التنمر في زمن الكورونا


مر العالم بظرف استثنائي نتيجة انتشار فايروس كورونا القاتل وما لحقه من وفيات وانتشار غير مسبوق، غير وجه البشرية التي اخذت جميع الدول فيها احتياطات مختلفة من اغلاقات وحظر تجول ومنع للتنقل والكثير من الاجراءات الاستثنائية لمواجهة هذه الجائحة، وفي الاردن كجزء من هذا العالم اتخذت السلطات في الدولة اجراءات قاسية للحد من انتشار الفايروس كتعطيل مؤسسات الدولة وفرض حظر للتجول كلي احيانا وجزئي احيانا اخرى ومنع حركة السيارات الا بحدود ضيقة جدا والكثير من الاجراءات التي كان لها انعكاسات اجتماعية واقتصادية وقانونية.
وكنتيجة للمعركة التي خاضها وما زال الاردن في مواجهة الفايروس تقرر بموجب امر الدفاع رقم (4) انشاء صندوق تحت مسمى " همة وطن " ليتلقى التبرعات لدعم الفئات الاكثر تضررا بالمجتمع وبصورة اساسية عمال المياومة والعاملون في القطاعات التي تضررت بشدة نتيجة وقف اعمالها، وبالرغم من ضعف التبرعات من الطبقة الاغنى والاقدر التي يفترض ان تقوم بواجبها الوطني لمساعدة الوطن على الخروج من هذه المعركة ضد فايروس خطير، فقد دأبت الحكومة على اجتراح الحلول والوسائل التي تخفف على المواطنين كان اخرها امر الدفاع رقم (9) الذي بموجبه تم وقف التعينات والزيادات لبعض القطاعات، واقتطاع علاوة التنقل في اخرى، و التبرع بجزء من الراتب في غيرها.
وفيما يخص الجامعات تقرر اقتطاع علاوة التنقل لجميع موظفي الجامعة واعضاء الهيئة التدريسية فيها بالاضافة الى تبرع اعضاء هيئة التدريس بما يعادل 10% من رواتبهم ان رغبوا بذلك، واذا كان بعض انعكاسات الاجراءات المتخذة لمواجهة كورونا ان شهد المجتمع الاردني بعض حالات التنمر بصورة خاصة تجاه المصابين بالمرض، الا ان ما يثير الدهشة والصدمة ان يصل التنمر الى مؤسسات التلعيم العالي عبر وزير التعليم العالي، فاذا صح الكتاب المنسوب اليه بخصوص تبرع اعضاء هيئة التدريس بجزء من راتبهم فانه تنمر غير مقبول البتة بل يشكل فضيحة بكل المقاييس خاصة البند الذي يطلب فيه معاليه من الجامعات تزويده باسماء اعضاء هيئة التدريس الذين لم يتبرعوا وان تقوم الجامعات بنشر اسمائهم على مواقعها الالكترونية فما الغاية من هذا الطلب وهل هو مقبول؟!!!
ابتداء فان المخاطب هم اعضاء هيئة التدريس علماء يبنون الاجيال التي تبني الاوطان، ثم انه تم اقتطاع علاوة التنقل من جميع اعضاء هيئة التدريس بموجب امر الدفاع وبالتالي فالجميع ساهم بدعم صندوق همة وطن، وثانيا ان التبرع امر شخصي منوط بالشخص نفسه والا لصدر امر الدفاع بالزام الاقتطاع بنسبة من رواتب اعضاء هيئة التدريس لا بصيغة التبرع فمن يرغب بالتبرع له ذلك وهو عمل محمود، ومن لم يرغب بذلك لا يجب ان يعنف او يذم بأي صورة من الصور، هل يعلم معاليه حجم الالتزامات المالية الملقاة على عاتق عضو هيئة التدريس الذي سيطلب من الجامعة الا تقتطع من راتبه وبعضهم من الغارمين، ثم ان من يقوم بهذه الخطوة لا شك انه يقطع تحت ظرف ضاغط ومبرر قوي والا لما اقدم على هذه الخطوة.
ان طلب اسماء اعضاء هيئة التدريس الذين اعلنوا عدم رغبتهم بالتبرع وهم حسب ما علمت فئة قليلة لا تتجاوز 10% تنمر غير مقبول ولا مبرر له على الاطلاق، فهل يضمن معاليه الا تتسرب هذه القائمة بما انه طلب نشر الاسماء. فيصور الاشخاص الذين وردت اسماؤهم بها كخونة للوطن او بخلاء او اي صورة من صور التنمر والتجريح التي سسيتعرض لها هؤلاء. يا معالي وزير التلعيم العالي ان خير البشر وضع قاعدة شرعية واخلاقية ان ما اخذ حياء فهو حرام وممارسة الضغوط بهذه الصيغة صورة من صور اخذ المال بالحياء وهو محرم شرعا واخلاقا خاصة ونحن لا نعلم الظروف والالتزامات التي دفعت هؤلاء لمثل هذا التصرف ثم ان الانسان حر بماله لا يجبره احد على التبرع الا من طيب خاطر واذا كان الامر الزاما لكان الاولى الزام االغنياء واقتطاع نسبة من الارصدة ومن جميع مواطني الدولة
حما الله الأردن قيادة وشعبا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات