مديرية ( مشي حالك ) الحكوميه


علم يرفرق في الافق ، صالة مراجعين مكتظة ، موظفين بعضهم يجلس على مكتبه ، ابتسامة صفراء من موظف الاستقبال ، اسئله كثيرة من مراجعين لا تلقى اي اجابات ، وصندوق شكاوي واقتراحات فارغ ، وشهادة الجودة تشهد لتلك الدائرة بسرعة الانجاز ،،،،،، ومواطن معتكف منذ زمن في صالة الانتظار منتظراً انتهاء معاملته .

طوابير مراجعين على ثلاث مراحل ، صراخ من مواطن يصدح في صالة الانتظار ، معترضاَ على بطء الاجراءات ، هنا عجوز افترشت الارض وتتذمر من حرارة الجو وطول الانتظار ، رجل سبعيني يجلس قرب كولر ماء كتب عليه( سبيل عن روح الكرامه )، يتمتم بكلمة (مشي حالك) ،،، بجانبه عجوز اخر ينصح بكلمة (سلك حالك )...

تمضي تلك الكلمات على مسامعي ، مستهجن وجودها بتلك اللحظة ، وبذلك المكان ، اقف في الطابور الاول ، منتظراً دوري لساعات للحصول على امر القبض ،، حتى اتهيأ نفسياً للدفع ، وعيني ترقب الطابور الاخر، لعلي اجد فسحه بين المصطفين احشر نفسي بينهم .

عند انتهائي من الطابور الاول ، متوجهاً نحو الصندوق في الطابور الثاني ، سمعت ذات الكلمات (مشي حالك) ، (سلك حالك) ، خلت بنفسي للحظات انها كلمة تقال لمن يقف في الطابور ، وتعني التحرك بسرعة لاتمام الاجراءات ، فبدأت احرك قدمي ويدي بسرعة علي انفذ المطلوب من الجملة ......!

مضت مدة طويلة من الدوام الرسمي ، والطابور يزداد طولاً ، ولم تنجز معاملة من يقف براس الطابور بعد ، ولم يتحرك من مكانه ، فقلت لمن حولي ان صاحب اول معامله ( وجهه نحس )، فهناك معاملات كثيره تنجز حتى من خارج الطابور ، واشخاص تنهي معاملاتها ، والطابور على حاله لم يتحرك ، لمتضي الساعات بدون استفاده من وقتنا .

وكي لا اشعر بالملل ، وكوني اجيد فن الانتظار ، والاستفاده منه ، فقد قمت بحصي عدد بلاطات الارض في صالة الانتظار، كما قمت بعد النوافذ، والمراجعين الذكور والاناث ، والموظفين ومن ينتعل حذاء ومن ينتعل غير ذلك ، وقمت بمعاينة وحدات الاناره ، والابواب وكم موظف يعمل ، حتى مضت استراحة لافطار وكذلك استراحة الصلاه ، وحل وقت انتهاء الدوام ، ليخرجني تدافع المصطفين وفن استفادتي من الوقت خارج الطابور ، بدفشات متتاليه ستجلسني اياماً حبيس الفراش ، فلا ادري لما احسست لحظتها بأن عجلة الحياة تدور من حولي ، وتستثنيني ومن معي في الطابور ، وخصوصا اول معاملة التي ينظر جميعنا عليها علها تنفرج على الجميع بتسليكها ........

يوم حافل انتهى ، والمحصله عدة اصابات بجسدي النحيل ، طالت الايدي ، والاكتاف والركب ، وطالت....... ، فخرجت من تلك الدائرة قبل انتهاء الدوام ، لينتهي بي المطاف اتكئ على طاولة كاتب استدعاءات عارضاً مساعدته لي ، قائلاً (سلك حالك) ستنتهي معاملتك اليوم حتى اخرجت ما في جيبي من دنانير وانتظرت فخرج لي بمعاملتي منجزه مختومه بختم مديرية ( سلك حالك) الحكوميه .

لتعود بي الذاكره للوحة شهادة الجوده ، وسؤالي اي معايير جوده طبقت على هذه الدائرة الحكومية اهي معايير الطابور المكرر ثلاث مرات لإنجاز معامله واحده ، ليستهلك عمر المراجع ، ام معيار (سلك حالك) في سرعة انجاز المعاملات ليستنفذ تحويشة المراجع .

باعتقادي بان من قام بتقييم سرعة انجاز معامله في هذه المديرية ، اخذ معيار زمني لجماعة (سلك حالك) للايتام والمساكين والثكلى . لمن يدفع ثمن طابع (سلك حالك) اكثر من رسوم المعامله نفسها ، وبذلك خلص لنتيجة سرعة الانجاز .

ورغم مرارت الطوابير وغصة (تسليك الحال) وما تم دفعه على مر الايام من فوق الطاوله ومن تحتها ومن بين فتحاتها ، استفدت اخيراً درساً جديداً بحب الوطن وتسليك العواطف ودفش الجيل القادم نحو طابور المحبه .


maenalfarhan@yahoo.com



تعليقات القراء

متابع بفخر
وربي انتا فخر الله يكيد عزالك وشرهم بنحورهم اللهم امييييييييييييييييييييييييييييييييييييين:-)
11-10-2010 11:06 AM
منور ابو قاعود
ماتقوله استاذ صحيح والمعاملات مكدسة في هالمديريات
11-10-2010 01:57 PM
مواطن
واقعي وقوي وما يحصل في دوائرنا الحكوميه اكثر من ذلك تسلم يا استاذ معن3
11-10-2010 02:12 PM
الزعبي
مقال رائع وجميل واسلوب بديع .....الله يكون بالعون
12-10-2010 01:50 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات