اخطأت مرتين، وأصابت حماس مرتين


لقد أخطأت شخصياً في تقدير الموقف أول مرة حين التقينا عشرات الكتاب والمفكرين مع الدكتور خليل الحية في فندق آدم على شاطئ بحر غزة في ينار 2017، يومها انصب النقاش حول مشاركة حركتي حماس والجهاد في أعمال اللجنة التحضرية التي تقرر عقدها في بيروت، وكان نقد الكتاب والمثقفين وأساتذة الجامعات لمشاركة حركة حماس اجتماعات بيروت لاذعاً، ولاسيما بعد فشل التجربة الطويلة والمريرة لعشرات اللقاءات والاجتماعات التي لم تسفر عن شراكة حقيقة، ولم تنه الانقسام، وقد حذرنا يومها من توظيف لقاء بيروت كغطاء لعقد جلسة مجلس وطني في رام الله.

لقد دافع الدكتور خليل الحية عن قرار المشاركة بأعمال اللجنة التحضيرية، وأكد أن المشاركة تعني بقاء الأمل بالنجاح، وإمكانية خروج المجتمعين بصيغة توافقية يحلم بها الشعب الفلسطيني، وأن عدم مشاركة حماس تعني بقاء الوضع الفلسطيني المنقسم على حاله، ونحن سنشارك في اجتماعات اللجنة التحضيرية حرصاً على مصالح شعبنا، ولن يستطيع أحد أن يفرض علينا موقفاً أو برنامجاً أو مشروعاً أو جلسة مجلس وطني لا تنسجم مع تطلعاتنا، ورؤيتنا العامة للصراع.

وبالفعل، فقد جاءت مخرجات اللجنة التحضرية في بيروت وطنية بامتياز، حيث طالبت اللجنة التي ترأسها السيد سليم الزعنون وحضرها أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة والأمناء العامون للفصائل، طالبت من السيد محمود عباس البدء بالتشاور من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية فوراً، مع ضرورة عقد جلسة مجلس وطني تضم كل القوى السياسية في الخارج، مع إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وفق اتفاقية القاهرة 2005، واتفاق المصالحة 2011، مع الدعوة إلى مواصلة أعمال للجنة التحضرية بانتظام.

وللأسف، لم يطبق أي بند من البنود التي تم التوافق عليها في اجتماعات اللجنة التحضيرية، وعقد السيد عباس جلسة المجلس الوطني الانعزالية في رام الله.

وأخطأت للمرة الثانية في تقدير الموقف حين اعترضت على تراجع حركة حماس عن شرطها بإجراء الانتخابات بعد عقد الإطار القيادي للمنظمة، وبعد تشكيل حكومة وحدة وطنية تشرف على الانتخابات، وغضبت مع غيري من الكتاب والشخصيات حين تراجعت حماس خطوة أخرى، ووافقت على أن يصدر المرسوم الرئاسي قبل عقد أي لقاء فلسطيني، ووافقت على إجراء الانتخابات التشريعية دون الرئاسية، حيث جاء موقف حماس مغايراً لروية الفصائل، وكتبت مقالاً في حينه تحت عنوان انتخابات المجلس الوطني أهم من التشريعي والرئاسة، اعترضت فيه على تنازلات حركة حماس، التي أغضبتنا أيضاً حين وافقت حماس على إجراء الانتخابات وفق قانون التمثيل النسبي!

وكنت مخطئاً في تقدير الموقف، وكانت حركة حماس على صواب، حين أكد السيد محمود عباس ـ الذي تفاجأ بتنازلات حركة حماس غير المتوقعةـ أنه لن يصدر المرسوم الرئاسي بإجراء الانتخابات التشريعية إلا بعد ضمان الموافقة الإسرائيلية على إجراءها في القدس!

أن تصيب حركة حماس في مرتين لا يعني أنها على صواب دائماً، ولاسيما بعد الإعلان الأمريكي عن صفقة القرن، وظن حماس أن المواجهات على طريق المستوطنين وجيش المحتلين ستتصاعد، وأن هذه المواجهات ستفتح باب المصالحة على مصراعيه، لتكتشف أنه مغلق، مغلق بقرار قطعي من السيد محمود عباس، الذي اتخذت حركة حماس قراراً بمهادنته، وعدم مهاجمة سياسته علانية، على أمل تحقيق المصالحة، وأزعم أن هذا موقف خاطئ من حركة حماس، التي اتقنت فن مواجهة الأعداء، وتلعثمت في مواجهة خطايا الأصدقاء.

ملحوظة: أتمنى أن أكون مخطئاً في تقديري، وأن تكون حركة حماس على صواب، وتنجح في تحقيق المصالحة الوطنية، وينتهي الانقسام.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات