الفيصلي والوحدات .. تخبيص أردني بامتياز


مباريات الفيصلي والوحدات.. المسلسل التراجيدي المستمر والحلقة الجديدة التي شاهدها العالم يوم أمس الجمعة تثير أكثر من تساؤل وترسم أكثر بكثير من مجرد علامة تعجب حول السر الكامن وراء انتهاء معظم مباريات الفريقين بكارثة!!
هل هو الفصام الذي يصور للبعض من مشجعي الفريقين أنهم في طريقهم لتحرير القدس وبغداد، وتصور للبعض الآخر أن كأس بطولة الدوري الأردني يستحق كل هذا العنف ويساوي هذه الدماء الأردنية الزكية التي تسيل رخيصة فداء" لعنجهية البعض ولتعصب البعض الآخر بدلا" من أن تراق على أبواب القدس ويافا وعكا؟!
فإذا عدنا إلى شريط الأحداث نجد أن المباراة انتهت على خير وبدأ خروج جماهير النادي الفيصلي وكان يفترض أن تتبعها جماهير نادي الوحدات حتى لا يحصل أي تداخل بينهما منعا" للاحتكاك.. فما الذي حصل؟!
عدد لا يكاد يذكر من جماهير الوحدات- وهؤلاء لا يتعدى عددهم أصابع اليدين- رددوا هتافات لا علاقة لها بالمباراة وأخذتهم الحمية وربما ظنوا أنهم بفوزهم أمس قد أعادوا إلينا بحيرة طبريا وحلوا مشكلة شح المياه في الأردن إلى ا؟لأبد؛ أو أعادوا للعرب هضبة الجولان ولواء الاسكندرونة.. مما استفز عددا" من عناصر الدرك؛ الذين لا يصح بأي حال من الأحوال أن ينجروا لأي استفزاز لأنهم موجودون لحفظ النظام لا ليكونوا طرفا" في مشكلة أو سببا" لحدوثها؛ ولم ينصبهم أحد ليدافعوا عن ناد معين بل كان يجب أن يكونوا على مسافة واحدة من الجميع ولا يجب أن ينسوا أو ننسى نحن بأي حال من الأحوال أن جماهير نادي الوحدات هي جماهير أردنية تماما" كجماهير النادي الفيصلي ولديها من الغيرة على هذا الوطن والحب له ربما أكثر من كثيرين ممن يظنون أن الوطن لم يوجد إلا لهم ولن تحميه سوى سواعدهم.. لا بد من وقفة مع الذات للوقوف على أسباب ما حصل ومنع تكراره بأي حال من الأحوال حتى لو كان الثمن حل الناديين أو استبدال إدارتيهما أو اسميهما أو تهبيطهما إلى الدرجة (السادسة)!!
ما حصل أمس في القويسمة وما تبعه من أحداث مؤسفة كان وصمة عار على جبين كل واحد منا وعيب ينافي كل الأعراف والقيم والأخلاق التي تربينا تحت ظلالها طوال حياتنا.. فنهر الأردن لم يوجد ليضع حدا" فاصلا" بين الضفتين بل وجد ليوحدهما ويوحدنا ولا يحق لأي كان أن يقرر وضع خط أحمر بين أحلامنا وآمالنا.. لا لشيء سوى أن عبثيته أرادت ذلك.. أو أن أعصابه فلتت لتنتج سيلا" من الغضب بين من كانوا قبل دقائق فقط يمسكون ذات الراية ويقاتلون بذات السيف كل أعداء هذا الوطن الذي احتضن بكائنا ومسح دموعنا ولملم جراح الأيام التي لازمت طفولتنا وشبابنا وكهولة بعضنا.. وأذاب كتل الأحزان التي غطت شفاهنا وتوحدت مع مساحات التيه بين أصابعنا المتشابكة مذ تفتحت قلوبنا وعيوننا وأسماعنا لتجد أن ألوان راياتنا نسجتها نفس الأكف ورفعتها عاليا" نفس السواعد وماتت في سبيل أن تبقى خفاقة عالية في السماء نفس الأرواح التي زرعت فينا حب عمان وإربد والكرك والزرقاء والطفيلة ومعان كما حب القدس واللد وصفد والرملة والخليل ويافا وعكا.. فيا من أنستك العزة بالإثم من أنا ومن أنت.. وطارت بك لحظة غرور بعيدا" عن شوارعنا التي شهدت كيف عطشنا وارتوينا معا" وجعنا وشبعنا معا" وأن أبصارنا اعتادت أن تنظر لنفس الاتجاه معا" وتحيد عن اتجاه آخر معا".. وأن ذات الشمس تطلع علينا كل صباح وأننا نتلحف كل مساء ذات السماء ونحب جميعا" ذات القمر ونتفاءل بذات النجوم وتبللنا كل شتاء ذات القطرات التي تهطل من ذات الغيمة.. وأننا نسكن ذات الحارات العتيقة المعبقة بسحر شرقنا الأشم ونتنفس ذات النسمات الوليدة من بين ثنايا شجر الزيتون الذي روته قطرات العرق التي أنجبها جبيني وجبينك.. أفق من سباتك وتذكر أن من أصيب أمس هو ولدي وولدك وأن من أصابه هو ولدي أو ولدك الآخر.. وأن من تسبب بما حصل يجب أن يقدم لمحكمة أمن الدولة بتهمة قتل أحلامي وأحلامك بأمة عربية واحدة؛ وبتهمة جعلنا أضحوكة أمام العالم أجمع طوال الليلة الماضية!!
ayman_dolat@yahoo.com



تعليقات القراء

محمود حسين
مقاله جميله لكنها لاتحل المشكله
11-12-2010 02:12 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات