رسائل إسرائيل


ادعت اسرائيل أنها لم تعترض طريق سفينة المساعدات الليبية التي كانت في طريقها الى غزة امس. وقال الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي ان الزوارق العسكرية وجهت فقط "رسالة" الى قبطان السفينة ، وانه هو الذي قرر العودة من تلقاء نفسه بعد تلقي تلك الرسالة.

ويبدو ان اسرائيل تريد ان تحمل القبطان المسؤولية في ما حدث ، موحية انها وجهت له رسالة محبة وسلام وانه هو الذي لم يفهم مغزى الرسالة وقرر ان يعود من حيث أتى،، وفي الحقيقة ، فإن القبطان لا يلام ، فقد تلقى الرسالة بوضوح وفهم مغزاها وقرر ألا يعرض سفينته وطاقمه لما حملته الرسالة من تهديدات ، ولا يحتاج المرء الى ذكاء خارق ليستوعب رسائل اسرائيل ، فقد تعود العرب على فك شيفرة الرسائل الاسرائيلية التي لا تحمل سوى لغة العنف والتهديد والوعيد.


وليس من المبالغة القول ان اللغة الوحيدة التي تعرفها اسرائيل لمخاطبة العالم العربي هي لغة القتل والدمار والبطش والترويع.


وحتى عندما يرسل معتدلو العرب رسالة سلام لاسرائيل ، كما فعل زعماؤهم في قمة بيروت عندما اطلقوا عام 2002 مبادرة السلام العربية ، فقد ارسل شارون رسالة مضادة للعالم العربي بدباباته التي صبت حممها على المدنيين الابرياء واحالت حياتهم الى جحيم.


وقد تعود الفلسطينيون تحديدا على قراءة الرسائل الاسرائيلية ، فهم يوقعون معها الاتفاقات ويعدلون ميثاقهم الوطني ليعلنوا قبولهم باسرئيل واعترافهم بها ، مبدين كل استعداد للتفاهم والحوار والتعايش معها ، اما هي فإنها ترد بمصادرة المزيد من الاراضي وبناء مستوطنات جديدة او اقتحام مدن آمنة او قتل المدنيين الابرياء. كما انها ترد بتهويد الارض واستكمال بناء الجدار العازل واعتقال الشباب تحت مختلف الذرائع.


ان قراءة هذه الرسائل الاسرائيلية لا تحتاج الى عبقرية خارقة ، فهي ثابتة في مضمونها الدموي العنيف ، وفي لهجتها الاستعلائية المنفرة. وتزداد عدوانية هذه الرسائل الإسرائيلية اذا ما جاءت ردا على خطة سلام عربية. في هذه الحالة ، فإن الرسائل الاسرائيلية تصل الى ذروة دمويتها وبطشها،


ومن هنا ، ورغم ان اسرائيل لم تعلن عن فحوى "الرسالة" التي وجهتها للقبطان الليبي ، فإن احدا لا يحتاج الى ذكاء خارق ليدرك مضمونها ، فهي لا تختلف عن مضمون كل الرسائل التي وجهتها اسرائيل للعالم العربي ، وهي تنحصر جميعها في اطار القتل والعنف والدمار... لذا ، فقد فهم القبطان الرسالة وقرر النجاة بحياته وانقاذ حياة طاقم السفينة. ولا بد ان القبطان استحضر روح قبطان طائرة الركاب الليبية التي اسقطتها اسرائيل فوق شبه جزيرة سيناء عام 1973 ، فقد وجهت اسرائيل اللوم للقبطان آنذاك وقالت انه استخف بمضمون "رسالة" اسرائيلية طالبته بالهبوط في قاعدة جوية اسرائيلية.


اما الان ، فقد غدونا متمرسين في تحليل الخطاب الذي يصدر عن اسرائيل ، اذ ان مضمونه يتكرر في كل مناسبة ، كما ان لغته منغمسة في مستنقع القتل والدمار.


يبدو ان اسرائيل لا تجيد لغة أخرى غير لغة العنف والتهديد ، ومن يتوقعون منها غير ذلك واهمون ، ولن يجنون من رهانهم سوى السراب.


www.nabil-elsharif.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات