ستُطفَئ "صافرات الإنذار"


"كلّ مُرٍّ سيمُرّ" وسِيّان بأن يكون دهراً أو "ليالٍ عشر" إلّا تلك المرارة التي تبكيك من القهر -قُبيلٍ سجّدتيّ الفجر- فأين المفرّ ؟ إن كانت الإبل إلى أهلها لا تفرّ.....لا جائحة أوجع من الجائحة الأخلاقيّة التي تمزّق نسيج المجتمع المطرّز بألوان العلَم ، وتهشّم جدرانه المتعاضدة والمتراصّة ، هذه الجائحة التي تجعل من "التنمّر" نقداً ومن "الإستقواء" فلسفة ً ، ومن إقتناص الأشخاص وإفتراس وجدانيّاتهم وخصوصيّاتهم وجهة نظر.


إن مساحات الوقت الشاسعة التي أحدثها حظر التجوّل والحجر المنزلي ، كان حقيقاً علينا أن نجعلها فرصة للمشاركة بالمسؤولية الإجتماعية ، وحالة خلّاقة من التقارب الإنسانيّ ، ومساهمة فاعلة في إستثمار الأدوات والقدرات في زحزحة هذه الغيمة السوداء عن سماء الوطن ، إلّا أنه -وببالغ الأسف- لم يستطع المتنمّرون النائمون تحت أغطيتهم إشغالها بما هو مُجدٍ ، فكانت بيئة ً خصبة لإنتقال "وباء الكراهيّة" وعدوى "التنمّر" فيما بينهم ، جاعلين من مُصاب المصابين وأسمائهم ومناطق سكنهم وحتّى حاراتهم القديمة مدعاةً للسخرية ، ومُبرّراً للخوض فيهم والنيل منهم ، وأكاد أجزم بأن ضحايا (وباء الكراهية) قد تجاوز بكثير عدد المصابين بفايروس (كورونا) ، فكم من بيت هدمت ألسنة المغتالين أعمدته ، وكم من عامل مُصاب قُطِعَت لُقمة عيش أطفاله نتيجة التشهير بإصابته وكأنها تهمة ، وكم من عائلةٍ حجرَ المجتمع عليها وعزلها وكأن المرض غدا وصّمة عار

- والله إنكم جائحة على الوطن-.


ستُطفَئ "صافرات الإنذار" و يحمل هذا الضيف الثقيل حقائبه الثقيلة ويرحل..

ستُطفَئ "صافرات الإنذار" ويخلع الوطن "كمّامته البيضاء" كجندي أماط اللِثام عن وجهه ..

ستُطفَئ "صافرات الإنذار" وينهي الجيش الأبيض أطول مبارزاته مع الموت ، ليرجعوا إلى بيوتٍ بالكاد أصبحوا يألفوا تفاصيلها ..

ستُطفَئ "صافرات الإنذار" وتلوّح سارية "عمّان" لأرتال الجُند العائدين إلى زناد بنادقهم و زنود خنادقهم ، هؤلاء الجُند الذين منحونا أوراق إجازاتهم ، ومنحونا دعاء أمهاتهم ، ومنحوا أولادنا وقت أولادهم ، هؤلاء السُّمر الذين شربوا الشمس ماءً ، وعلكوا الصبر خُبزاً ، وكانوا لله جُنداً ..

ستُطفَئ "صافرات الإنذار" ويقترض عامل الوطن من مُنبّه الفجر وقتاً..

ستُطفَئ "صافرات الإنذار" ويُفرّق السلام الملكيّ "كعك الصباح" على صبية المدارس..

ستُطفَئ "صافرات الإنذار" وتُرّخي عمّان جدائلها على أكتاف عرائسها..

ستُّطفَئ "صافرات الإنذار" وتنادي مآذن المساجد على أبنائها وأجراس الكنائس على فتيانها.







تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات