دعوة لوقف مواد إعلانية تسئ للرجل والمرأة والزواج


جراسا -

للإعلام دور كبير وتأثيرات جمة على المجتمع في الأحوال العادية، ويتزايد هذا التأثير في الوقت الحالي مع التزام كافة أفراد الأسر في منازلهم بسبب الإجراءات الإحترازية التي إتخذتها الحكومة الأردنية لمنع إنتشار فيروس كورونا، مما يوجب على الإعلام توجيه رسائل إيجابية، الجادة منها والكوميدية أو الإعلانية.

وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" في بيان وصل "جراسا" الى نموذجين سلبيين إحداهما برنامج كوميدي والأخر إعلان تجاري من ضمن مجموعة متعددة من المواد الإعلامية والدعائية المسيئة للنساء والرجال على حد سواء والعلاقات بينهم، لا بل مسيئة لمنظومتي الزواج والأسرة، وكان بعضها مسيئاً لدرجة أنه تم إلغائها بضغط من مؤسسات المجتمع المدني من جهة والرأي العام من جهة أخرى، خاصة وأن الجهات الرسمية لم تتخذ أي إجراءات لمنع هذه المواد الإعلامية والإعلانية، وقد يكون الإطار القانوني الحالي لا يسعفها في ذلك، أو لربما لم تقدم أي شكوى لدى الجهات المعنية.

والنموذج الأول تم بثه عبر فضائية أردنية ضمن برنامج كوميدي يوم 30/3/2020 وجه إساءة مباشرة للنساء بشكل عام والنساء المتزوجات اللاتي يكبرن أزواجهن بشكل خاص، وتم وصفهن بأوصاف غير لائقة (بدك توخذها مجعدة)، لا بل جسد سطوة الزوج على زوجته والتحكم في حياتها الخاصة والعامة على حد سواء (هيها مرمية في البيت من سنة). وهو نموذج ترفضه "تضامن" كما يرفضه غالبية المجتمع الأردني وإن كان في قالب كوميدي، ويجب على القناة إلغاءه وعدم إعادة بثه، والإعتذار عن هكذا إساءات وعدم تكرارها مستقبلاً.

وتضيف "تضامن" بأن النموذج الثاني هو إعلان فيديو بث على موقع التواصل الاجتماعي جسد أشكالاً متعددة من الاساءات للمرأة والرجل والزواج والأسرة. إن تنميط الأدوار وتكريسها في صورة لا تحتمل المقارنة (مادة غذائية أحسن من 100 عريس) إنما يدل على الإنحدار الكبير في محتوى الإعلانات بما تتضمنه من رسائل سلبية تهين الجميع بلا إستثناء ولكنها تعصف بشكل خاص بمكانة المرأة في المجتمع وتحصر دورها في الحياة بصورة غير لائقة ولا تمت للواقع بصلة. وتطالب "تضامن" بالوقف الفوري والإعتذار عن هذا الإعلان الذي يوجه إساءة مباشرة الى الرجال أيضاً، ويؤثر سلباً على العلاقات المتكافئة بين الجنسين، وعلى البناء السليم لمنظومتي الزواج والأسرة.

يرتبط العنف ضد النساء والفتيات إرتباطاً وثيقاً مع عدد من العوامل المتعددة والمتشابكة في ظل ظروف تسودها أوجه عدم المساواة بين الجنسين والمتجذرة فيها أشكال القوة والسيطرة القائمة على النوع الاجتماعي. وهو منتشر بشكل كبير على المستويين المحلي والعالمي ويشكل خطورة بالغة على النساء بشكل خاص والذي ينعكس بدوره على المجتمع ككل، لذا فإن العمل على الحد من أو التصدي للعنف بجميع أشكاله ممكناً بصورة تكاملية وتشاركية بين جميع الأطراف ذات العلاقة، والعمل أيضاً لمنع حدوثه وإتخاذ إجراءات وقائية قبل وقوعه يبقى خياراً مفضلاً وقائماً ومستنداً على الأدلة والمعرفة.

وتعمل بعض وسائل الإعلام والمعلنين على ترسيخ الصور النمطية لأدوار كل من الذكور والإناث، كإظهار النساء والفتيات على أنهن في مرتبة أدنى من الرجال والفتيان، أو أن لهن أدواراً محدودة في المجالين الاجتماعي والمهني، وتغُيب مهاراتهن وكفاءاتهن الفعلية، وتكرس أدوارهن الإنجابية بإعتبارها الأدوار الوحيدة لهن في المجتمع دون أي إعتبار لأدوارهن الإنتاجية ومشاركتهن في الحياة العامة. كما تعمد بعض هذه الوسائل على نشر صور تحط من قيمة النساء وتمس كرامتهن بإعتبارهن "أدوات" خاضعة للرجال، كما تروج لنماذج وصور وسلوكيات من المرجح أن تشجع على العنف ضدهن والتغاضي عنه.

وتضيف "تضامن" بأن العلاقات الاجتماعية الايجابية بين الأقران الذكور في المجالين العام والخاص من المصادر الهامة الداعمة للمواقف والاتجاهات نحو المساواة بين الجنسين ونبذ العنف ضد النساء. في حين أن بعض المفاهيم السلبية التي تسود بعض العلاقات ما بين الأقران ترفع من إحتمالية العنف ضد النساء. وتتسم العديد من العلاقات الاجتماعية المتكونة من الذكور دون الإناث بالتغاضي والتسامح مع سلوك أفرادها السلبي تجاه النساء والمساواة بين الجنسين أو العنف المرتكب ضدهن.

إن ثقافة الأقران الذكور التي تعزز العداء تجاه المرأة أو عدم إحترامها تعد من الأسباب الكامنة وراء العنف الممارس ضدهن، ويساهم الإعلام الموجهة للرجال في تعزيز ثقافة الأقران الذكورية التي تستبعد النساء أو تهينهن أو تحتقرهن. وعادة ما تظهر النساء على أنهن تحت سيطرة الرجال، وأن ليس بإستطاعتهن الخروج من محيطهم.

هل تعاقب التشريعات الأردنية على هكذا تجاوزات؟

هنالك مجموعة من التشريعات الأردنية المتعلقة بهذا المجال، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر النصوص التالية: تنص الفقرة (ل) من المادة (8) من قانون الإعلام المرئي والمسموع رقم (26) لسنة 2015 على أنه: "يكون المدير مسؤولاً عن سير أعمال الهيئة وتناط به المهام والواجبات التالية: إصدار تعليمات البرامج والإعلانات والدعاية التجارية". أما الفقرة (س) من ذات المادة فتنص على: "إيقاف بث مادة أو برنامج في حالات استثنائية تضر بالأمن الوطني أو السلم المجتمعي أو تبث مواد إباحية".

وينص البند (1) من الفقرة (ل) من المادة (20) من القانون على: "التزام المرخص له بإحترام الكرامة الإنسانية والخصوصية الشخصية وحريات الآخرين وحقوقهم وتعددية التعبير". أما البند (2) فينص على: " عدم بث ما يخدش الحياء العام أو يحض على الكراهية أو الإرهاب أو العنف أو إثارة الفتن والنعرات الدينية والطائفية والعرقية أو يلحق الضرر بالاقتصاد والعملة الوطنية أو يخل بالأمن الوطني والاجتماعي." وينص البند (4) على: " عدم بث مواد إعلامية أو إعلانية تروج للشعوذة والتضليل والابتزاز وخداع المستهلك."

وفيما يتعلق بالعقوبات المقررة عند مخالفة القانون، فقد نصت الفقرة (ب/1) من المادة (29) من القانون على أنه : "يعاقب كل من المرخص له إذا مارس أعمال البث أو المسجل لإعادة البث الذي يخالف أحكام الفقرة (ل) من المادة (20) من هذا القانون بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف دينار ولا تزيد على ثلاثين ألف دينار مع إلزامه بالتعويض وإزالة الضرر الناشئ عن المخالفة". وينص البند (2) على أنه: "تضاعف العقوبة المنصوص عليها في البند (1) من هذه الفقرة في حال إستمرار المخالفة أو تكرارها ولمجلس الوزراء بناء على تنسيب الوزير المستند الى توصية المدير إلغاء رخصة البث الممنوحة للمرخص له بعد صدور حكم قضائي اكتسب الدرجة القطعية."

تنص المادة (6) من تعليمات البرامج والإعلانات والدعاية التجارية رقم (1) لسنة 2006 على أنه: "على جهات البث إحترام العادات والتقاليد الأردنية وتعزيز الأخلاق العامة."

يشار الى أن هيئة الإعلام أرسلت عشرات التنبيهات الخطية لجهات بث معينة أرتكبت مراراً وتكراراً مخالفات لتعليمات البرامج والإعلانات والدعاية التجارية، إلا أن الهيئة لم تتلق أية شكاوى على تقارير متعصبة ضد فئة معينة من المجتمع كالنساء أو اللاجئين أو العمالة الوافدة.

وتنص المادة (13) من ميثاق الشرف الصحفي على أنه: "للمرأة حق على الصحافة في عدم التمييز أو التحيز أو الاستغلال بسبب الجنس أو المستوى الاجتماعي، وفي هذا السياق يراعي الصحفيون ما يلي:

1- عدم استغلال المرأة بإعتبارها جسداً للإثارة.

2- الدفاع عن حرية المرأة وحقوقها ومسؤولياتها."

وتنص المادة (14) على أنه: "يلتزم الصحفيون بالدفاع عن قضايا الطفولة وحقوقهم الأساسية المتمثلة بالرعاية والحماية، ويراعون عدم مقابلة الأطفال أو التقاط صور لهم دون موافقة أولياء أمورهم أو المسؤولين عنهم، كما لا يجوز نشر ما يسيء اليهم أو لعائلاتهم، خصوصاً في حالات الاساءة الجنسية شواء كانوا ضحايا أو شهوداً، ويلتزمون برعاية حقوق الفئات الأقل حظاً وذوي الاحتياجات الخاصة."

وتحت بند السلوك الأخلاقي للإعلاميين تنص الفقرة (22) من ميثاق الشرف المهني الخاص بالعاملين في قطاع الإعلام المرئي والمسموع في الأردن على أنه: " يحرص الإعلامي على عدم التشهير أو التحريض على العنف والكراهية ضد أي شخص أو مؤسسة على أساس الجنس أو العرق أو الدين أو الانتماء السياسي."

وتنص الفقرة (23) على لأن: "يراعي الإعلامي في مادته الإعلامية التي تبث في وسائل الإعلام عامة والموجهة للأطفال خاصة، حماية الأطفال من المواد التي تؤثر سلباً على نموهم النفسي، كما يمتنع عن استغلال الطفل أو المرأة بطريقة غير لائقة في أية مادة إعلامية أو إعلانية."

وتشير "تضامن" الى أن الاستراتيجية الوطنية للمرأة في الأردن (2020-2025) نصت وفي هدفها الإستراتيجي الثالث حول "الأعراف والاتجاهات والأدوار الإيجابية تدعم المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة" بأن مُخرجها الأول سييكون "الأعراف والأدوار الاجتماعية الإيجابية مدرجة في التعليم الرسمي ومصادر التعلم غير الرسمي وفي الإعلام والخطاب الديني والمجتمعات المصغرة".

وتحقيقاً لذلك فإن التدخلات التي تقترحها الإستراتيجية تتمثل في "مجابهة المفاهيم النمطية لأدوار النساء والرجال والأعراف الاجتماعية السلبية السائدة في خطاب الإعلام الرئيسي التقليدي والمجتمعي." من خلال رفع قدرات المؤسسات والجهات الإعلامية والإعلاميين في التغطية الإعلامية الحساسة للاحتياجات المختلفة للجنسين وكيفية تحليل ونشر المعلومات وضرورة التركيز على القضايا المتعلقة بالتمييز ضد المرأة ومجابهة الصور النمطية للمرأة في الإعلام، بحيث تشمل أدلة تدريبية وبرامج لبناء القدرات حول كيفية توفير المواد الإعلامية والإعلانية التي تعزز ثقافة المساواة والعدالة ورفض أي شكل من أشكال التمييز والتنميط.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات