معالي وزير التربية .. مراكز التدريب المهني تعاني العزوف الحاد


على ما يبدو أن المؤثر الأساسي في التغيرات التي ترافق العادات الإجتماعية في بيئتنا إرتكزت على التحولات الإقتصادية الكبيرة الحاصلة في العالم بأسره ، وهذه العلاقة بالذات بين الإجتماعي والإقتصادي كانت ضعيفة إلى حد معين منذ نشوء البشرية التي كانت حياتها تتشكل وفق روابط أخرى كالدين مثلاً ، وإقتصاراً على ما نحن به من ظروف إقتصادية كانت منذ عقود بسيطة جدا لا تجعل من الأسرة إتكالية في الحصول على إكتفاءها الذاتي من معظم إحتياجاتها الأساسية والكمالية ، ولكن الواقع الحالي مختلف تماماً عن الماضي الراحل .
وبناءاً على ما سبق أضحت الأسرة كنواة للمجتمع تتغير أنماطها السلوكية المعيشية ومنهجها في السير بحياتها ، وعلى إعتبار أن الأسرة هي النواة للمجتمع كما نعلم أصبح الفرد فيها يتجه للتعليم بشكله الجديد القديم المتسلسل تباعا من المدرسة إلى الجامعة ، بإختلاف جذري عن الزمن الماضي الذي كان التعليم فيه بسواده الأعظم مقتصراً على القراءة والكتابة ، لا كما هو الأن دراسة ممنهجة وفق جدول زمني مدروس مقترن بالسن في بداية الأمر مراعاة لظروف النمو العقلي والجسدي ، فظهرت الثانوية العامة والإيتدائي وإمتحان العاشر الذي غاب قبل زمن ، وتطورت الدراسات العليا من ليسانس ودكتوراة وغيرها ، وفقاً لتخصصات متعددة ظهرت في ظل التطور الإقتصادي والعلمي الضخم الذي شهدته البشرية .
ولكن على ما يبدو أن هذا التحول في مجتمعنا إستولد لدينا ظاهرة نتج عنها العزوف الكبير من الجيل السابق والقادم تباعاً عن الإهتمام بالأعمال بالمهنية و التوجه نحو الجانب النظري بصورة مبالغة ، مما أنتج لدينا مجتمعاً يعاني الفقر بالأيدي العاملة من أصحاب المهن مما يعني التواكل على القادم من خارج الحدود لتلبية النجدة للبناء والتطوير ! ، وخير مثال على ما يحدث هو بلدنا الأردن .. العزيز على قلوبنا الذي تزيد العمالة الوافدة فيه على النصف مليون عالم ينقصون أم يزيدون لكن الواقع يثبت أن الأمر أضحى معضلة كبيرة يعاني منها مجتمعنا .
معالي الوزير .. لقد تحدث قلمي بهذه القضية بالذات لأنني أبغض نفسي قبل نقد من حولي لعدم توجهي نحو المهنة منذ بداية المشوار كشريك أساسي للشهادة الجامعية ، فالأمر يتلخص بعزوف أبناءنا الطلبة بضغوط شتى بعد إنهاءهم الصف العاشر من التوجه نحو مراكز التدريب المهني ، وإستشهاداً بالواقع الموجود فقد كانت هذه القضية إحدى ضحايا السلوك المجتمعي ، والذي يحدث هو القيام بتحويل عدد كبير من الطلبة المقبولين في المسار المهني ( أي مراكز التدريب المهني ) الى التخصصات الأخرى كالأدبي مثلاً ، رغم عدم توافر الشروط في معدلاتهم ، حيث تأكد لي من مصادر موثوقة أن عدداً لا بأس به من الطلبة معدلاتهم متدنية جداً وبالذات في الصف العاشر أدرجت أسماءهم في مركز التدريب المهني تحولت أسماءهم بقدرة قادر إلى مديرية التربية أينما كانت لتتحول إلى مدارس ثانوية كبيرة في المديرية ذاتها تحوي التخصصات الأخرى كالعلمي والشرعي ، وهذه الحالة حسب ما علمته كانت تمثل ما يزيد على خمسين بالمئة من المقبولين في المركز المهني الذي قبلوا به بناءاً على معدلاتهم المتدنية في الصف العاشر والتاسع والثامن ، مما يعني أن هنالك خلل كبير في إستغلال الواسطة والنفوذ المتعددة أشكاله ، بهدف إزاحة الغالبية من أبناءنا الطلبة عن العمل المهني وهذا بالطبع جاء بتأثير الأهالي والمجتمع معاً وهو يفسر السبب الحقيقي وراء الأعداد الكبيرة من غير المستكملين في إمتحان الثانوية العامة ، علاوة على المشاركة في تدعيم بنية الإعتماد على الأيدي العاملة الوافدة ، طالما أن الأمر له تأثير كبير سنة تلو الأخرى التي تراكم الأعداد الكبيرة من الطلبة في تخصصات ليست ضمن مؤهلاتهم التي جبلت بأيديهم وتأثرهم بالرأي الأخر .
معالي وزير التربية ..القضية الأن بين أيديكم وبإمكانكم معاينة ذلك في الميدان للتأكد من مصداقية الطرح ، والقوائم ما زالت موجودة في جميع مديريات التربية في المملكة ، وبالذات في المناطق النائية والفقيرة التي تزداد يوماً بعد يوم .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات