كتاب بولتون .. إحذروا أحجية الجهل العالمي .


بقلم د.ميساء المصري - قيل عند العرب إذا تشاجر كلبان على غنيمة , ستكون من نصيب الذئب الذي يأتي على صياحهما... وقيل عند الغرب أن الديمقراطية عملية تمكن الناس من إختيار الرجل الذي ينال اللوم....وقيل في علم السياسية أن الغباء في السياسة ليس عائقا للوصول للسلطة ... استحضرت هذه الأقاويل وأنا اتابع فوضى فسيفساء كتاب جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق الذي يصدر في 23 من الشهر الحالي المؤلف من 577 صفحة بعنوان "غرفة الحدث ". ويتناول أسرار دونالد ترامب في البيت الأبيض .
الكتاب إعتبره الإعلام الأمريكي صدمة قوية لترامب في صيف هذا العام الإنتخابي حيث يصف بولتون الذي عمل لمدة 17 شهرا في البيت الأبيض، غريمه ترامب بالعديم الإطلاع بشكل مذهل.و بالغبي والجاهل والمتعنت والمتهور, وعدم الكفاءة لتولي المنصب لسذاجته، ومطالبته بإعدام الصحافيين ، وإن ترامب لم يكن يعلم أن المملكة المتحدة قوة نووية. ودعوته لوضع المسلمين الايغور الصينيين في معسكرات معزولة .

وأنه في قمة ال20، طلب من الرئيس الصيني مساعدته للفوز في إنتخابات 2020 مع تخفيف نسبة التعرفة الجمركية على بضائع الصين ل 10% بدلا من 25 % , و تبادلا لشهور عبارات الغزل،رئيس الصين قال أنه يود رؤيته ل6 سنوات، وترامب رد بأنه "أعظم زعيم بتاريخ الصين" كما أن ترامب كان على وشك أن يسحب الولايات المتحدة من حلف شمال الأطلسي.. ، وكان يعتقد أن فنلندا جزء من روسيا وعن إستغراب نتنياهو وعدم فهمه لتولي جاريد كوشنير ملف صفقة القرن إضافة الى مايسمى بفضيحة أوكرانيا وأنه سيحجب مساعدات بحجم 391 مليون دولار عن أوكرانيا إلى أن يتلقى وعدا بأن يتم فتح تحقيقات ضد خصمه جو بايدن وابنه...وعموما لا أريد الخوض في تفاصيل الكتاب بقدر ما أريد تحليل سر هذا الحدث ..
بداية تحاول إدارة ترامب منع نشر كتاب بولتون، بحجة أنه ينتهك قانون السرية , ويهدد الأمن القومي , ولكن ، سيتم نشره رغم معارضة مجلس الأمن القومي لذلك مرتين.وأستغرب هنا كيفية تجاوز مسألة الأمن القومي , فأمريكا إحتلت دول وشنت حروب وحركت أساطيل من أجل حجة أمنها القومي . وربما قضية سنودن مثال حي نتذكره هنا , فهل عجزت الآن عن نشر كتاب يتناول غباء رئاستها ودسائسها؟؟؟؟
والغريب في الأمر هو التوقيت . صدوره قبل أشهر مِن الإنتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستجري في تشرين ثاني (نوفمبر) المقبل , ويقال أن الكتاب سيؤثر سلبا على نتيجة ترامب وأنا لست مع هذا الطرح . إذ سبق وأن تم إستغلال عملية نشر الكتاب في فترة سابقة , فقد أعلنت شركة سايمون وشوستر الأمريكية لطباعة الكتب أنها ستنشر الكتاب في 17 من شهر مارس /أذار الفائت ، رغم طلب ترامب منعه،وعبر عن غضبه في سلسلة تغريدات , وجاء توقيت إعلان النشر في ذات التوقيت الزمني مع بدء مجلس الشيوخ، بشكل رسمي، إجراءات قضية محاكمة ترامب المحالة من مجلس النواب في قضية التمويل .وكان وقتها "الشيوخ" سيجرون تصويتا على مسألة السماح بإستدعاء شهود إلى المحاكمة، إذ يطالب الديمقراطيون بشهادة بولتون.
وتم تأجيل نشر الكتاب الى وقت غير محدد. في حين إتهم ترامب _ بولتون بأنه أداة لحملة مطاردة، ومحاولة "إنقلاب ضده"، وتوعد بالإنتقام من الديمقراطيين بإنتخابات العام المقبل. في إشارة هنا الى الدولة العميقة الأمريكية وأوراقها وما نشاهده من حملات وعربدة إعلامية وقضية العنصرية . وحلقات مسلسل فاشل إعتمد الكومبارس دون أدوار البطولة . بداية من ترامب نفسه الى باقي الفرقة التمثيلية.
فما معنى صدور أربع كتب في آن واحد ضد ترامب و مباشرة قبل الإنتخابات؟ وإرتفاع حمى العداوات تماما مثل كورنا القاتلة في الفترة المقبلة , ولكن هل ترامب سيخسر ؟ لا أظن .، فهو يمثل على الأقل نصف الشعب الأمريكي ، و لا أحد يتوقع ماذا سيحصل لكن الكتاب لن يضربقاعدة ترامب الإنتخابية. بل قد يفيده فهوعامل إلهاء ليس إلا.
فضائح أمريكا السياسية مكررة ومكشوفة وعلينا أن لا نسلم بالمسلمات , فقد شهدت سنوات ترامب كتب عديدة نشرت تتناول جنونه ومجونه وغباءه وصفقاته , والشعب الأمريكي لا يهتم بالسياسية الخارجية بقدر إهتمامه بتوفير الهوت دوغ والكاتشب وتحسين تأمينه الصحي وضمان معونته الإجتماعية فهو دافع ضرائب ينتظر المقابل .
فهل تأثر راعي البقر الأمريكي بكتاب "نار وغضب: داخل بيت ترامب الأبيض" الذي يصوّر ترامب على أنه "جبان وغير مستقر وعديم الخبرة" في تدبير شؤون الولايات المتحدة، و أن حملة ترامب لعام 2016 كانت حيلة دعائية لم تكن تستهدف الفوز بالرئاسة. و إن ترامب فقد عقله.كذلك كتاب "ولاء أسمى" لجيمس كومي,وكتاب "الخوف" الذي يتحدث عن هستيرايا ترامب داخل البيت الابيض ، كذلك كتاب "الروليت الروسية" حول التدخل الروسي في إنتخابات الرئاسة الأمريكية وكتاب "كل التفاصيل" للمثلة الاباحية ستورمي دانيالز الذي تروي فيه قصة العلاقة العابرة التي أقامتها مع ترامب. الذي استفاد من بيع أكثر ما يزيد على سبعة ملايين نسخة من الكتب في ظاهرة غير مسبوقة تكشف عن الجدل الذي يثيره هذا الرئيس الحالي ترامب .
والمعروف السائد أن الكتب عن الرؤساء تطبع عادة بعد إنتهاء ولايتهم، ويصبح بالإمكان تقييم العهد من منظار تاريخي. كصدور كتب تناولت أسرار آخر أيام نيكسون , و فضائح بيل كلينتون , وجنون جورج بوش الإبن , وجيمي كارتر , وأسرار هيلاري كلينتون وكونداليزا رايس التي تحدثت عن سبب إختيار محمود عباس ليرأس السلطة الفلسطينية و معارضته للكفاح المسلح والمقاومة وإعتبارها إرهابا، وتمسكه بالتنسيق الأمني ، وارتِكاب السلطة أكبر جريمة في التاريخ بحمِاية الاحتِلال وقواته ومُستوطنيه والوصول إلى صفقة القرن المزعومة.

اذن يبدو أن ترامب قلب التاريخ وهو أول من يروج للكتب عبر مهاجماتها بتغريداته الغاضبة التي تزيد الإنطباع حول الصورة الكارثية لإدارته, ليصنع بروبغندا دعائية وحروب وهمية تندرج ضمن ألاعيب الساسة الأمريكية , وأظن أن الكتاب الأهم الذي يجب أن ينتظره العالم بفارغ الصبر . هو الكتاب الحقيقي الذي يعتزم ترامب نفسه كتابته بعد تفرغه وإنتهاء عهده السياسي . لآن شخصية ترامب الباحثة دائما عن التأثير والشهرة , تقرأ بفطنة ما يحتاجه المتابع وما الذي يريد أن يراه العالم ويسمعه , وسيتلذذ ترامب بفضح وإذلال العديد ممن عرفهم من السياسين من مختلف الأعراق والدول , ووقتها لن يغفر للجميع ما فعلوا وخططوا .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات