عندما نتحدث عن إسرائيل .. !


هناك سؤال دائماً ما يتبادر الى الذهن؛ كيف تنظر إسرائيل الى العرب، وعلى أي مبدأ (إذا كان لدى اليهود مبدأ من الأصل) تتعامل إسرائيل مع المنطقة العربية المحيطة، إذ لو نظرت للدولة اليهودية من أي زاوية؛ ستجدها تارة دولة مجرمة، عنيفة، متمردة على المجتمع الدولي، وتارات أخرى؛ دولة تبحث عن سلام غير مكتوب إلا في القصص والروايات السخيفة، أو ربما سلام في مخيلة الأطفال، لأن الطفل لا يفكر إلا بالحصول على كل شيء دون أن يُقدم شيئاً، معتمداً على إحساسه بالتفرد، والأنانية، وحقيقة، عندما نتحدث عن إسرائيل؛ يجب علينا أن نفكر كثيراً عن أي جانب يمكن أن نتحدث، عن الجانب العسكري أم الجانب السياسي، أم الجانب الإجتماعي، لكن لو أخذنا جميع الجوانب، ربما نخرج بالنتائج التالية:

أولاً: يطلقون على دولتهم إسم إسرائيل، وإسرائيل هو النبي يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم (عليهم السلام)، وقد ذكره القرآن باسمه يعقوب في كثير من الآيات، وذكره باسم إسرائيل في موضع واحد في سورة آل عمران، حيث قال الله تعالى في محكم التنزيل: كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة.

إذا كانت إسرائيل ترغب بأن تحمل صفات أحد أنبياء الله، إذن على الدولة أن تبحث عن السلام الحقيقي الذي يجعلها مقبولة من جميع الأطراف، لا أن تبحث عن طرف يؤيدها بالمطلق، وتقلب ظهرها لبقية الدول التي تعيش في كنفها، بل داخل مركز الصراعات، وكأن إسرائيل دولة لا تتأثر بما يتأثر به ما يحيط بها من دول ملتهبة مثل سوريا ولبنان ومصر، وعلى الضفة الأخرى للمتوسط هناك ليبيا، وتونس، والجزائر، محيط عربي ملتهب، ربما تعتقد إسرائيل بأنها في منأىء عن الصراعات الدائرة هنا وهناك وعن هذا المحيط كان تأثيره المباشر على العالم وليس فقط على منطقة الشرق الأوسط.

تنظر اسرائيل الى العرب على أنهم الحلقة الأضعف، المسألة الهامشية في الصراع العربي الإسرائيلي، النقطة العمياء التي يجب أن تتجاوزها في كل الظروف، هذه النظرة لا يمكن أن تستمر الى ما لا نهاية، فالصراعات العربية العربية، أو العربية والإقليمية لا يمكن لها أن تستمر في ظل؛ تغيير التحالفات، وفي ظل وجود النفط، الورقة المهمة والخطيرة للغاية بيد العرب، على الرغم من سيطرة الغرب، والتحكم بهذه الورقة حتى الآن، فالظروف لابد لها وأن تتغير طال الزمان أم قصر.

من غير المنطقي أن تستمر إسرائيل على هذا النهج الأعور، التمسك بالسلام دون تقديم شروط السلام، والإلتزام بهذه الشروط، أو اللجوء الى العنف للهروب من استحقاقات عملية السلام الوهمية، ومن غير المنطقي أن تنظر الى المنطقة العربية نظرة الذئب أو الضبع في نظرتهم للعرب وكأنهم قطيع من الإبل، يساعدها رجل أحمق لن يهمه بعد أن يخرج من رئاسة أمريكا إن عاشت إسرائيل أو اقتربت من نهايتها، إذ لا يمكن أن تبقى إسرائيل على عنادها إن تجمعت الحشود العربية بأمر من الله، عندها لن تنفعهم كل جيوش العالم.

قلت في أكثر من موضع ومقال إن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي لا يوجد لها حدود ثابتة، فالأرض التي احتلوها، أو التي اشتروا أجزاء منها، أو تلك التي استأجروها من أصحابها، أو التي وضعوا أيديهم عليها بحجة إنشاء قواعد عسكرية عليها، أو تلك التي ورثوها عن أجدادهم في عهد الملياردير موسى مونتفيوري؛ أراضٍ يحدها من الغرب؛ البحر المتوسط، ومن الجنوب؛ مصر مع الاعتداء على كثير من الأراض المصرية، ويحدها من الشمال؛ لبنان مع الاعتداء على أراضي الجنوب، ومع الأردن، مع الاعتداء أيضاً على كثير من الأراضي الأردنية، وتتجاوز حدودها في الضفة الغربية وقطاع غزة بعدة كيلومترات، ولم تترك للسلطة الفلسطينية سوى (35) بالمئة لإقامة دولتهم دون القدس.

هنا فقط، كان الأولى والأجدى أن يعمل العرب على وضع النقاط على الحروف؛ قبل البدء بعملية السلام التي انتهت الى ما انتهت إليه من تحقيق مكاسب للحركة الصهيونية، وذراعها السياسي دولة إسرائيل، كان على العرب أن يحققوا الشروط التالية قبل السلام المزعوم، والتطبيع وكأن القضية الفلسطينية انتهت الى ما يرضي جميع الأطراف:

أولاً: كان على العرب قبل الجلوس الى الطاولة، والتفاوض على مراحل السلام؛ إجبار اليهود على التوقف عن بناء المستوطنات، والإسكانات العبثية، والتمدد داخل ما تبقى من فلسطين.

ثانياً: كان على العرب إجبار اليهود على الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بالعيش على أرضه، وإقامة مؤسساته على الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات مجلس الأمن التي تحقق هذه الشروط قبل الجلوس على الطاولة وتبادل عبارات السلام.

ثالثاً: الطلب من مجلس الأمن الدولي تشكيل لجنة لترسيم الحدود في ذلك الوقت، ومن ثم البدء بالتفاوض على ما تم ترسيمه، ومعرفة كل منطقة الى أين تتوقف حدودها ولو بشكل مؤقت لغايات التفاوض النهائي.

إن مجرد قبول العرب والقيادة الفلسطينية التفاوض دون تحقيق الشروط القانونية والمنطقية، جعل من إسرائيل تتغول على القرارات الدولية، وتستثنيها من أجندة التفاوض، وتتغول على القرار العربي الذي يعاني من التشرذم والإنقسام، إذ لو اجتمع العرب على قرار تفاوضي واحد، لما وصلنا الى ما وصلنا إليه من اتفاقيات سلام عبثية استفاد منها عدونا الصهيوني، وخسر العرب كل شيء، ولو حاولنا أن نلملم ما تبعثر من كرامتنا فسنحتاج الى عشرات السنين حتى نُقنع المجتمع الدولي بأننا جادون في تحصيل حقوقنا... لكن هيهات...؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات