«البربرية» إذ تنفلت من عقالها في شوارع الخليل


الاعتداءات البربرية التي تشنها قطعان المستوطنين على أبناء خليل الرحمن وبناتها ، تنهض شاهدا على عنصرية الاستيطان الإسرائيلي وانحطاطه القيمي والأخلاقي والإيديولوجي...والسلوك الهمجي لهؤلاء "البرابرة" الذي بثته الفضائيات على الهواء مباشرة ، كاف للدلالة على نوع "الحثالة" التي جُبلوا منها.

أما التواطؤ المكشوف الذي أبدته المؤسسة الرسمية الإسرائيلية: السياسية والأمنية والعسكرية والقضائية ، والصمت المتواطئ الذي أبداه المجتمع الإسرائيلي على السلوك العدواني لشريحة منه ، فيبرهنان على أن المسافة بين "الاستيطان الإيديولوجي ـ المليشياوي" في الخليل ، و"الانتلجنسيا الغربية" في تل أبيب ورامات غان ، ضئيلة للغاية ، ولا تكفي في حقيقة الأمر ، للرهان على فرص ردع هذه القطعان اعتمادا على ما يمكن أن تفعل دولة الاحتلال ومجتمع الاستيطان.

أحداث الخليل الدامية ، تتكشف عن جملة من الحقائق والدروس ، التي غابت عن الأذهان أو تكاد ، في زحمة أنابوليس و"تصريف الأعمال" والانقسام الفلسطيني و"إعادة بناء الأجهزة الأمنية":

أولها: أن احتجاز أكثر من مائة وستين ألف فلسطيني وتقييد حريتهم لتوفير الـ"حرية" لخمسمائة مستوطن مأفون ، يمثلون الأصولية المليشياوية في أحط طبعاتها ، هو دلالة على عنصرية السياسية والدولة والمجتمع في إسرائيل ، فأي منطق ذاك الذي يحكم على مدينة بأكمها بالإعدام والعيش سنوات وعقود في الخوف والرعب والحصار ، إرضاء لنزوات وغرائز قطيع من أربعمائة أو خمسمائة نفر.

وثانيها: أن ما جرى في الخليل لا يفصل سوى أشهر معدودات من نشر السلطة الفلسطينية للقوة الأمنية الجديدة في المدينة ، وقيامها بحملة تطهير للمدينة من السلاح والمسلحين ، المليشيات والمقاومين ، حماس والجهاد وغيرهما من الفصائل ، فماذا كانت النتيجة (؟،) ، وهل شفع التنسيق الأمني لسكان الخليل أمام زحف المستوطنين وهيجانهم ، هل شفعت للسلطة والحكومة والرئاسة والأجهزة في طبعتها الجديدة ، كل هذه الإطراءات الإسرائيلية عن جديتها في محاربة الإرهاب وعن كفاءة أجهزتها الأمنية الجديدة (؟،)...أليست العمليات البريرية الجارية في المدينة ، صفعة مؤلمة على وجوه أصحاب هذا الاتجاه ومورّجي ذلك التوجه (؟،).

وثالثها: إلى متى ستبقى السلطة على رهاناتها البائسة ، إلى متى ستظل الشكوى والاستجداء هي الاستراتيجية العليا للقيادة الفلسطينية ، أما آن الأوان للتفكير ببعض البدائل ، أليس المقاومة السلمية ـ الشعبية بديلا يمكن اللجوء إليه ، طالما أن خيار المقاومة المسلحة ممنوع أمام شعار "سلاح واحد" ؟،...أما آن الأوان للتفكير جديا بالانسحاب من لعبة "التقاسم الوظيفي" مع الاحتلال والتي تسمى زورا تنسيقا أمنيا ، أما آن الأوان للتصرف على أن الاحتلال أولا والاحتلال عاشرا ، هو التهديد الأبشع لأمن الفلسطينيين ومستقبلهم وسلامهم ، وأن مقاومة هذا الاحتلال ، وجعلة أكثر كلفة ، هي المهمة الأولى التي لا تتقدمها مهمة على أجندة الشعب والقيادة الفلسطينيين؟،.

أحداث الخليل المثيرة لكل مشاعر الغضب والاستنكار ، يجب أن تكون تجربة وعبرة ، لكل الذين استمرأوا الصور التذكارية الملتقطة عند "بيت الدرج" في منزل أولمرت ، ولكل الذي استطيبوا اللقاءات الماراثونية على مائدة ليفني وباراك ، فما بثته القنوات الفضائية من جرائم في الخليل ، يعكس النوايا والتوجهات الحقيقية للسياسة الإسرائيلية ، وكل ما عدا ذلك زيف ونفاق وشراء للوقت.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات