من الغرب المسيحي إلى الشرق الهندوسي


شبّه معلقون تفجيرات مومباي بتفجيرات 11 أيلول، من حيث ضخامة وخطورة العملية الإرهابية التي ضربت قلب العاصمة التجارية للهند. ونحن نريد أن نراهن على حكمة القيادة الهندية، فلا تذهب مثل بوش إلى حرب "صليبية" تُذكي نزاع الأمم، وتفاقم صراع الحضارات والأديان، بدل سحب البساط من تحت أقدام المتطرفين وأجندتهم، القائمة بالذات على تأجيج الأحقاد الدينية والعرقية.

 حزب المؤتمر الهندي الحاكم في وضع صعب للغاية، والمعارضة الهندوسية المتشددة (الحزب القومي الهندوسي) تضغط، والمجزرة  أعطتها السلاح لدق طبول الحرب، بينما يواجه الحزب الحاكم، العلماني المعتدل، الذي انتخب مسلماً رئيساً للدولة، اتهامات التقصير والتهاون، لدرجة اضطر معها عدد من وزرائه للاستقالة، وهو تحت ضغط شديد لتنفيذ ردّ عسكري ضخم، لكن على العالم أن يقدم أقصى دعم وتضامن مع الحزب، للصمود أمام دعوات المواجهة والانتقام، وميدانها المرجح اجتياح كشمير الباكستانية، حيث يرابط "عسكر طيبة" المتهمين بالتفجيرات، وهو ما قد يفتح حرباً شاملة مع باكستان، إضافة لاحتمال تفجر حرب داخلية بين الهندوس والمسلمين، وهم "أقلية" من 150 مليون إنسان في الهند، أي ما يعادل أمّة كبرى.

 حكومة باكستان بريئة حتماً، وآخر ما يحتاجه آصف زرداري هو  تفجير هذه المواجهة، مع كل متاعبه الداخلية، والمواجهات مع التطرف والإرهاب، والانقسامات العرقية والطائفية. لكن قد تكون بعض الأوساط العسكرية أو الأمنية المعادية للائتلاف الحاكم، على صلة ما بالأمر. والحكومة تنبه أن التوتر على الحدود الهندية سيدفعها لسحب قواتها من خط المواجهة على الجبهة الأخرى من الحدود مع القاعدة وطالبان وحلفائهما، والمفارقة أن الحرب هذه المرّة ستطيح بوحدة واستقرار البلدين معاً، وسوف تنفتح مساحة هائلة غير مسبوقة في سعتها وكثافتها السكانية للعنف والتطرف والإرهاب وأشكال الصراع العرقي والمذهبي، حيث لا ينفع تدخل ولا إرسال "قوات حفظ سلام".

يجب أن يكون تدخل العالم قوياً جداً لتدارك الموقف، ومن الملفت أن فتح هذه الجبهة الجديدة يتزامن مع انحسار قدرة وفعالية قوى التطرف والإرهاب غرباً، والمرشحة لمزيد من الانحسار مع تولي اوباما السلطة، وحدوث تحول في السياسة الدولية للولايات المتحدّة. ضخامة الضربة وعنفها يوحيان بأن ثمة قراراً واعياً يقف وراء هذا التحول شرقاً، لفتح خط مواجه جديد هندوسي - مسلم، قد يكون للقاعدة دور فيه.

تأثير خطاب القاعدة يتراجع كثيراً في منطقتنا، ويتقوى تأثير الخطاب الإسلامي العقلاني والمعتدل، في ضوء النتائج الكارثية الملموسة لنهج العنف الدموي الأعمى. لكن هذا النهج يجد الآن تربة أخرى خصبة شرقاً، وكلما أوغل بعيداً في بيئة ولغة خاصّة به قلّ تأثيرنا عليه، والحق أن الكرة في ملعب القيادة الهندية، لتستفيد من تجربة بوش البائسة، فتفوت الفرصة على انفتاح الجبهة الجديدة بحصر الردّ بالعمل الأمني الاستخباري، وعدم التصعيد، واللجوء إلى التعاون مع باكستان، التي تعاني هي نفسها من وباء الإرهاب.



تعليقات القراء

قاعدي متفهم
خطاب القاعدة استغلته الاله الاعلامية الغربية باتجاه المسخ
ونتفق ان الاسلام دين الاعتدال والتوازن
لكن متى سيستفيق العرب والغرب على غلو وتطرف الصهيونية التي وقفت وراء استثمار مطبات الاسلاميون التي كانت بمثابة كبوة الحصان في تطبيق وجهات نظر اسلامية لم تخدمها معطيات النظام العالمي الجديد
03-12-2008 12:27 PM
اخطبوط
الوضع هناك تنفذه ايدي اخطبوط سيخ واسلاميون متشددون لا يفقهون العربية بالاضافة ليد الصهيونية السوداء
03-12-2008 12:30 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات