أسرار العقل الصهيوني


إن حقيقة العقل الإنساني ليس مجرد منح مادي يعمل كصفحة بيضاء تتراكم عليها المعطيات المادية وإنما هو عقل مبدع له مقدرة توليدية وهو مستقر كثير من الخبرات والمنظومات الأخلاقية والرمزية ومستودع كثير من الذكريات والصور المخزونة في الوعي واللاوعي ولذلك حينما يسلك الإنسان سلوكاً فإنه لا يسلك كرد فعل للواقع المادي بشكل مباشر وإنما كرد فعل للواقع كما يدركه هو بكل تركيبته ومن خلال عقله المبدع الذي يتفاعل ويقيم ومن خلال ما يسقطه على الواقع من أفراح وأتراح وأشواق ومعاني ورموز وذكريات ومن خلال المنظومات الأخلاقية والرمزية التي تحدد له مجال الرؤية فتبقى وتستبعد وتؤكد وتهمش كل هذه العمليات المركبة هي التي تمنح الإنسان ذاتيته وخصوصيته حتى يصبح من الصعب التنبؤ بسلوكه من خلال القوانين المادية والطبيعية.

لذلك فإن الإدراك الصهيوني للعرب وكيف نظرت الصهيونية لنفسها على أنها جزء من التشكيل الحضاري الاستعماري الغربي حتى تستفيد من نظرية الحقوق والواجبات السائدة في الغرب والتي عرفت واجب الإنسان الأبيض إدخال الحضارة في المناطق الأقل تحضراً. وهذا قد شكل الرؤية الصهيونية للإنسان العربي في أربعة هي العربي المتخلف- العربي ممثلاً للأغبار- العربي الهامشي- العربي الغائب. والعربي المتخلف يبدو تماماً في رؤية الصهاينة للإنسان الفلسطيني فبدلاً من رؤيته كإنسان حقيقي يزرع ويعيش فوق أرضه لينتج أشكالاً حضارية تستحق الاحترام يتحول إلى إنسان شرقي متخلف لا يستغل الأرض على أكمل وجه ثم يصبح الإنسان الفلسطيني العربي نفسه ممثلاً للأغبار كل البشر من غير اليهود عليه أن يدفع الثمن ثمن الكوارث التي حاقت باليهود عبر التاريخ ثم يظهر هذا الإنسان على أنه شخصية هامشية تفتقد أية هوية قومية أو حضارية أو سياسية ولذا يصبح هناك لا معنى مثلاً للدولة الفلسطينية أو القومية العربية أو حتى الثقافة الإسلامية.

ويأخذ التغيب الصهيوني في الإدراك الإسرائيلي فكرة تهجير الفلسطينيين ودفع تعويضات لهم وتشجيعهم على الهجرة إلى الغرب حتى يمكن تفريغ الأرض من سكانها.
talal_gerasa@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات