عندما يضيع الحق على صاحبه، وبالقانون .. ؟!


جرت العادة عند وقوع مشاجرة بين شخص وآخر، أو بين مجموعة من الأطراف، أن يلتجىء كل طرف الى الشرطة، وإذا وقعت إصابات يذهب المُعتدى عليه الى المستشفى للحصول على تقرير طبي يشخص الإصابات، ويمكن أن تنقسم عملية الحصول على (رابور) طبي الى ما يلي:

أولا: أن يذهب الشخص الى المستشفى وحده ويحصل على التقرير الطبي بالإصابات، وهو تقرير معتمد من قبل الشرطة.

ثانياً: يذهب الشخص المصاب برفقة الشرطة، ويقومون بالإشراف على حالة المصاب وإعادته الى المخفر.

بالمقابل يقوم الطرف الثاني - المعتدي – بالاعتداء على نفسه بالضرب، وفق حجم الإصابة التي يعاني منها المعتدى عليه، فإذا كانت هناك إصابات بليغة؛ جروح، وطعنات، ورضات، سيقوم المعتدي بوضع علامات مماثلة، وذلك من أجل الحصول على تقرير طبي، ويقدم شكوى مقابل شكوى المعتدى عليه، الهدف منها في النهاية، الوصول الى الصلح، وإنهاء القضية إما بالمخفر أو أمام المدعي العام.

بكل بساطة، تعمل المخافر على تدوين الشكوى، وربما يكون الضابط المسؤول عن التحقيق يعلم بأن أحد الأطراف معتدي والطرف الآخر معتدىً عليه، إلا أنه يفضل الوصول الى حل يرضي الجميع، وصاحب الحق يضيع حقه بعد أن تتدخل الواسطات التي تدعم أطراف المشكلة...؟!

للأسف الشديد، وأكررها ألف مرة، لقد ضاعت حقوق مئات وربما الآلاف بسبب هذه الثغرة القاتلة والتي تتمثل بحصول المعتدي على تقرير طبي، والسماح له بالشكوى، ليكون هناك تقرير مقابل تقرير، وضربة مقابل ضربة، واتهام مقابل اتهام، ويمكن أيضاً لتعزيز قوة المعتدي أن يدخل العنصر النسائي بالشكوى لتعزيز الجانب المظلم، أو لإضعاف صاحب الحق.

من هنا، ولأن الحالات المُشار إليها تتكرر باستمرار، وتضيع الكثير من الحقوق بسبب الفهلوة، والشطارة التي يتمتع بها (زعران) هذه الأيام، وما يساندهم من إجراءات يقوم بها المخفر، والطبيب في المستشفى، وكما ذكرت، ومن هذا المنطلق يجب أن يعمل مجلس النواب، أو الحكومة، أو وزارة الداخلية على تعديل القانون أو الإجراءات المتبعة في المخافر ومديريات الشرطة، وأقترح ما يلي لتسهيل عملية كشف المعتدي من المعتدى عليه، صاحب الحق الذي يضيع حقه:

أولاً: عرض المعتدي والمعتدى عليه على طبيب شرعي في المخفر، مكان الشكوى، لتجهيز تقرير مبدئي عن حالة كل طرف من الأطراف.

ثانياً: إرسال التقارير الطبية المبدئية الى طبيب حكومي معتمد لتقييم الضربات والجروح الحقيقية والمفتعلة، فالذي يضرب نفسه ربما ينسى بأن عملية الضرب المزيفة يكتشفها الطبيب الشرعي بكل بساطة، أما الضربات التي تقع على المعتدى عليه فتكون واقعية لأنها دفاع عن النفس، كأن يتلقى المعتدى عليه ضربات بيديه وهو يدافع عن وجهه أو جسمه، أما المعتدي الذي يضرب نفسه، فالقانون، والطبيب يكشف طريقة الضرب، وزاوية الأداة الحادة، واتجاه النصل، وعمق الضربة، أمور خاصة بالطبيب الشرعي.

إضافة الى ذلك؛ رفع سعر التقرير الطبي الى مئة دينار، ورفع أسعار العلاجات، وتقطيب الجروح الى ما يساوي مئة دينار أخرى، بحيث يقوم صاحب الحق في حال أراد الاستمرار بالشكوى؛ دفع ثمن التقرير إذا كان بالفعل وقع عليه ظلم، أما المعتدي فلا يمكنه دفع قيمة التقرير والعلاجات، وبهذه الإجراءات نحقق هدفين:

الأول؛ تحقيق العدالة المطلوبة من الجميع، واكتشاف المجرم، أو المعتدي بطرق طبية وعلمية حديثة، داخل المخفر.

ثانياً؛ ردع المجرم، أو الأزعر، أو الخارج على القانون، ومنعه من ارتكاب جرائم الضرب، وإحداث العاهات، ويمكن أن تؤدي بعض المشاجرات والاعتداءات الى الموت، ويضيع فيها حق المعتدى عليه المالي، والاجتماعي، والقانوني؛ بتقرير طبي ثمنه سبع دنانير فقط.

أمر آخر؛ يتعلق بنوعية الأشخاص الذين يقدمون الشكاوى، والتقارير الطبية الصحيحة أو الكيدية، إذ من غير المعقول أن يتساوى صاحب الأسبقيات مع المعتدى عليه الذي لا يوجد له سجل أمني، أو قضائي، أمام الشرطة، والإدعاء العام، والقضاء، أكيد من غير المنطقي أن يتساوى هذا مع ذاك، إنه ظلم كبير أن يوضع صاحب صحيفة سوابق، أو ممن لديهم سجل إجرامي جنباً الى جنب مع المواطن الصالح.

نتمنى على من يهمه أمر المواطن العمل على تغيير بعض القوانين والمفاهيم الموجودة في المجتمع الأردني، تلك التي تساوي بين الصالح والطالح، الظالم والمظلوم، وأحياناً تنقلب النتيجة لصالح المجرم كلياً، ويخسر صاحب الحق حقه، بكل بساطة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات