فنانون أردنيون تركوا بصمات على الساحة الفنية الأردنية


مقدمة لا بد منها:
... شهدت فترة الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي، حضور سياسي، واهتمام حكومي بالأغنية الأردنية، إذ تدخل الشهيد هزاع المجالي أكثر من مرة في تركيبة الأغنية الأردنية، وأكثر من مرة تدخل الشهيد وصفي التل في تغيير بعض المفردات، والجمل الموسيقية، بل لقد وصل الأمر بالرئيس وصفي التل أن كتب هو وحابس باشا المجالي، قصائد وأكملها عدد من الشعراء؛ غنتها المطربة سلوى بصوتها الجميل...

كتب تحسين التل:- عندما أطربت الفنانة اللبنانية دلال الشمالي الجمهور الأردني، وجعلت قلوبهم تتراقص على أغنية؛ أردن يا مهد العلا نسبا، يا موطناً قد عانق الشهبا، آمنت فيك على المدى وطناً رغم النوائب يفعل العجبا... كان هناك على الخط المقابل؛ رموزاً قدموا أغان وطنية ما زال الجمهور يرددها ولا ينساها أبداً، وكانت على ذات الخط الفنانة سميرة توفيق، والفنانة هيام يونس، ويبدو أننا كنا نتأثر كثيراً بالفن اللبناني، فأخذنا منه بقدر ما ترك الكثير من البصمات على الساحة الفنية.

غنت دلال الشمال، أردن يا مهد العلا نسبا، وأبدعت في الغناء، وغنت سميرة توفيق العديد من الأغاني الوطنية الأردنية: حنا كبار البلد وحنا كراسيها، بالله تصبوا هالقهوة، يا هلا بالضيف، حسنك يا زين، وأسمر خفيف الروح للفنان توفيق النمري، وللعلم، الفنانة سميرة توفيق أصلها من حوران السورية القريبة من الحدود الأردنية، انتقل والدها الى لبنان في بدايات القرن الماضي، وعمل في ميناء بيروت، واستقر في لبنان، أما تاريخ ميلاد الفنانة سميرة توفيق فكان عام (1935)، وقد ولدت في منطقة الجميزة من أحياء العاصمة بيروت، وغنت اللبنانية هيام يونس مع الفنان الأردني الذين شكلا ثنائياً جميلاً في عدد من الأغاني، مثل: سافر يا حبيبي وارجع، ومن هذا المنطلق كان الفنان الأردني يقدم إبداعات فنية لا مثيل لها، وبصراحة كانت الساحة الفنية الأردنية تشهد نوعاً من التنافس الأردني العربي، وكان هذا التنافس يصب في مصلحة الفن الأردني، والذائقة الفنية عند المواطن.

مقابل هذا التنوع كان يتقلب على الساحة الفنية؛ نجوم شقوا طريقهم نحو النجومية العربية من خلال الأغنية الأردنية، ذات الكلمات الرصينة، والبليغة، والأداء الرائع، والمتنوع والذي كان يؤديه الفنان العربي، والأردني، ومن المؤكد أننا لن ننسى المطربة العالمية فيروز؛ عندما دعمت الأغنية الأردنية بأغاني وطنية، لا زال الناس يرددونها، ويتذكرونها بشيء من الفخر، مثل أغنية؛ أردن أرض العزم، أغنية الضبا، وأغنية عمان في القلب...

كان هناك عدداً من الفنانين الأردنيين، يتجولون في الساحة الفنية الأردنية، والعربية، والعالمية، وهم برأيي، لا يقلون قدرة عن المطربين العرب في مجال الكتابة، والتلحين، والغناء، والتمثيل، هناك؛ اسماعيل خضر، وتوفيق النمري، ومحمد وهيب، وفؤاد حجازي، سلوى وجميل العاص، وميسون الصناع، وسهام الصفدي، والقائمة طويلة، لذلك نتناول بعضهم في هذا التقرير، ونبدأ بصاحب أحد أقوى الأصوات الأردنية والعربية:

- المطرب إسماعيل خضر:
ولد المطرب إسماعيل خضر (عام 1939)، ويُعد من أشهر المطربين الأردنيين، لما يمتلكه من حنجرة ذهبية، قلما تجد مثيلاً لها بين الأصوات العربية.
غنى في بداية مسيرته الطويلة للموسيقار فريد الاطرش، وللموسيقار محمد عبد الوهاب، وظل يقلد حتى بداية عام (1962)، عندما قدم أول أغنية خاصة به، وكانت أغنية: على جناح الطير لابعث سلامي، وأغنية يا طير يا طاير، تلك الأغنية التي اشتهرت في البلاد العربية، وخصوصاً في مصر، وقد غناها العديد من المطربين، مثل: محمد منير، وأبدع فيها.

غنى المطرب اسماعيل خضر؛ قصائد كتبها الشاعر الأردني حيدر محمود، ولحنها جميل العاص، غنى المطرب اسماعيل: وضاء وجهك يا بلدي، للشاعر عمر أبو سالم، والحان اميل حداد، وغنى: انا من العقبة يا عيوني، وأبدع في أغنيته الوطنية: أنا الأردن.

توفي إسماعيل خضر عام (2015) عن عمر ناهز ستة وسبعين سنة.

- المطرب توفيق النمري:
ولد عام (1918) في بلدة الحصن - محافظة اربد، اشتهر بتقديم الأغاني الشعبية من واقع المجتمع الأردني، وكان من المؤسسين للأغنية الشعبية الأردنية، وكان يزور القرى والبوادي للاستماع الى الأغاني، والأهازيج الشعبية، وما كان يُغنى في الأفراح والتعاليل، وتشكل لديه أرشيف من الأغاني والكلمات التي كانت تتردد في كثير من المناسبات الأردنية، إن كانت مناسبات حزينة، أو غير ذلك.

بلغت أعمال توفيق النمري ما يقارب سبعمائة وخمسون عملاً فنياً، محفوظة في أرشيف الإذاعة والتلفزيون، كما قدم أعمالاً راقية مع مشاهير الغناء العربي: وديع الصافي، سميرة توفيق، كروان دمشق، ولحن لنجاة الصغيرة، وهدى سلطان، ونصري شمس الدين.

قدم الفنان توفيق النمري: أسمر خفيف الروح مع سميرة توفيق، وأغنية حسنك يا زين مع وديع الصافي، وأغنية والله لأتبع محبوبي، لكروان دمشق، ولحن لنجاة الصغيرة، وغيرها من المطربين والمطربات، وتعتبر أغاني وألحان النمري من أجمل ما قدم للفن العربي في فترة الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الفائت.

توفي الفنان توفيق النمري عام (2011)، عن عمر ناهز ثلاثة وتسعين عاماً، ودفن في بلدة الحصن مسقط رأسه.

- الفنان جميل والمطربة سلوى العاص
ولد الموسيقار جميل العاص عام (1928)، وهو ملحن أردني، وأول ملحن في العالم العربي يحصل على لقب موسيقار من بريطانيا.

لحن العديد من القصائد والكلمات لزوجته سلوى العاص، ولإبنته رويدا العاص، وقدم الألحان على المستوى العربي، لحن للمطربة العربية الكبيرة نجاة، والمطربة فايزة أحمد، ووردة الجزائرية، ومحمد منير، ووديع الصافي، وهيام يونس، وسميرة توفيق، ولعدد من الفنانين الأردنيين، مثل: إسماعيل خضر، وسهام الصفدي، وفؤاد حجازي.

توفي العاص واستمرت المطربة سلوى على ذات الدرب، وما زالت تصدح بالأغاني التي لحنها لها قديماً، مثل اتخسى يا كوبان، وهذه القصيدة كتب مقدمتها الشهيد وصفي التل، والمرحوم حابس المجالي، والشاعر زيد فريز، وغنتها سلوى أمام الملك الراحل، وانتشرت كالنار في الهشيم، وأصبحت تُبث باستمرار في الإذاعة الأردنية لأنها من الأغاني الحماسية التي يفضل سماعها الجندي الأردني.

وأغنية بين الدوالي، وأغنية؛ رفن رفوف الحجل، الخاصة بالشهيد وصفي التل التي كتب كلماتها الشاعر المرحوم حبيب الزيودي، وغنتها المطربة سلوى، وجاء لحنها على غرار الأغنية الشعبية من الفلكلور الشامي، وعلى نمط: يما موال الهوى.

لحن المرحوم جميل العاص عدداً من الأعمال الفنية والتلفزيونية، وكان أغلبها للفنانة سميرة توفيق:
- فيلم البدوية العاشقة: بطولة كمال الشناوي وسميرة توفيق عام (1963).
فيلم بنت عنتر: بطولة فريد شوقي وأحمد مظهر وسميرة توفيق عام (1964).
- فيلم حسناء البادية: بطولة سميرة توفيق عام (1964).
- فيلم الغجرية العاشقة: بطولة سميرة توفيق عام (1974).
- فيلم القاهرون: بطولة فهد بلان وسميرة توفيق عام (1967).
- مسلسل الهجرة إلى المستقبل: بطولة هناء ثروت عام (1977).
- مسلسل عروة بن الورد: بطولة أسامة المشيني وقمر الصفدي عام (1978).
انتقل جميل العاص الى رحمة الله تعالى عام (2003)، عن عمر ناهز خمسة وسبعين سنة، وترك خلفه إرثاً كبيراً من الأغاني والألحان الأردنية والعربية.

- المطربة سهام الصفدي:
ولدت المطربة سهام عام (1954) في محافظة الزرقاء، وانتقلت الى عمان بعد أن أنهت دراستها المدرسية، وتقدمت لبرنامج الهواة فاكتشفها عازف القانون الملحن إميل حداد، وكان برنامج اكتشاف الهواة من أنجح البرامج الموسيقية التي أدت الى اكتشاف العديد من الهواة والمطربين فيما بعد، ومن بينهم الفنانة سهام الصفدي.

قدمت مجموعة من الأغاني الوطنية والعاطفية، منها:
- خلي يا خلي، غناء وكلمات والحان محمد وهيب وسهام الصفدي، دويتو.
- يما طل وحياني، كلمات جورج حداد، وألحان توفيق النمري عام (1982).
توفت الفنانة سهام الصفدي بحادث سير وهي في عز شبابها، عام (1997) عن عمر ناهز ثلاثة وأربعين عاماً.

- الفنان عبد الله الصرايرة:
الفنان الصرايرة؛ ممثل وكاتب اغاني وملحن، ويعتبر من الجيل الثاني الذي تلا جيل الرواد، عاصر محمد وهيب، واسماعيل خضر، وصبري محمود، وغيرهم الكثير من الفنانين والمطربين الأردنيين والعرب، وغنى له شكري عياد، واسامة جبور، ومنى حداد، وانوشكا.
قدم الفنان عبد الله الصرايرة اغنية: ما احلى الدار والديرة ونبع الفوار، وهي من كلماته والحانه، وكذلك أغنية: سمرا ياسمرا، الأغنية التي أطربنا بكلماتها الفنان المصري كارم محمود.

توفي الفنان عبد الله الصرايرة في (29- 5 - 2017).

- مطرب الربابة عبده موسى:
ولد الفنان عبد موسى في مدينة إربد عام (1927) وهو مغني نوري الأصل، عاش يتيم الأب منذ طفولته، ومارس موهبته الغنائية منذ الصغر، وكان أول من اكتشفه الرئيس هزاع المجالي.

يُعد الفنان عبده موسى أحد رواد الأغنية الأردنية في الستينات والسبعينات من القرن العشرين، وأبرع من عزف على آلة الربابة على مستوى الأردن، وقد غنّى مع هيام يونس، وشكل معها ثنائياً مهماً، وكان قد درّب الفنان السوري دريد لحام على أداء أغنية: يا عنيد يا يابا، التي غناها في مسلسل صح النوم الجزء الثاني، وتم تصويره في الأردن.

كان يفضل التلحين على الغناء، فقدّم العديد من الألحان لفنانين مثل غادة محمود، وسميرة توفيق، وسهام الصفدي، ودلال الشمالي، وسلوى العاص، وسعاد توفيق، وسماهر.

اشتغل في الإذاعة الأردنية بقرار من دولة وصفي التل عندما كان مديراً للإذاعة الأردنية، عام (1958)، وشارك في العديد من البرامج، منها: مضافة أبو محمود، وكانت تناقش مشاكل وهموم المجتمع الأردني، وتُعد مضافة أبو محمود من أشهر البرامج الأردنية في تلك الفترة.

من المفارقات العجيبة أن دولة الرئيس وصفي التل عندما علم أن عبده موسى أمي لا يقرأ ولا يكتب، قام بتعيّن أستاذ لغة عربية، ليعلمه القراءة والكتابة حتى يستطيع قراءة كلمات الأغاني، أو المساهمة في تعديلها.

غنى عبده موسى في لندن بصحبة الفنان عبد الحليم حافظ، حيث قام بتقديمه للجمهور، وأطلق عليه لقب مطرب الصحراء العربية، وقد نال العديد من الجوائز التكريمية خلال مسيرته الفنية القصيرة، وكان أهمها: أحسن مطرب وعازف على آلة الربابة في مهرجان تونس، عام (1971)، وجائزة الدولة التقديرية في ذلك الحين.

من أغاني الفنان عبده موسى المعروفة والمشهورة:
- جديلي يام الجدايل مع الفنانة اللبنانية هيام يونس.
لاطلع ع راس الجبل - سافر يا حبيبي وارجع مع هيام يونس.
مرين وما معهن حدا - نزلن على البستان يا عنيد يا يابا مع غادة محمود.
توفي الفنان عبده موسى عام (1977)، وكان في قمة العطاء، عن عمر ناهز خمسين عاماً.

- المطرب الأردني فؤاد حجازي:
مطرب أردني، بدأ حياته الفنية في الإذاعة الأردنية عام (1965)، وعمل لمدة أربع سنوات، انتقل بعدها للتمثيل في سوريا من عام (1969 ولغاية عام 1975)، وقام بالبطولة المطلقة في فلم بنات للحب، وفلم رحلة عذاب مع ناهد شريف، وتوفيق الذقن.

- المطربة الأردنية ميسون الصناع:
غنت بعض الأغنيات الأردنية، ولم تستمر طويلاً بالغناء، ومما ردده الناس في ذلك الزمن الجميل بعض من أغانيها، وكانت على العود وليس من خلال الفرقة الموسيقية، مثل:
يا عنيّد يا يابا - يا هبوب الشمال - يا خيّ أنا وإياك ع الغور نزرع بساتيني - قطعت انا حدود سوريا وانا على الغالي دواره - يا صاحب الشيك وافتح لي ومن الكرك جيت زواره.

- محمد وهيب:
مطرب وملحن أردني من أصل فلسطيني، ولد في مدينة القدس، نشأ وترعرع فيها، ويعتبر الفنان محمد وهيب من الفنانين المخضرمين الذين عاصروا عمالقة الغناء العربي، مثل فريد الأطرش، وعبد الحليم حافظ، وغيرهم.

درس الموسيقى في القاهرة على أيدي كبار الفنانين المصريين، وهو من أوائل مَن عملوا في الإذاعة الأردنية في رام الله، وانتقل بعدها الى عمان.
أغاني محمد وهيب: خلي يا خلي مع سهام الصفدي - منوع الحب ممنوع - كيف أنام الليل يا سليمة -شيلي هالنظارة – انت إبني وانا ببني تنعمر لابنك وابني.

للأسف كانت الحركة الفنية في القرن الماضي أفضل بكثير من الحركة الفنية في الألفية الثالثة، إذ بالرغم من التقدم العلمي، والتكنولوجي، وبالذات التطور الموسيقي، كان الفن أيام زمان أفضل من ناحية الكلمة، واللحن، والغناء، أصبحنا نسمع أغاني ربما لا تدوم في الأذن أكثر مما تدوم ساندويشة الفلافل في فك الجائع.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات