على مكتب الملك:في العلاقة بين الجامعات والأجهزة الأمنية


تلعب المؤسسات الأمنية وفي مقدمتها جهاز دائرة المخابرات العامة دورا محوريا ومفصليا في توفير الأمن والاستقرار لوطننا العزيز. ولعلنا نشير هنا إلى أن هذا الدور الهام للجهاز يحظى باحترام الأردنيين من شتى اصولهم ومنابتهم ما دام أن هذا الدور يقتصر على المهام الأمنية .لا أحد ينكر التضحيات البطولية التي قدمتها مرتبات المخابرات العامة في حوادث البقعة والكرك والسلط واربد وغيرها، كما لا ينكر جمهور الأردنيين الجهود المهنية المحترفة التي بذلتها كوادر دائرة المخابرات مع بقية الأجهزة الأمنية أثناء فترة الربيع العربي وتداعياتها الأمنية والتهديدات التي واجهها الاردن من شمال البلاد وشرقها.
وفي الوقت الذي يشكل الدور المهني لجهاز المخابرات العامة محور اتفاق وإجماع للأردنيين فإن تجاوز هذا الدور للانخراط في مهام إدارية تتعلق بالعمل الداخلي للمؤسسات الحكومية مثل التعيينات واختيار شاغلي المواقع القيادية ما زال محل جدل واختلاف. المؤسسات الإدارية تعمل وفق معايير وأسس مهنية حسب مجال وطبيعة عملها وهذه المعايير هي التي يحتكم إليها الموظفين في مجالات تعيينهم وأدائهم وترقياتهم ونموهم الوظيفي .الجوانب الأمنية والسياسية على الصعيد الفردي ليست محل اهتمام ما دام الموظف تم تعيينه ومراجعة سجله الأمني في بداية عمله وما دام أنه ينتظم في وظيفته وفق لوائح العمل وتشريعاته المعتمدة.
تعتبر الجامعات روافع للمجتمع وتشكل الحرية الأكاديمية وحرية التعبير أساسا للعمل الجامعي والأكاديمي. في كل دول العالم بما فيها الصين وكوريا الشمالية لا يسمح للشرطة ولا للأجهزة الأمنية المدنية والعسكرية الدخول للحرم الجامعي أو التدخل بقرارات جامعية وتعيينات في المواقع القيادية. لقد حرصت القيادة العليا لهذا البلد على استقلالية الجامعات ووجهت الأجهزة المعنية لمراعاة هذه الاستقلالية وضرورة توفير أجواء الحرية المناسبة للمؤسسات الأكاديمية.
في زيارة ملكية لجامعة رسمية قبل عدة سنوات اشتكى عدد من الطلبة للملك من وجود مندوب لدائرة المخابرات العامة في الجامعة. تساءل جلالته عن ضرورة وجود مندوبين لدائرة المخابرات في الجامعات ثم أمر بإلغاء الاجراء لعدم ضرورته .اليوم يعود هذا الاجراء ولو بشكل مستتر لبعض الجامعات الرسمية ليمارس موظفين اداريين نفس الدور وتحت اعين الدائرة وربما بموافقتها وحمايتها .ان كان هؤلاء الموظفين مندوبين للدائرة فليضعوا آرمات على أبواب مكاتبهم تشير الى انهم مندوبي دائرة المخابرات العامة ، وان كانوا مدعيين فعلى الدائرة ان ترفع يدها عنهم وان تتخذ اجراء بحقهم باعتبارهم منتحلي لشخصية رجال امن . لقد أصبح لهؤلاء الموظفين نفوذ وقوة هائلة نتيجة تظاهرهم بانهم محمين من الدائرة مما مكنهم من التدخل في كل شيء.مكتب أحد هؤلاء الشخوص اصبح محجا للعمداء والمدراء وللنواب والأعيان والوزراء ومدراء الدوائر ووجهاء العشائر والمتقاعدين المدنيين والعسكريين لدرجة اصبح يعتقد العاملين في الجامعة انه الشخص الاكثر تأثيرا في صنع القرار وهو فعلا كذلك. إن كان لك حاجة او اردت شيئا ان يتحقق فعليك بشاغل هذا المكتب فلديه البلسم وهو صاحب القول والفعل الحقيقي.
إدراكا منا لخطورة هذا الوضع وتأثيره على ثقة العاملين في الجامعة بإدارتهم وكامل منظومتهم الإدارية قمنا بنقل الصورة بكافة تفاصيلها للجهات الأمنية ذات العلاقة ولم نلمس أي تغيير أو تبديل في المشهد الذي وصفناه آنفا . رائحة هذا الوضع غير الصحي اصبحت تزكم الانوف وننصح دائرة المخابرات ان تحسم امرها بشأن هذا الوضع الذي الحق ضررا ببعض الجامعات سيستغرق اصلاحه ربما سنوات عديدة، اما الضرر الذي لحق بالدائرة التي نحترم ونجل دورها الامني فاعتقد انه يمكن ان يتلاشى بمجرد نقل هؤلاء الموظفين المتحكمين بمفاصل جامعاتنا وابعادهم عن مقرات الرئاسة في الجامعات فهل من مجيب.
جلالة الملك هو الملاذ الأخير الذي يلجأ إليه في الأزمات والملمات .ما يحدث في الجامعات من تدخل أمني سافر وما يتخلل هذا التدخل من تحقيق مصالح خاصة ومحسوبيات لصالح أفراد وليس لصالح المؤسسة الأمنية يجعل عيون الأردنيين ترنوا إلى صاحب الجلالة لتصحيح الأوضاع كما فعلها قبل سنوات بإلغاء وجود المندوبين لدائرة المخابرات في الجامعات. بالطبع ليس لدينا اعتراض على أن يؤدى هذا الدور ولكن دون وجود مندوب وشريطة أن يقتصر هذا الدور على البعد الأمني (فقط) ولا يتدخل في التعيينات أو أي بعد إداري أو مهني يتعلق بالجامعات وأن يتم تنسيق هذا الدور المحدود مع رئيس الجامعة فقط وذلك درءا لإمكانية استغلال أو استثمار هذه السلطة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات