واقع التنمية السياسية



بات مصطلح التنمية السياسية شبه معروف للجميع خاصة بعد أن أصبح للتنمية السياسية حقيبة وزارية ومنذ فترة ليست بالقريبة ، ولا أخال نفسي واهماً أن السواد الأعظم من شبابنا لا يقوى على إعطاء تعريف ولو من سطر واحد عن مفهوم التنمية السياسية ، فكيف إذا طلب منهم سرد الأهداف التي من أجلها أنشئت وزارة التنمية السياسية والبرلمانية , وما هو الدور التي تتطلع به هذه الوزارة .

إن مفهوم التنمية السياسية من المفاهيم التي تعاني من الكثير من عدم الوضوح إذ لا يوجد اتفاق نهائي حتى بين العاملين في علم السياسة على تعريف دقيق للمفهوم .
(سامويل هنتغتون) وهو من اشهر المتخصصين في علوم السياسة حاول تعريف ماذا تعني التنمية السياسية ، فإذا كانت التنمية السياسية أحد نتائج عملية التحديث فهي عبارة عن التمايز والتخصص المتنامي للبنى السياسية، وهي كمفهوم تشير إلى التطور والتغيير الإيجابي للإنسان والموارد والإنجازات على المستوى الفردي والجماعي و المجتمعي، وذلك من خلال صياغة علاقة بين الرؤية النظرية للحركة الاجتماعية , نظرية أو فلسفية أو عقدية أو ميثاقاً عاماً , وبين التعبير عن هذه الرؤية قانونياً ومؤسسياً ومسلكياً .

فالتنمية السياسية عملية تغيير اجتماعي متعدد الجوانب تهدف إلى إيجاد نظم تعددية تحقق النمو الاقتصادي والمنافسة السياسية والمشاركة الانتخابية على قاعدة ترسيخ مفاهيم الوطنية والسيادة والولاء للدولة ضمن معايير , أولها تحديد هوية المجتمع بحيث يكون مجتمع سياسي متماسك تحكمه هوية مشتركة وانتماء لنظام سياسي وثقافة سياسية تستوعب كل الأطياف في إطار وطني .
وثانيها تحقيق الشرعية بحيث يكون المجتمع منسجم مع النظام السياسي ويحقق له هذا النظام العدالة في توزيع الأدوار والمكاسب .
وثالثها المشاركة السياسية بحيث يحقق النظام السياسي المشاركة من خلال القنوات المناسبة وأن تكون المشاركة في الحياة السياسية مستمرة وفعالة وحرة ويشعر المواطن إنه جزء أساسي في البناء السياسي للبلد.
ورابعها التوزيع العادل للمزايا والمكاسب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كمحصلة لعملية المشاركة .
كما أن مفهوم التنمية السياسية يقاس بالعديد من المظاهر والمؤشرات بدءاً ببناء مؤسسات الدولة الحديثة ونظام الفصل بين السلطات والمشاركة في مختلف مستويات التنظيم الاجتماعي والسياسي " المشاركة في صنع القرار " والذي يعتبر أهم المؤشرات للتنمية السياسية، كذلك خلق جهاز قادر على تنفيذ السياسات الإنمائية وممارسة الحق في التصويت والترشيح للمناصب العامة وسيادة القانون وحرية الأحزاب وتفعيل دور الاحزاب ومؤسسات المجتمع المدني .
فالمطلوب ونحن مجتمع ديمقراطي أن نتمثل التنمية السياسية فهماً وممارسة فالمجتمعات التي تعيش مظاهر التنمية السياسية هي مجتمعات ديمقراطية .

إن الوزراء الذين تناوبوا على وزارة التنمية السياسية كانت لهم محاولات واجتهادات طيبة ولكنها متواضعة في تأصيل مفهوم التنمية السياسية فكراً ومسلكاً .
فنحن لا زلنا نفتقر للفكر السياسي البعيد عن الجهوية والعشائرية والمناطقية , والعاتق يقع على الاحزاب والوزارة المعنية والمؤسسات الاعلامية في تعديل هذا الموروث , والعمل على تغيير نمط التفكير فيما يتعلق بالمنظومه السياسية بشقيها النظري والتطبيقي .
وها نحن على ابواب انتخابات برلمانية جديده , فهل سيكون اختيارنا للنائب الذي نريد محكوماً بما كنا عليه , ام ان تجربتنا مع المجلس السابق وادائه ستغير في معايير الاختيار بحيث نغلب الصالح العام على الخاص .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات