مواطن حر يوم الاقتراع


هكذا تكون الحكاية وليس لها بديل وأن وجد سيكون في مخيلة أصحابها من الحالمين ، كل هذا الصخب والأصوات العالية التي تطالب بنزاهة الانتخابات تجد نفسك واقفا أمام قاعة الاقتراع وأنت تحمل في يدك اليمنى كتابك وهو هوية الاحوال المدنية، حرصت طوال شهور عدة على ألا تغادر جيبك لأحد الذين لاعبو مخيلتك باسم مرشح سيكون قادر على بدء الحياة من جديد وسيكون لك ولأهلك سعة من الرزق وستحل كل مشاكلك سواء الشخصية أو الوطنية ، وبعد أن أقسمت أغلظ الإيمان أنك لن تبيع صوتك لأحد وانك ستمارس حقك كمواطن في اختيار من يمتلك ومن يتصف بالنزاهة والحكمة وقوة العزيمة والعديد من المواصفات التي رسمتها في مخيلتك طوال الشهور الماضية، وها أنت تقف أمام قاعة الاقتراع وهويتك في يمينك ممسكا بها بكل قوة محافظا على يمينك ونزاهة ضميرك وما تبقى منك كمواطن يعشق الحرية والتعبير الحر وأن تكون مواطن ذو إرادة مستقلة و بعيدا عن اي محاولات تقيد هذه الإرادة ، قدماك يسيران بك لتعبر القاعة لتقف تتابع الإجراءات المتبعة سواء من بدء التدقيق على أنك مواطن تستطيع أن تقرأ وتكتب وانك مسجل في سجلات الناخبين وأنك كنت طائر مهاجر بغير إرادتك وأنت ألان ستغرد من عشك اليومي وموطن صوتك الأصلي ، سوف تداعب صوتك بينك وبين نفسك وتقول له أنه ألان صوت حر وأنك تستطيع أن تسمعه للآخرين بكل حرية ونزاهة وشفافية ، قدماك تقودانك لصندوق الاقتراع تقف لثوانٍ وتقول لهما الآن أنتما حرتان في السير بعيدتان عن قيود الهجرة والمال السياسي ، فهما قدمان شريفتان ستوصلانك للصندوق بكل راحة وأمن وبعيدا عن تأنيب الضمير السابق في سنوات الاقتراع الماضية ، ويداك ألان تبحثان عن ورقة الاقتراع التي لامستها عدة مرات في السابق وكنت مجبرا على أن تكتب بها ما أجبرك عليه الآخرين غير شاعرا بتأنيب الضمير ، اليوم وفي هذه اللحظة سيكون ضميرك حر وأبيض كلون الثلج ، وستخرج قلمك الذي أعددته من المساء بعد أن أعدت تجربة خطه كيف يكون مئات المرات واضطررت إلى شراء عدة أقلام لأنها فرغت من الحبر ، هذا الحبر الذي كنت تكتب به في السنوات الماضية بدون مبالاة أو اهتمام لأنك رجل قيد يديه و(كان قلمه يعبئ بحبر غيره ) الآن هو القلم العشرين القادر على أن يملئ فراغ ورقة الاقتراع التي بدت أمام ناظريك صافية كنوار اللوز ، في الثواني الأخيرة من الزمن الذي أستحق لك كي تقترع وجدت أنك مواطن صعب عليه أن يفسد بياض لون ورقة الاقتراع الذي يشبه بياض نوار اللوز وستترك الورقة بيضاء ناصعة بدون أن توسخها بحبر قلمك ، وستضعها في مكانها في الصندوق وستغادر القاعة وأنت أكثر حرية وصفاء وضميرك لن يزعجك لمدة أربعة سنوات قادمة وستكون إجابتك للآخرين عند السؤال عن المجلس النيابي أنك مارست حقك بكل نزاهة وشفافية وأنك كنت حر كحرية الطير في السماء وأن الوطن سيتسع لك حتى لو ضاق على غيرك من الناس لأنك طائر رفض أن يجلس في قفص صنعه له الآخرين من ذهب !



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات