الاستغناء عن مجلس النواب


انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي حول عدم جدوى عمل مجلس النواب، والسخرية من وجوده والدعوة لمقاطعة الانتخابات بكل اشكالها وعدم المشاركة فيها، ومن ضمن هذه الدعوات ما نشر حول الاستغناء عن مجلس النواب واستبداله بمشروع انتاجي مدّر ماليا ويخدم الوطن خاصة في الاوضاع الاقتصادية التي نعاني منها.
وهنا اقتبس من أحدى المقالات التي كتبت والتي تدعو إلى الاستغناء عن مجلس النواب واستبداله وتوفير مخصصاته لرفد الخزينة ومعالجة جيوب الفقر والبطالة:
"لو فرضا تم الاستغناء عن مجلس النواب لمدة عام واحد فقط، وقمنا باستثمار رواتبهم من خلال شراء أبقار حلوب .. وعلى اعتبار أن عددهم يناهز المائة نائب ومجموع رواتبهم تقريبا نصف مليون دينار .. ولو أننا افترضنا أن سعر البقرة الحلوب حوالي 100 دينار، فمن خلال هذه العملية الحسابية البسيطة سنجد أنه بإمكاننا أن نشتري كل شهر 500 بقرة حلوب فبعد سنة واحدة فقط، سيكون مجموع الابقار 6000 بقرة حلوب من النوع الممتاز !..
وسيصل إنتاج الحليب حوالي 120 ألف لتر يوميا باعتبار أن البقرة تنتج 20 لتر حليب في اليوم ولو استغنينا عن مجلس النواب دورة واحدة ذات الأربع سنين سوف يكون عندنا 24 ألف رأس من البقر وسيكون بإمكاننا منافسة الدنمارك وهولندا وبعض الدول المصدرة للحليب ومشتقاته.
أما بالنسبة لتكلفة أعلاف البقر وحظائرها وخدمتها وما يتعلق بذلك، فيمكن أن نغطيها من مصاريف السفر والنفقات والنثريات الأخرى التي يصرفها المجلس هنا وهناك، وبذلك نحل جزء كبير جدا من البطالة التي يعاني منها غالبية شباب الوطن".
مع أن المقال يحمل السخرية والدعابة بصورة هزلية فقد انتشر انتشارا واسعا، لكن المشكلة ليست في النواب ولا في البرلمان بصفة عامة، فمنهم وفيهم الشرفاء، وفيهم ايضا دون ذلك، ومثل هذه المقالات والمنشورات في تعميمها تريد أن تساوي ما بين الصالح والطالح.
لكن المشكلة الحقيقية فيمن يفسد البرلمان والحياة البرلمانية، كالذين يسرقون أصوات الشعب ومقاعد الشعب ليتمادوا في السرقة والنهب، عندما يصلون إلى سدة البرلمان مستغلين بذلك نفوذهم وحصانتهم ومساومتهم للحكومة ابتزازا وتخويفا للحصول على المكاسب الشخصية.
مثل هذه الكتابات ونشرها، لها هدف واحد: تمييع فكرة المشاركة السياسية ودفع الناس إلى الاعتقاد بأن وجود مجلس النواب يعتبر عبء على الوطن وعلى الناس، وأنه لا داعي لوجوده، وهو سبب من أسباب الفساد الذي نقارعه، حتى يعيش الناس في حالة من اليأس، ويتخلى الجميع عن تبني فكرة الإصلاح ليبقى الجميع في خانة واحدة.
للعلم الفاسدون تواجدوا في عهد النبوة، وكذلك المنافقون والانتهازيون، وتواجدهم في هذا البلد أمر عادي، مقارنة مع الاغلبية من أبناء الوطن الشرفاء، فمن أراد أن ييأس، ذلك شأنه، لكن لا يعدينا بيأسه، ومن شاء أن يكفر بالديمقراطية، فليكفر، لكن فليدع من يؤمنون بها وبإمكانية التغيير أن يصمدوا، ويصبروا ويحاولوا، فالبطولة تكمن دائما في شرف المحاولة.
يثبت لنا التاريخ بأنه في بلدنا رجال لم يشاركوا في الحياة السياسية، وعاشوا وماتوا على ذلك، لكنهم لم يفسدوا ولم يؤذوا الوطن لا من قريب ولا من بعيد، وهناك رجال شاركوا، وتنافسوا وحاولوا ولم يحالفهم الحظ، وماتوا على ذلك ايضا ولم يفسدوا، ولم يبدلوا مواقفهم.
الآن فمع انتهاء عمر مجلس النواب الحالي وانتهاء مدته الدستورية، تخرج علينا مثل هذه الكتابات لتخلط الأمور، وتساوي بين الجميع، ولتكرّه الناس في المشاركة السياسية والاصلاح، وتسوّد المشهد وتشكك في صدق الناس ونواياها وتحرض على المقاطعة.
فالوطن ليس محتاجا لمن يزرعون اليأس في قلوب مواطنيه، الوطن محتاج لأبنائه الشرفاء الوطنيين المخلصين، وهم موجودون بكثرة ويحتاجون منا أن نؤازرهم ونقف معهم ونشد على أياديهم، فلو كان بين اعضاء مجلس النواب عشرة فقط صالحون، فذلك يكفي للرهان عليهم في المضي قدما نحو الاصلاح المنشود الذي نسعى إليه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات