الانتخابات العامة والمؤهل


يبدو اننا مازلنا نخلط ما بين اختيارات الانتخاب وخيارات التعيين، وما بين معيار الوصف الوظيفي وطبيعة المجالس المنتخبة، فان الفرق كبير بين الحماية الافقية التي تعطى للقرار والحماية الراسية التي تعطى للموظف، كما ان هنالك فرقا ايضا، بين الحماية الشعبية التي تحمي بيت القرار وصانع القرار والحماية الادارية التي يحميها راس الهرم الوظيفي وموظفوه، هذا لان العملية الديموقراطية ووسائلها الانتخابية تختلف عن النظم الادارية ووسائلها في التعيين، فان الواقع الانتخابي تكون قاعدة المثلث فيه الى اعلى، بينما في الهيكلية الادارية تكون قاعد بيت القرار فيه الراس الاعلى من المثلث الذي يتشكل من مثلث متساوي الاضلاع بين الشعب والدستور والنظام، لذا كانت موجبات الوظيفة الادارية ومعيارها، مغايرة عن مستلزمات القواعد الديموقراطية ونهجها. فان لكل منهما وصف وظيفي مغاير للاخر اي ما تتم فيه اسس الخيار الانتخابي مغايرة عن نظام الاختيار الاداري.

من هنا كان ما يستلزمه الوصف الوظيفي من تاهيل لا يتطلبه العمل الديموقراطي من انتخاب، فان درجة المستلزمات الادارية تعتمد على الغير بينما مكانه الخيار الانتخابي فهي مستقلة ذاتيا، وهذا مغاير بالمطلق عن ذاك، فما يجب اسقاطه هنا لا يجب اتخاده هناك، كما ان الفرق كبير بين اختيار الموظف وخيار الشعب للمركز، فلا يجوز بالمطلق ان نضع قانونا يحول بين الناس وبين خياراتهم، وان ننصب من انفسنا اوصياء علي خيارات العامة وهذا ياتي من باب الحريات العامة التي نص عليها الدستور عندما لم يفرق بينهم على اي اساس حتى لو كان ذلك يندرج في اطار التمييز او التمايز الايجابي، لطفا.

هذا لان الشعب هنا مصدر السلطات وليس موجبات احالة بيت القرار مصدرها، كما ان المانح للحماية الشعبية هنا هو ايضا حامل الرافعة الوظيفية وليس العكس، لذا كانت احد اهم موجبات النهج الانتخابي تمثله ذلك العامل الذي يتم بموحبه المحافظة فيه على درجة العموم وان نبتعد بتطبيقاته عن مسالة الخصوص او التخصيص الذي يتناقض مع مبدأ المساواة في الترشح ومبتدأ الترشيح وهو العامل الاساس الذي يقف عليه خبر الاختيار، فلا يجوز مثلا في انتخابات المحامين ان نخصص لمنصب النقيب من يحمل دكتوراه مثلا لان ذلك يتناقض مع حقوق العامة والتي من يمتلك فيها حق الترشيح يمتلك فيها حق الترشح.

اما في مسالة التاهيل فان التاهيل الذي يستلزمه الانتخاب يتمثل في القرب من العامة والتاثير فيها وامتلاك الرسالة والعمل الجماعي وهذا ما تمثله الروح القيادة والمبادرة اما الاختيار الوظيفي فهو يتحدت عن درجة التاهيل العلمي الخاص وحالة الاعداد المعرفي الخاصة والتي تعمل في اطار التوجيه القادم من راس الهرم الاداري لذا فهي تندرج في الاطار التنفيذي ولا تندرج في منزلة الجانب الاقراري، وهذا ما يشكله الفارق بين ما ينتج لصناعة قرار وصياغته وبين ما يعنيه لتنفيذ مراميه ضمن جمل وظيفية.

فان تعبئة المراكز العامة على اسس تكنوقراط اثبت فشلها وجعلتنا نعود بمؤسساتها الى الوراء، فلا يجوز مأسسة هذه المفاهيم على القواعد العامة بدلا من العمل على تصحيح بواطن الخلل الاداري فيها، ودعم مؤسساتنا الاردنية بقيادات سياسية يتم اختيارها من الشعب باعتبارها بيت القرار وباحترام شديد للحقوق الشعبية التي كفلها الدستور، حتى لو كان ذلك يندرج في الاطار طابع الاستثناء الموجب، فالشعب الاردني قادر على اختيار ما يناسبه ومن يعمل من اجله ويجب على المشرع ان يحترم حقه دون وصاية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات