برداً وسلاماً على "أحمد"


إلى المتاجرين بأوّل كلمات الوحي ، إلى من جعلوا من مناسك التعليم حجّاً لمن استطاع إليه سبيلا ، إلى من أشعلوا نار "ابراهيم" بجيل ٍأقسم بالنون والقلم ، ألّا يركع لفاسدٍ أو صنم ،إلى طغمة الطواغيت من أهل "إرَم" ، إلى من يظنون ( المواطنة ) أن تضع قدماً على قدم ، وفوقك برواز ملكيّ وعلى يمينك علَم ، إلى من رفعوا صروحهم على أنقاض ألف بيتٍ قد هُدِم ، وكتبوا عليها "هذا من فضل ربّ النِعَم" ، إلى من جعلوا من أبسط حقوقنا مكارم وكرم ، احذروا نقمة المظلوم إذا إنتقم.

"أحمد" ذلك الشاب الأردني الأسمر المُشتعل كشمعةٍ في الظلام ، هو صورة مُعلّقة على جداريّة كلّ بيتٍ أردني ، هو بطاقة جامعيّة في محفظة كلّ طالبٍ جامعي ، هو فُتات العمر تحتَ جفون الأمهات المُجعّدة ، هو أثر السجود في جباه أباءٍ صلّوا الفجر وقصدوا باب ربّهم ، هو ابن الجندي والمعلِّم والفلّاح وعامل الوطن ، هو حفنة من الأوراق البيضاء على طاولة موظفٍ في مصرف ، هو زُرقة الحبر الباهتة على ما تبقّى من فواتير مصاغٍ ذهبي ، تفتّش عنها الأمهات عندَ إستحقاق كل قسطٍ جامعي ، هو مقعد ممزّق في حافلةٍ عموميٍةٍ يوثّق كلّ صبحٍ معاناة جالسيه ، هو محفظة جيبٍ خاوية بالكاد تقوى على حمل هويّةٍ الأسم الثاني والثالث فيها (شهداء عند ربهم يرزقون) . في كلّ مدينةٍ ولواءٍ وقريةٍ ومخيّمٍ هناك أردني اسمه "أحمد" صادر تجّار البشر أحلامه ، واستلب سُرّاق الوطن دفتر مذكراته ، وأفرغ أصحاب "النُمَر الحمراء" علبة ألوانه ، واطفؤا مقبس النور في عيون أمّه وأبيه "فاشتعل".

"ذيبان" تشبهكَ وتشبهها يا "أحمد" ، فكلّما حاول حمّالة الحطب إحراقها أضاءت ، وكلّما أفقروها إغتنت عزّاً وكرامة ، وكلّما نهبوا قمحها و خبزها أنبتت رجالاً وزعتراً برّي ، إن معركتها مع الفاسدين والنخّاسين قديمة ، منذُ أن علموا أن بها "قوماً جبّارين" ، أهل غِلظةٍ في الحقّ ، خيلهم "سبّاقة" إذا ناقوس الوطن دقّ ، شربوا فنجان العلم وما لانَ صغيرهم ولا رقّ ، جبلوا من لحمهم تراب هذا الوطن ، وتزيّنوا لعرسه بفاتحةٍ وكفن ، لأجل هذا "هذا هو الثمن".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات