غزة والبحث عن الحل السياسي


رفض العدوان والحصار والتجويع الذي يفرضه الاحتلال قاسم مشترك ليس بين العرب والمسلمين، بل حتى بين كل من يؤمن بالحقوق الإنسانية الأساسية للبشر.

فما يجري هو استمرار لنهج العدوان الصهيوني، ما يحتاج الى معالجة تتجاوز الجانب الانساني. فأهل غزة ليسوا اسرا فقيرة تحتاج للدموع، وقضية فلسطين ليست مشاهد انسانية بل قضية سياسية كبرى.

وما سجلته الشهور الماضية أنّ كيان الاحتلال يرسل بين الحين والآخر رسالة واحدة، لكن بكل اجرام وعنجهية. والرسالة تقول ان حق اهل غزة في الحياة واساسياتها مقابل وقف اي عمل من أعمال المقاومة.

وهناك عملية تضخيم ومبالغة صهيونية متعمدة لآثار الصواريخ المرسلة احيانا من غزة حتى يضعها في مقابل عملية الحصار واغلاق المعابر، وهذه القضية تعاملت معها حماس، ولهذا عقدت الهدنة مع اسرائيل بعد مفاوضات غير مباشرة بوساطة مصرية، وصمدت هذه الهدنة شهورا لكنها تعرضت لانتكاسة مؤخرا ما فتح الباب مرة أخرى للحصار الصهيوني الظالم.

بالتفاصيل، فإنّ معاناة أهل غزة تأتي من ثلاثة مسارات، ولكل منها وزن مختلف في إدامة الحصار، لكن لكل منها أفقاً للحل، لأن عدم إيجاد الحلول يعني أننا بين حين وآخر سنشهد ما شهدناه خلال الأيام الماضية، وستمارس اسرائيل ذات الرسالة التي هي سياسية وليست أمنية. وإذا بتقديري فإنّ المسارات السياسية للحل تتمثل في:

1- المسار الأصعب، مع كيان الاحتلال، وهو عملياً المسار الأسهل، لأن حماس قبلت بالحل السياسي مع اسرائيل الذي يقوم على مبدأ اساسي وهو وقف المقاومة مقابل فتح المعابر، وسواء كانت الهدنة لعام أو أكثر فإن الموافقة تمت، وتجددت الموافقة قبل يومين عندما أعلنت حماس التزامها بالهدنة وأعلنت اسرائيل حرصها عليها أيضا.

هذا المسار تريده حماس ويريده الاحتلال، ولكل منهما مصلحة، فحماس اليوم ليست تنظيما اولويته تسجيل المواقف او إحراج السلطة بل سلطة تريد إطعام الناس وتأمين العلاج والكهرباء والسفر، والتهريب عبر الأنفاق لا يديم حياة مليون ونصف مليون من الناس.

حماس وافقت، بل سعت، على التهدئة عبر اتفاق سياسي مع المحتل أفرزته مفاوضات غير مباشرة برعاية مصرية، والعلاقة مع الاحتلال هي اصعب انواع العلاقات، لكنها تحققت وتم الاتفاق. لكن هذه التهدئة يتم اختراقها بعدوان صهيوني او ردة فعل من فصيل او عدم التزام من بعض من يملكون الصواريخ، لكن الحل السياسي هذا متوفر ومتفق علية بين الطرفين.

2- المسار الثاني متعلق بمعبر رفح الذي يربط غزة بمصر، وهذا مشكلته سياسية، وربما علينا أن نعترف أنّ الاحتلال نجح من خلال انسحابه الأحادي أن يحول جزءا من مشكلة غزة من قضية احتلال إلى مشكلة فلسطينية مصرية.

وإذا تحدثنا بمنطق الدول فإن مصر لا تريد أن تكون موضع نقد بأنها تغلق المعابر وتشارك في الحصار. فهناك قضية مهمة، تتمثّل بالخوف المصري مما يطرحه الاسرائيليون والأميركيون بأن الخيار المصري هو الحل لمشكلة غزة، اي ضم غزة إلى مصر.

الحل ليس شتم مصر او حصار شعب غزة، بل حل سياسي، يفتح معبر رفح لكن من دون أن يحمل هذا ابعادا سياسية او يخدم فكرة الخيار المصري.

3- أما مصدر المعاناة الثالث فهو الانقسام السياسي بين سلطتي الشعب المحتل. فهناك معاناة صنعتها الحرب الأهلية الفلسطينية، وربما يعرف اهل غزة أن التداخل النظري للسلطتين، لا يحله إلا إنهاء العبث الفلسطيني أو الانقسام التام وإعلان إمبراطوريتين مستقلتين في غزة ورام الله، مع أنّ السلطتين كليهما لا تجدان كهرباء تضيء قاعات وبيوت الزعامات إلاّ إذا سمح الاحتلال بدخول النفط والكهرباء.

sameeh.almaitah@alghad.jo   



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات