هل الأردن راضٍ عن السياسة الفلسطينية؟


لم يكن صادقاً اليهودي هيربرت صمويل المندوب السامي البريطاني حين قال في مؤتمر السلط شرق الأردن سنة 1920: إن بريطانيا غير راغبة في ضم وإلحاق شرق الأردن بالإدارة الفلسطينية، وهذا يعني عدم شمولهم بوعد بلفور، فقدت دللت الأحداث أن صمويل ألحق شرق الأردن كله بنكبة الشعب الفلسطيني سنة 1948، حين قامت دولة إسرائيل، وتم طرد مئات آلاف اللاجئين، الذين وجدوا ملاذهم في شرق الأردن، فقاسموا أهلها الهواء والماء وفسحة الفضاء، وقد تكررت المأساة نفسها إثر هزيمة 67، حين اضطر الشعب الأردني أن يفتح قلبه وصدره ومستقبله لكل أولئك الفلسطينيين الذين نزحوا عن أرضهم، ليقاسموه لقمة الخبز!

لقد قالت الأيام: إن أي عدوان على الشعب العربي في فلسطين سينعكس دماراً وهلاكاً على الشعب العربي في الأردن، وإن المصالح متشابكة بين ضفتي نهر الأردن بشكل أكثر بكثير منها بين سكان الضفة الغربية وأهالي قطاع غزة، وهذه حقيقة تلمسها الناس منذ وصول السلطة سنة 1994، حيث تعمد الاحتلال أن يميز بين حياة الناس في المنطقتين، وأن يمنع التواصل بين غزة والضفة الغربية، وفي المقابل، عزز التواصل الجغرافي والاقتصادي والحياتي بين ضفتي النهر، بل وشهدت الدوائر السياسية على عمق التواصل حين تم التوقيع على اتفاقية وادي عربة بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو مباشرة، وحين وقعت الأردن والسلطة الفلسطينية على عدة اتفاقيات تعاون مشترك في شهر اكتوبر لسنة 2012.

اليوم تتوج السياسة الفلسطينية بمخطط ضم أجزاء من الضفة الغربية لإسرائيل، وهذا عدوان خطير على الأرض والإنسان في الضفة الغربية، وله مضاعفات ميدانية لن تترك الأردن بحاله، بل ستلقي على كتفه بكل النتائج السلبية للأطماع الإسرائيلية، وفي ذلك تأكيد على ارتباك السياسة الأردنية بمقدار تعثر السياسة الفلسطينية، لذلك فإن انعدام رد الفعل الفلسطيني الميداني شكل ضغطاً على ملك الأردن؛ فخرج بتصريح القوي ضد منظومة الاتفاقيات الموقعة، وهدد بالصدام مع الإسرائيليين إذا طبقوا مخططات الضم، وكان الأجدر أن يصدر هذا التهديد بالصدام عن القيادة الفلسطينية، على أن يكون الأردن ظهراً وسنداً للمواقف الفلسطينية، ورغم كل الواجبات الوطنية والدينية الملقاة على الأردن، فليس المطلوب من الشعب الأردني أن يكون عربياً فلسطينياً أكثر من قيادة السلطة الفلسطينية، فمن أكل ثمار السلطة عشرات السنين، عليه أن يسمد أرضها من امتيازاته ومكتسباته وأرباحه.

صرخة الملك الأردني غضب على القيادة الإسرائيلية، وعتب على القيادة الفلسطينية؛ التي لم تتخذ أي خطوة عملية لمواجهة مخططات الضم، من هنا جاء باهتاً تصريح الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، حين قال: إن هناك حركة فلسطينية على المستوى العالمي تعمل بالتنسيق مع الأردن للخروج من هذه المحنة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.

الذي تتعرض له الأرض الفلسطينية ليست محنة، وصرخة ملك الأردن لم تكن في مواجهة محنة، وإنما كانت في مواجهة نكبة، والنكبة ليست فلسطينية فقط، ونتائج العدوان لا تقتصر على أرض فلسطين فقط، لذا فالتحرك المطلوب ليس دبلوماسياً فقط، وإن كان مهماً، المطلوب تحرك فلسطيني على الأرض، ينادي الشعب العربي الأردني على الحدود بعد أن يتجسد مواجهات في الساحات وعلى طرق المستوطنات، ويؤكد أن المعركة عربية، وأن الأردن وفلسطين على قلب رجل واحد مقاوم للاحتلال ومخططاته العدوانية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات