تهميش دور الشباب


مازال الشباب يعاني نظرة التهميش والتطنيش وانعدام الكفاءة والفاعلية والأهلية لمسايرة التطور ومواكبة متطلبات العصر، علما بأن هذه العوامل هي التي أدت فعليا إلى انتكاسة خطيرة في صفوف الفئات الشابة التي اقتسمتها البطالة ما بين الجلوس في المقاهي والتشرذم والضياع من جهة، وتيارات الشد العكسي في تمييع دورهم الطليعي كصناع للتغيير من جهة أخرى.

الملاحظ أنه مع ارتفاع مستوى الوعي الثقافي والسياسي في صفوف الشباب، أصبح لا بد من خلق فرص عمل لهم لتأمين حياتهم في العيش الكريم، وإيجاد الفرص لتشغيلهم بشكل فعلي، لأن غالبية الشباب اليوم يعاني من حالة احباط غير مسبوقة، وقد سئم مما تتغنى به الحكومات من خلال تقاريرها عن وجود فرص عمل لهم لكنهم يعزفون عنها، في حين أن كل الحلول الوقتية والترقيعية التي تعرض في الندوات والمؤتمرات لم تفلح حتى الآن في وضع حل ولو جزئي لمشاكل الشباب ومطالبهم، لا بل كانت تزيدهم اصرارا في البحث عن مطالب جديدة غير تقليدية أملتها ظروف الحياة وتقدمها المتسارع.

اليوم لا أحد يستطيع أن يضع تصورا أو حدا لمطالب الشباب، ولدينا اليقين بأنها تبدأ كضرورة حتمية في افساح المجال أمامهم وإشراكهم ودمجهم في الحياة السياسية ومؤسسات صنع القرار، والعمل على تحويلهم من عنصر خامل إلى لبنة قوية في بناء الوطن ونهضته، ليساهموا بفاعلية في معركة البناء الوطني المنشود الذي نطمح إليه.

فالأجدر أول ما يحتاج إليه الشباب هو تحقيق العدالة الاجتماعية، خاصة لأولئك الذين عانوا التهميش بكل صوره وأثبتوا جدارتهم وفاعليتهم في شتى الميادين التي عملوا بها، الملتزمين والمتمسكين بانتمائهم الوطني الجديرين بتحمل المسؤولية، وبعدها نبدأ في تصحيح الأخطاء المتراكمة، وعلى رأسها إهمالهم وتهميش دورهم اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا، فقد ولى زمن اختزال الشباب في شخصيات كرتونية تتحدث بالنيابة عنهم، وفي حقيقة الأمر لا تمثل إلا ذاتها ومصالحها، فهذه ضرورة من ضروريات هذا الوقت قبل أن تكون مجرد مطلب.

بذلك ونتيجة للتحديات التي تمر بها منطقتنا بشكل عام، ويمر بها وطننا العزيز على الخصوص، ولإنصاف الشباب وجعلهم على سلم الأولويات، فقد حان الوقت لإطلاق مشروع وطني فكري سياسي ثقافي، تساهم فيه كل مؤسسات الدولة العامة والخاصة على حد سوأ، لاجتذاب واستقطاب أكبر عدد من شريحة الشباب والاستماع لهم في عرض مطالبهم دون أدنى وصاية من أحد، وأن يفسح لهم المجال ليتحدثوا بلغتهم وبلسانهم حول مطالبهم ومشاكلهم، لأنهم الأقدر والأجدر على عرضها بكل شفافية ومسؤولية، كونهم رواد الغد وفرسانه وحصن الوطن الحصين الذي بدوره سيجنب الوطن آفات التفرقة والتفتت والتشتت والتطرف، ويحمي مقدراته ويحافظ على الإنجازات التي تعب بها الاجداد والأباء.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات