أوبزيرفر: ماذا سيفعل ترامب لو ردت إيران بقوة على مقتل سليماني؟


جراسا -

نشرت صحيفة “أوبزيرفر” مقالا للمعلق فيها سايمون تيسدال تحت عنوان “بعد سليماني ستضرب إيران بقوة وربما على عدة جبهات”. وقال إن المقابر الواسعة خارج طهران هي تذكير بالثمن الباهظ الذي دفعته إيران خلال حرب 1980- 1988 مع العراق. فقد قاتل ومات مئات الآلاف من الشبان الإيرانيين في الحرب الفظيعة ضد صدام الذي سلحته الولايات المتحدة، وكان من بين الجنود الإيرانيين الذي شاركوا في الحرب قاسم سليماني.

وكانت الحرب بكل المعاني هي التي شكلت الرجل الذي وصل إلى أعلى المستويات في المؤسسة الأمنية والعسكرية والاستخباراتية. وكان ولاء سليماني للنظام الثوري الذي سيطر على إيران عام 1979 صلبا، وكذا اعتقاده أن أمريكا العنيدة هي العدو الأول لبلاده، وقد كتب هذا الاعتقاد بالدم.

وأصبح سليماني مهندس التوسع الإيراني في العراق الذي بدأ على قدم وساق بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003. وساعدت أمريكا طهران في تحقيق السيادة على البلد بطريقة لم تكن قادرة على القيام بها من قبل. واستطاعت إيران وعلى مدى عقود توسيع سيادتها على سوريا ولبنان وغزة واليمن. ومن هنا سيكون إرث سليماني الحقيقي هو المواجهة المستمرة بين بلاده وأمريكا، وستحدد الطريقة التي سترد فيها إيران على مقتله عندما أمر الرئيس دونالد ترامب باغتياله قرب مطار بغداد يوم الجمعة معالم المواجهة.

ويرى الكاتب أن ما اقترحه البعض في أمريكا من أن إيران ستتراجع وسترضى بما حدث يكشف عن قلة معرفة الأمريكيين بطهران. فقد اعتبر الكثيرون في إيران مقتل قائد مهم بمثابة إعلان الحرب، ورأوا بسليماني شهيدا يجب الانتقام له. وعبر المرشد الأعلى آية الله خامنئي ووزير الخارجية محمد جواد ظريف عما سيحدث. وسيكون مقتل سليماني بمثابة نقطة الحشد لدعم النظام.

ويشير الكاتب إلى أن وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رمسفيلد عبر بشكل واضح عن طبيعة الوجود الأمريكي بالمنطقة وأنه يمثل أرضية خصبة للاستهداف. فلو قررت إيران شن هجوم شامل على أمريكا فستكون القاعدة العسكرية الأمريكية في البحرين مركز الأسطول الخامس الأمريكي هي الهدف الأول. ومن خلال التجارب فإن مواجهة واضحة ومباشرة ليست محتملة. فحلفاء أمريكا ومنشآتهم تظل أمرا مختلفا. ففي المسرح الخليجي لدى إيران عدد من الخيارات. فقد تضرب مراكز إنتاج وتصدير النفط في السعودية والإمارات العربية المتحدة كما فعلت عندما استخدمت الصواريخ والطائرات المسيرة في أيلول (سبتمبر). وربما اختارت إيران إغلاق مضيق هرمز بشكل يتسبب بصدمة للنفط العالمي.

ويرى الكاتب أن إسرائيل والقيادة العسكرية فيها لديهم أسبابهم التي تدعوهم للقلق. فقد استطاعت إيران وبجهود من سليماني بناء قواعد لجماعاتها الوكيلة في سوريا. وكان وجود هذه الجماعات المبرر الذي دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لشن غارات في سوريا والعراق. وبالنسبة للمؤسسة الإيرانية المتشددة فإن إسرائيل تعتبر الذراع غير الشرعية للشيطان الأكبر، أي أمريكا. وتعرف هذه المؤسسة أن إسرائيل تعيش أزمة سياسية حادة، ولهذا فلا يمكن دفع الرغبة بضرب عدو مكروه لم يتوقف ترامب عن منحه الهدية بعد الأخرى.

ولو نفذت إيران وعدها بالانتقام من إسرائيل فسيأتي من لبنان وعبر حزب الله الذي يمارس تأثيرا واسعا في البلد. ومع أنه تجنب الحرب مع إسرائيل منذ آخر حرب في عام 2006 إلا أنه أعاد بناء ترسانته العسكرية وزودته إيران بصواريخ متقدمة ومن كافة الأحجام. وقد يكون العراق مشهد اغتيال سليماني ساحة انتقام للقيادة الإيرانية بعد أن أغضب قرار ترامب قادته. وتعرضت السفارة الأمريكية نهاية كانون الأول (ديسمبر) لهجوم من الجماعات الموالية لإيران، فيما ضربت الجماعات المسلحة القواعد العسكرية التي يعمل منها الأمريكيون حيث تحتفظ واشنطن بـ 5.000 جندي في العراق وسوريا.

ولدى طهران خيارات أخرى غير العمليات الواضحة مثل القيام بعمليات تخريب ناقلات نفط وهجمات صاروخية تبعد نفسها عنها أو تفخيخ أهداف واستهدافها بشاحنات محملة بالمتفجرات كما فعلت في عام 1983 حيث قتل 250 من جنود المارينز ببيروت. ويعتقد الكاتب أن أمريكا وحلفاءها في أوروبا والمنطقة خاصة السعودية والإمارات لديها سبب لكي تشعر بالقلق. فلم يستشر ترامب حلفاءه عندما أمر بقتل سليماني. وربما اندفع السعوديون الذين لديهم أسلحة أمريكية متقدمة للقيام بعملية وقائية بشكل يوسع النزاع.

وهناك حاجة لحكومة بوريس جونسون التي أظهرت موقفا متشددا من إيران أن تتجنب الوقوع في فخ المواجهة الحالية. فترامب يريد من جونسون دعمه مهما كان موقف البرلمان والرأي العام. ولكن جونسون ووزير خارجيته دومينك راب ليسا مجربين ولا يعرفان ما يفعلا لو تعرضت ناقلات أو قواعد بريطانية في الخليج للهجوم.

ولدى طهران وسيلة سياسية تحاول من خلالها التحكم بغضب العراقيين والقيادة السياسية وتوجيه جهودهم لدفع الدبلوماسيين والمتعهدين والجنود الأمريكيين للخروج وبشكل كامل من العراق. فقتل سليماني حرف غضب العراقيين عن إيران إلى الولايات المتحدة. ولدى إيران أصدقاء ممثلون بالصين وروسيا وهما مستعدتان للدعم. ويخشى فلاديمير بوتين الذي يتعاون مع طهران في سوريا من تأثير القتل على جهوده في مكافحة تنظيم الدولة والجهاديين.

ولن ترحب تركيا التي تتميز علاقتها بالتوتر ولديها علاقات مع إيران بأي جهد يزعزع استقرار حدودها الشرقية والجنوبية. وليس لدى الصين سبب يدعوها لمساعدة ترامب الذي تشبه سياسة الضغط القصوى على إيران ما فعله معها. وتعارض روسيا والصين التدخل الغربي في الخارج وواصلتا علاقاتهما مع إيران. ومن الناحية النظرية لدى إيران أداة قانونية ودبلوماسية، فقتل الولايات المتحدة مسؤولا حكوميا على أرض أجنبية يعد خرقا للقانون الدولي وكذا قانون صلاحية الحرب في الكونغرس، ويمكن رفع الأمر للأمم المتحدة وإلى المحاكم المحلية العراقية والإيرانية وحتى الأمريكية.

وفي النهاية لا يمكن توقع أي تصرف عقلاني من طرفي النزاع. فالمواجهة التي بدأت عام 1979 ساءت منذ وصول الرئيس ترامب إلى الحكم وقراره الخروج من الاتفاقية التي وافقت عليها الأمم المتحدة للحد من نشاطات إيران النووية. في الوقت الحالي يتساءل الجميع: ماذا سيكون رد إيران؟ ولكن السؤال الأكبر هو: كيف سيرد ترامب لو ضربت إيران بقوة؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات