وزارة الشؤون السياسية هل استنفذت أغراضها


إن أي تعديل للوزارة - إذا ما تم - سوف يتضمن دمجاً لوزارات وتخفيضاً لعدد الوزراء، هذا ما صرح به رئيس الوزراء مؤخراً، وهو كلام طيب وتوجه محمود يضرب عصفورين اثنين بحجر واحد فهو من جهة يساعد في عملية إعادة هيكلة القطاع العام كهدف عزيز لم يغادر أجندة الدولة منذ سنوات وسنوات بغية تحقيق مزيد من الكفاءة والفاعلية في الأداء، كما أنه يحقق من جهة أخرى ضبطاً وترشيداً للإنفاق في ظرف يكاد يكون هو الأسوء للخزينة والمالية العامة للدولة.
لا يستقبل المهتمون عمليات دمج الوزارات بكثير من الترحاب، فهم لا يرون فيها أكثر من تغييرات تخدم غايات آنية لا تدوم، فما يتم دمجه في حكومة ما، يتم أعادة فصله في حكومة قادمة، مع ما يصاحب عمليات الدمج والفصل من متاعب وارباكات تضر بعملية إعادة الهيكلة والإصلاح، فكم مرة تم دمج وزارة التربية والتعليم مع وزارة التعليم العالي، وكذا الأمر مع دمج وزارة الثقافة مع وزارة الشباب ......
إن الحديث عن "ترشيق" الحكومة يقودنا للتساؤل عن العدد الكبير من الوزارات والذي لا تحظى به دول كبرى تضم اعداداً من السكان يفوق ما لدينا بعشرات الأضعاف، لا تفسير منطقي لذلك سوى التعجل في إنشاء وزارات مستقلة لتولي مهام مستحدثة يمكن تنفيذها بسهولة ويسر من قبل وزارات ومؤسسات أخرى قائمة منذ عقود، وضمن هذا السياق يتساءل كثيرون عن الدور الذي تقوم بها وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية والتي ولدت منذ عدة سنوات نتيجة دمج كل من وزارة الشؤون البرلمانية مع وزارة التنمية السياسية، ما الذي تهدف هذه الوزارة لتحقيقه على وجه التحديد وما هي الإنجازات التي تحققت على أرض الواقع عبر هذه السنين، وهل تحققت الغاية من إنشائها أم ما زال هناك المزيد من المهام التي تنتظر التنفيذ .....
تتمثل المهمة الرئيسية لوزارة الشؤون السياسية والبرلمانية حسب أدبياتها برسم السياسات والاستراتيجيات الكفيلة بتوسع المشاركة السياسية للمواطنين وترسيخ قيم الديمقراطية في المملكة ووضع الخطط والبرامج اللازمة لتنفيذها، ومهام فرعية أخرى منها مثلاً إبلاغ أعضاء مجلسي الاعيان والنواب عن زيارات الوزراء لمناطقهم (.....)، إذن فالمهمة الرئيسية للوزارة سياسية بإمتياز، فما هي الأدوات والمقاربات والبرامج التي تبنتها الوزارة لتنفيذ هذه المهمة ....؟؟؟. لا يتضمن موقع الوزارة الإلكتروني إي ذكر لاستراتيجيات أو خطط تنفيذية لضمان تحقيق مهمة الوزارة الرئيسية، على الرغم مما تردد سابقاً عن وجود استراتيجية تنفيذية للوزارة تمت مناقشتها مع الشركاء، وبالتالي ليس واضحاً تماماً كيف تضمن الوزارة تحقيق أهدافها وغاياتها، وكيف تقيس معدلات الإنجاز في تنفيذها، إلا أن الرجوع إلى قانون الموازنة العامة لعام 2020 الفصل الخاص بوزارة الشؤون السياسية والبرلمانية، يبين أن الوزارة قد وضعت مجموعة من مؤشرات الأداء لقياس تحقيق الأهداف وتنفيذ المهام أبرزها مؤشرين إثنين الأول درجة رضا الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، أما المؤشر الثاني فهو عدد الحوارات واللقاءت مع قوى المجتمع المدني والأحزاب، وهي مؤشرات لا علاقة لها بقياس مستوى تحسن أو تراجع المشاركة السياسية وترسيخ قيم الديموقراطية، وبالتالي لا تستطيع الوزارة أو أي جهة كانت، الزعم بأن الأمور تتقدم أو تتراجع من خلال هذه المؤشرات، خاصة وأن الوزارة لم تصرح برؤيتها حول كيفية تحقيق ذلك، هل هي من خلال تشجيع تشكيل الأحزاب السياسية الجديدة ...... أم من خلال تشجيع الشباب على الإنخراط في هذه الأحزاب ....
إن ما تقوم به وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية حالياً لا يتناسب مع المهمة الكبيرة التي أنشئت من أجلها، بل إن كثيرين يرون أن الوزارة قد أشغلت نفسها في الأشهر الأخيرة في مهام أخرى لا تقع ضمن نطاق عملها مثل ندوات ومؤتمرات تمكين المرأة، لصرف الأنظار عن ضآلة الإنجازات المتحققة في مجال تنفيذ مهامها الأساسية، الأمر الذي يدعو إلى إعادة النظر في بقائها كوزارة مستقلة، ليس بسبب عدم الحاجة إلى التنمية السياسية كركيزة أساسية وملحة من ركائز الإصلاح المطلوب، بل لتدني منسوب الإنجازات التي تحققها الوزارة، خاصة وأن ملف التنمية السياسية وعمادها الأحزاب والمنظمات السياسية تتولاه وزارة الداخلية وجهات سيادية أخرى، فما جدوى الإبقاء على وزارة مستقلة لا تحقق الكثير في هذا المجال.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات