الوزير وحديث الواسطة


جملة معترضة قالها وزير الصحة في لقائه الأخير مع محطة تلفزيون قناة المملكة، لم يلقي معاليه لها بالاً أو ربما قد قالها متعمداً، كانت كفيلة بصرف الإهتمام عن موضوع المقابلة حديث الساعة والمتصل بالوضع الوبائي في المملكة، جملة واحدة أضحت فور الإنتهاء من بث المقابلة المنقولة على الهواء مباشرة، موضوعاً بارزاً على كافة المواقع الإلكترونية ومادة دسمة للسجال على مواقع التواصل الإجتماعي ما بين كثيرين عارضوه وآخرين أيدوه وفئة ثالثة التمست له العذر ورابعة شرحت وحللت وربما حمَّلَت الموضوع أضعاف ما يحتمل، جملة قالها الوزير وانصرف تاركاً جمهور المشاهدين ما بين متسائل أو مستغرب أو مستنكر وكأني به يستحضر ما قاله المتنبي ذات يوم وفي سياق مختلف "أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جرّاها ويختصم" .....
"إبني طبيب وما بشتغل أنا بدفع عليه لحد هلا وكنت أتمنى إبني يتوظف بس ما عندي واسطة .... والله ما عندي واسطة ... هاي والله ...." هذا ما قاله وزير الصحة حرفياً، كلام معجم متشابه يحتمل تفسيرات وتآويل متعددة بل ومختلفة، كان من الممكن أن يتوقف المذيع عنده بسؤال أو استفسار يزيل الغموض ويوضح تماماً موقف الوزير الذي غدا موضوعاً للنقاش لدى كثيرين ومجالاً للتندر أو الفكاهة لدى آخرين .... لكن المذيع سامحه الله لم يفعل.
ما الذي قصده الوزير تماماَ عندما قال "بس ما عندي واسطة" .... يتساءل المتجادلون، هل يعني ذلك أن معاليه لا يملك من المعارف والأصدقاء أو حتى من المنتفعين أو أصحاب المصلحة من يقوم بمساعدته على تعيين إبنه طبيباً في وزارة الصحة التي هو وزيرها وصاحب الأمر والنهي فيها، أو في الخدمات الطبية الملكية والتي كان حتى عهد قريب مديرها .... الكلام "مش راكب" أبداً، قد يقول قائل بأن ما قصده الوزير هو أنه ضد "الواسطة" على طول الخط وأنه لن يقبل بها أو يمارسها حتى لو كان المستفيد هو إبنه وفلذة كبده، ربما كان هذا التفسير هو الأقرب للمنطق .... إلا أن ذلك يعني فيما يعنيه أن هناك آخرين "ليسوا ضد الواسطة"، وأن الواسطة ما زالت أسلوباً متبعاً في التعيين لدى الكثيرين .... هل هذا معقول ... من هم هؤلاء الذين ما زالوا يتجرؤون على تخطى كافة الأسس والمعايير المعتمدة من قبل ديوان الخدمة المدنية ضاربين بعرض الحائط متطلبات العدالة والكفاءة والتي هي من أهم مرتكزات ودعائم استراتيجيات وسياسات اصلاح القطاع العام والتي ما زالت الدولة تتغنى بها منذ سنوات وسنوات....
لسنا في المدينة الفاضلة وندرك بأن الواسطة في التعيين ما زالت موجودة، ولكننا أيضاً نعلم اليقين بأن هذه الممارسات أصبحت في حدها الأدنى منذ إناطة التعيين في مختلف وزارات ومؤسسات الدولة بديوان الخدمة المدنية، إلا إذا كان لدى معالي الوزير كلام آخر، وهنا نتساءل عن الفائدة أو القيمة المضافة التي تحققت من خلال ملاحظة الوزير الذي استطاع أن يفوز بحب الأردنيين وثقتهم نتيجة أدائه الرائع خلال هذه الأزمة، لا أعتقد أن أحداً فرح بها إلا من أدمنوا نشر السوداوية والإحباط في مختلف المناسبات. نرجح أن تكون مداخلة معالي الوزير زلة لسان غير مقصودة، ونتوقع أن لا يطول انتظارنا قبل أن يقوم معاليه أو المعنيين في ديوان الخدمة المدنية بالتعليق على ما جرى بهذا الخصوص.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات