معادلة كورونا مليئة بالمجاهيل .. القوي سيحمل الضعيف لحين ميسرة


بقلم محمد النجار - مهما بدا الخطاب الحكوميّ محلياً وعالمياً فيه نوع من الطمأنّينة للشعوب فإنّ مرحلة ما بعد الأزمة هي أسوأ من الأزمة ذاتها. الناس البسطاء وحتى بعض الحكومات تتعامل مع الأزمة بنظام التصفيق، أي: "وزير الصحة وكوادر خلية الأزمة فرحون بالتزام المواطنين بالتعليمات، المواطنون راضون عن الإجراءات الحكومية والمؤسسة الصحية، الأجهزة الأمنية تعمل بكل طاقتها لحماية المواطنين والجميع راضٍ بذلك". لكن ماذا إنّ طالت الأزمة حسب الدراسات العلمية والمؤشرات الواضحة؟ لا يمكن أنّ نعيش طوال حياتنا نلبس الأقنعة والكمامات على وجوهنا ولا يمكن أنّ نحجر أنّفسنا طوال العمر.

قبل عدة أيام قالت كندا على لسان رئيس الوزراء جيمس ترودو: "إنّ الحياة لن تعود لطبيعتها قبل إيجاد لقاح يقي الأصحاء من الإصابة بكورونا". هذا الكلام يعني أنّ الأزمة العالمية ستطول وأنّ الفايروس يأخذ شكلاً أُسياً بالتفشي (الأسبوع الأول حالاتان، الاسبوع الثاني 4، الاسبوع الثالث 8، إلخ.... ).

ولنتفق، في الأزمة لن نستمع للسياسيين أو رجال الأعمال ولا حتى الشعراء نريد سماع الآراء والنظريات الطبية والعلمية ونراقب علماء البيولوجية والجراثيم لنفهم ماهية الخطر المحدق.

مثلاً، تمتلئ الفضائيات والصحف والمواقع الإلكترونية العالمية بمقابلات مع الأطباء والعلماء والمتخصصين والخبراء بالأوبئة وحتى الممرضين وفنيي الأشعة والنتيجة الوحيدة التي خلصنا إليها هي: أهمية أجهزة التنفس وجفاف الحلق وانهيار الرئتين وعدم قدرة المستشفيات على استيعاب كل المرضى وأنّنا قد نواجه مشكلات بتوفير التوابيت !

بعد شهر تقريباً من الحجر العالمي، فقد الجميع ألقابهم السياسيين، مدراء البنوك، رجال الدين، الزعامات ورجال الدولة، الجميع الآن قيد الحجر ويعقم يديه وقدميه وأنّفه خوفاً من الموت بكورونا.

الحجر والحظر لن يدوم طويلاً بمجرد انتهاء أو شح الموارد الأساسية ستثبت هذه القاعدة ضعفها أمام ملايين الأفواه الجائعة في العالم. المجتمعات القوية لا تؤمن بالجلوس والاكتفاء بالنظر بل تؤمن بالتكافل وتكفر بنظرية الشركات (من يعمل يأكل ومن لا يعمل لن يأكل) فهذه الضمانة الوحيدة لبقاء المجتمعات والتي تشكل بدورها الدولة وأجهزتها.

الحكومات والشركات الكبرى التي توازيها بالقوة متضررة من الحظر العالمي أيضاً، لذلك فكورونا هو الفرصة -وقد تكون الأخيرة- للدول المستهلكة بأنّ تبدأ بالانتاج ودعم المشاريع للتمهيد لطريق الاكتفاء لسداد التزاماتها ومواصلة الحياة ولو كانت بالحد الأدنى مبدئيأً، وإنّ ذكرت الحد الأدنى للحياة فالقمح سيكون مثالا وإنّموذجاً -القمح غوث الهالكين، فالتقارير تشير إلى أنّ أكبر الدول المصدرة للقمح (روسيا - أميركا - الاتحاد الاوربي) ستجد صعوبةً بتأمين الطلب العالمي خلال الـ 6 - 8 أشهر القادمة بسبب انكماش أعمالها ومؤسساتها باعتبارها أكثر الدول تضرراً من الجائحة العالمية.

لم نسمع ما نفهمه من المختصين سوى أنّ الفيروس خطير، لذلك سنعود للسياسة، هناك حلقة مفقودة، الصين صامتة، روسيا تنظر، أميركا غير مقتنعة، أوروبا مفككة، مع ذلك لا زلنا لم نحل المعادلة لأنّها مليئة بالمجاهيل والمتغيرات.

أما مرحلة ما بعد الجائحة، فإنّ الصمت سيطول وسيكسره القليل من التثاؤب والتذمر. الحكومات ستبدأ بحسابات توفير الغذاء لملايين الأفواه، وعلى الشعوب أنّ تكون قد فهمت ثقافة إدارة الأزمة والموارد وأنّ تعيد ترتيب علاقتها ببعضها والتي ستقوم على مبدأ القوي يحمل الضعيف لحين ميسرة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات