراوي الذي رجّح بدوره هذا الاحتمال بشكل قوي.

إلا أنّ الرئيس، الذي توجّه بخطاب اعتبره "تاريخياً" إلى الأمة، لم يرد "التنحي". اكتفى بتفويض صلاحياته إلى نائبه المعيّن حديثاً، الدائر في فلكه، عمر سليمان، وفقاً لما يقتضيه الدستور وهنا بيت القصيد، فالدستور يحظر على الرئيس أن يفوض صلاحياته في ثلاثة أمور جــوهرية هي تعديل الدستور وحل مجلسي الشعب والشورى وتغيير الحكومة، كما أنه يسمح للرئيس بالعودة عن قرار تفويض صلاحياته لنائبه ساعة يشاء، وهو أمر لن يكون بعيداً عن مبارك بعد سيرة العقود الثلاثة والأسابيع الثلاثة...

مبارك "متألم"...

بدا مبارك في خطابه المتلفز "متألماً" عن حق.

طبعاً هو ليس "متألماً" على الدماء التي سالت كما قال، وهو يعاهد شعبه بملاحقة المتسببين بها في بداية خطابه الذي "أحبط" الجماهير التي كانت تتوقع استقالة فإذا به تسمع الكلام المعسول الذي سئمته.

هو كان "متألماً" لأنّ كلّ أساليب "القمع" لم تنفع حتى اللحظة مع "المحتجين" المصرّين على مطلب رحيله دون أي "نقاش".

المهم أنّ مبارك "المتألم" لا يجد حرجا أو غضاضة أبدا في الاستماع إلى شباب بلاده والتجاوب معه كما قال، هو الذي تجاهل هذا الشباب ومطالبه لثلاثة عقود من الزمن، لكنّ ما لا يقبله هو أن يستمع إلى إملاءات أجنبية تأتي من الخارج أيا كان مصدرها وأيا كانت ذرائعها أو مبرراتها.

إذاً، مشكلة مبارك هي مع "الأجنبي" وليس مع أبناء بلاده الشرفاء، ربما لاعتقاده أنّ هؤلاء كانوا سيتركون الساحات بمجرّد إعلانه "بعبارات لا تحتمل الجدل أو التأويل" أنه لن يترشح إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة، كما عاد وأكد في خطابه الجديد.

مبارك، الذي يكتفي، كما قال، بما قدمه من "عطاء" للوطن لأكثر من ستين عاماً، أعلن في ختام خطابه تفويض نائب رئيس الجمهورية اختصاصات رئيس الجمهورية وفقا لما تقتضيه أحكام الدستور، مؤكدا انه يريد أن "يوارى في الثرى" على ارض مصر نافيا بذلك أي نية له لمغادرة البلاد.

.. وسليمان للمتظاهرين: عودوا إلى دياركم!


انتهى خطاب الرئيس وأتى دور نائب الرئيس، الذي حفظ المستمعون منه كلمة سرّ واحدة: "عودوا إلى دياركم"...

هكذا، فهم نائب الرئيس المصري الحركة الاحتجاجية الشعبية غير المسبوقة. تفويض الصلاحيات له، هو الدائر في فلك الرئيس الذي لم يتنح، كاف لعودة كل المحتجين إلى ديارهم وتراجعهم عن كل مطالبهم، اللهمّ إلا إذا كان نائب الرئيس مقتنعاً بأنّ هذه المطالب قد تحققت بالفعل.

سليمان أكد في خطابه أنّ "حركة شباب 25 يناير نجحت في إحداث تغيير هام في مسار الديمقراطية". وقال: "بعدما فوضني بتحمل مسؤولية العمل الوطني للحفاظ على أمن واستقرار مصر والحفاظ على مكتسباتها وإعادة الطمأنينة إلى جموع المصريين، اطلب من الجميع المساهمة في الوصول إلى هذا الهدف وليس لدي شك أن الشعب قادر على حــماية مصالحه".

ولم ينس سليمان أن يشيد مطوّلاً بمبارك وبما أسماه "حسّه الوطني وانحيازه للمطالب المشروعة للشعب، وإدراكه لخطورة المرحلة الدقيقة التي تمر بها مصر في الوقت الراهن"، الأمر الذي جعله يستحق عن جدارة شعارات على غرار "سليمان يا سليمان ارحل أنت كمان".

الشعب "الصامد"..

لن يترك الساحات!

إذاً، وكما كان مقتنعاً، لم تنطل "الخديعة" على الجماهير المصرية الثائرة والغاضبة التي سارعت لرفض خطاب الرئيس ونائبه بكلّ ما تضمناه، ولا سيما دعوة عمر سليمان لهم للعودة إلى ديارهم، بكلّ بساطة.

وقد أثار الخطابان غضب المتظاهرين في ميدان التحرير الذين خلعوا أحذيتهم وألقوا بها على الشاشة التي ظهر عليها مبارك وهو يلقي خطابه، في خطوة رمزية تحمل الكثير من الدلالات، فيما أخذت الجموع تهتف "يسقط مبارك! ارحل، ارحل" و"على القصر رايحين شهداء بالملايين". وطالب المتظاهرون برحيل سليمان هاتفين "يا سليمان يا سليمان.. ارحل ارحل انت كمان"، و"لا مبارك لا سليمان... دول عملاء الأميركان"، فيما دعا آخرون إلى إضراب عام فوري، وتوجهوا إلى الجيش، الذي نشر أعداداً كبيرة من القوات والدبابات حول الميدان وباقي شوارع القاهرة والمدن المصرية، بالهتاف "واحد اثنين... الجيش المصري فين"، و"يا جيش مصر اختار الآن... الشعب أو النظام".

وتوجه آلاف المتظاهرين إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون في منطقة "ماسبيرو" القريبة من ميدان التحرير، مشددين على التوجه إلى مقر الرئاسة اليوم في ما أطلقوا عليه "جمعة الحسم". وكان الجيش المصري قد طلب من موظفي التلفزيون إخلاء المبنى معززاً انتشاره في الشوارع المحيطة به، في حين ذكر شهود عيان أن الجيش نفذ عملية إعادة انتشار في مختلف شوارع القاهرة، لا سيما في الطرق المؤدية إلى قصر الرئاسة في مصر الجديدة.

كلمة أخيرة...

استحوذت التطورات المصرية المتسارعة على "التقرير اليومي" لهذا اليوم، فغاب الشأن اللبناني الذي بقي على حاله بانتظار استحقاقي الرابع عشر من شباط وولادة الحكومة الميقاتية.

إلا أنّ اجتماعاً غير روتيني احتضنته دار الفتوى كسر "الجمود اللبناني" خصوصاً بعد أنّ جمع "الخصمين اللدودين" رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري حول بيان "فضفاض" اعتبر بعض الغائبين عن الاجتماع، وفي مقدّمتهم رئيس الحكومة الاسبق عمر كرامي، أنه تضمن التزامات عجيبة غريبة لن يكون بمقدور رئيس الحكومة المكلف تنفيذها.

فكيف سينعكس هذا الاجتماع على تشكيل الحكومة؟ وهل تعود إلى مراحلها الأولى؟
(وكالات)



تعليقات القراء

Dina Qtr
خلص هانت الموضوع طلع من ايدو
الجيش بلش ينقلب عليه
والجيش هم الاساس
و ال3 ترليون من جلدو بدهم يطلعو
هاد كاين ناهب كل الوطن العربي مش بس مصر
11-02-2011 10:47 AM
لارا
لن تستمع للاملاءات من الخارج
اذن لتسمع من الداخل ,,,,,,,,,

فقط كلمة واحدة صادقه قلتها انك لن تخرج من مصر الى للممات
هل انت تعيش الان كرئيس ,,؟,؟

عمااارر يا مصر
11-02-2011 10:55 AM
ام الدنيا
لاول مرة ستكون مصر منتصرة،فهي على مر العصور تنتقل من هزيمة الى هزيمة منذ 52
56،67،73،79 اضافة الى الهزائم في كل الميادين بالحرب والسلام،لاول مرة سينتصر النظام او الشعب وكلاهما مصري فسيتحقق يذلك اول نصر مصري!!
11-02-2011 12:28 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات