خطة تنموية شاملة جديدة



لم يثر إعلان وزير التخطيط والتعاون الدولي منذ يومين عن توجه الحكومة لإعداد خطة تنموية شاملة جديدة الكثير من الإهتمام، برغم التصريح الصحفي المسهب والمعد بعناية، فالناس منشغلة بالهموم والمشاكل التي تحاصرها من كل حدب وصوب، فجائحة كورونا وآثارها الصحية والإقتصادية القاسية والمستمرة تخيم على الجميع بما فيها الحكومة وأجهزتها المختلفة، والقلة المهتمة بالإستحقاق الدستوري القادم لا ترى غيره أولوية أو محط اهتمام.
وفي التفاصيل أفاد الوزير بأن الخطة التنموية الجديدة سوف تستند إلى مراجعة لوثيقة الأردن 2025 على مستوى الأهداف الوطنية ومؤشرات الأداء المستهدفة، وسوف يتم إعدادها وفق أفضل الممارسات في هذا المجال من حيث اتباع نهج التشاركية مع كافة الجهات ذات العلاقة، مع وضع مؤشرات أداء واضحة وقابلة للقياس مع قيم مستهدفة على المستوى الوطني، وأن الخطة سوف تلبي حاجة ملحة في هذه المرحلة للنهوض بالإقتصاد ولمساعدته على تخطي تداعيات كورونا للأعوام القادمة، من خلال برنامج تنفيذي تنموي للسنوات 2021- 2023.
إن الحديث عن خطة تنموية "شاملة" جديدة، يستدعي استحضار التاريخ الطويل للخطط والإستراتيجيات التنموية المتلاحقة والتي لم ينفذ منها إلا القليل وبشكل جزئي ولفترات قصيرة جداً، وهنا نذكر على سبيل المثال لا الحصر مبادرة "الأجندة الوطنية" التي أطلقت عام 2005 ولم ينفذ منها شيء، وبرنامج تحفيز الاقتصاد الأردني 2018-2022 والذي ذهب إلى غياهب النسيان بعد شهرين فقط من اطلاقه بسبب استقالة الحكومة التي وضعته، وبالتالي يصبح موضوع مؤشرات الأداء القابلة للقياس لا قيمة له، لعدم التنفيذ كلياً أو جزئياً أو لعدم كفاءة وفاعلية الخطة نفسها، وحتى لا نذهب بعيداً في التاريخ نذكر أن وثيقة "الأردن 2025" والتي يفترض أنها قيد التنفيذ حالياً، قد استهدفت تخفيض نسبة الفقر عام 2021 والذي نحن على مشارفه حالياً إلى (10%)، ونسبة البطالة إلى (10.8%)، في حين أن تقديرات معدلات كل من الفقر والبطالة قد اقتربت هذا العام من نسبة (20%) لكل منهما وقبل انفجار جائحة كورونا ..... !!!!.
لذا على وزارة التخطيط والتعاون الدولي وقبل المباشرة بالعمل على أية خطة تنموية جديدة تحديد الأسباب والمعوقات التي حالت سابقاً وما زالت تحول دون تحقيق النتائج والمخرجات المستهدفة من الخطط والبرامج التنموية، والقيام بمعالجتها، وبغير ذلك تصبح المباشرة بوضع أي خطة جديدة عملية عبثية لا طائل تحتها، تستنفذ الوقت والجهد والموارد دون أية نتيجة ملموسة.
وبخصوص البرنامج التنموي الجديد تحديداً، نتساءل عن مدى ملائمة التوقيت الحالي لإعداد مثل هذا البرنامج والذي سوف يغطي فترة السنوات الثلاث القادمة، خاصة في ظل الأوضاع الحالية والتي تتسم بعدم اليقين وصعوبة التنبؤ بما سوف تؤول إليه الأمور ليس في الشهور والسنوات القادمة فقط وإنما في الأيام والأسابيع المقبلة، ما هي الإفتراضات التي سوف تستند إليها الخطة القادمة، والتي أبرزها موعد إنتهاء جائحة كورونا، والتي يقف العالم بأسره عاجزاً عن الإجابة عن هذا السؤال .....
لم نشهد خلال الأشهر الماضية والتي اعقبت تفشي وباء كورونا أي نشاط رئيسي لوزارة التخطيط والتعاون الدولي في مجال التخطيط تحديداً، وعودتها إلى هذا المجال عودة محمودة ومرحب بها، ولكن ليس بالإنشغال في وضع خطة متوسطة المدى علمتنا التجارب السابقة أن حظها من التنفيذ سيكون يسيراً، فما نحتاجه اليوم وبشكل ملح لا يقبل التأجيل هو وضع خطة طوارىء تغطي الأشهر الثلاثة أو الأربعة القادمة لمحاولة وقف الإنهيار في العديد من القطاعات الاقتصادية قبل فوات الأوان، وغير ذلك سيكون تزجية وقت وهدر جهود لا أكثر.
حمى الله هذا الوطن وجنبه وأهله الطيبين كل مكروه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات