عشائرنا في دائرة الإستهداف !!!


بسم الله الرحمن الرحيم, قال تعالى وهو أصدق القائلين,

{... وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ...}

العشيرة أو العائلة هي وحدة اجتماعية تربط بين أفرادها علاقة الدم والقربى, ما زال لها في وطننا العربي الكبير والأردن بشكل خاص نكهة ومذاق ليس لأي مجموعة من مشكلات المجتمعات الأخرى.
وتشترك العشيرة الأردنية مع باقي مكونات المجتمع ببعض السلبيات والإيجابيات التي تطبع كل تشكيل بشري, ولكنها تتميز منفردة بضوابط والتزام أخلاقي ومنهجي يزيد في كثير من الحالات عن التزام الفرد بتوجيهات أو تعليمات أخرى, أو الأحزاب وأشكال التنظيمات الإجتماعية والسياسية الحديثة. وكم ساعد هذا عند تطبيقه في حالته الفطرية البحتة على حل كثير من المشاكل المستعصية أو حتى تجنب حدوثها أصلا. وكم كان شيخ العشيرة الأردنية ومعاونية العضد الأقوى والأنجع للسلطة التنفيذية وأذرع القانون والعدالة.
وما استمرار نظام العطوة والصلح العشائري, والمحافظة على نهج التقاليد العشائرية بالخطبة والزواج وكثير من أشكال الفرح والترح والمجاملات داخل مجتمعنا الأردني, الا دلالات واضحة على ما للعشيرة ونمط حياتها من رونق وسحر يجذب حتى ضيوفها ومن لم يحمل جيناتها.
ناهيك عن أن العشيرة الأردنية وعلى مر تاريخنا الوطني, هي الوحدة الأكثر انتماء وولاء للأرض, وأكثر التصاقا بها واستعدادا للتضحية والفداء من أجلها. مثلما هي للنظام الذي التفت حوله منذ أن حط الرحال في مضاربها الكريمة, ودفعت ضريبة الدم الزكي للدفاع عنهما.
تاريخ حافل ومشرف هو تاريخ عشائرنا الأردنية عبر السنين والأحداث, ومن يصيخ السمع لصدى السوالف من العصور, فلا بد أن يطربه صهيل المحجلات الأردنية وصليل سيوف فرسانها من أبناء العشائر الأردنية من الأنباط الى الكرامة, مرورا بالثورات المجيدة والهبات الخالدة والمعارك التي غيرت وجه التاريخ والتأريخ معا.
لماذا إذن هذا الإستهداف البغيض للعشيرة الأردنية بكل حيثياتها, ولماذا محاولات طبعها بالتخلف والبدائية ولصق صفة عدو الديموقراطية والحضارة وعصر الديجيتال بها؟
ولماذا شحذ الفكر وتسخير الطاقات لوأد روح العشيرة وفطرة الإنجذاب للدم والنسب. والتبرأ من رابط العمومة والخؤولة, في حين أن المولى عز وجل قد ذكر هذه الروابط في محكم تنزيله, وأكد عليها في أحكامه وقوانينه السماوية السمحة, ودعى لصونها والبر بها في أكثر من موقع وتشريع, وكذلك فعل نبي الأمة وابن قريش عليه الصلاة والسلام.
الصوت الإنتخابي الواحد هو ايها الأعزاء, وبامتياز لنظام أدى الى شرخ العشيرة بقوة, وإنه لهجوم سافر على وحدتها ورصين بنبانها وصفها الواحد.
ومطالبات عريضة وحتى تحت قبة برلمان سابق, بإلغاء اسم العشيرة من الوثائق الشخصية للأفراد, هي كذلك هجوم على العشيرة ومحاولة للنيل من ركائزها ورموزها.
وبعض إعلام أصفر مطبل ومزمر لكل شئ في الدنيا غير العشيرة, ومتهما اياها بالعنصرية وبكل الجهالات والسوئات التي هي منها براء, لهو أيضا نمط من أنماط التحزب ضد العشيرة, ودعوة صريحة لفك الإرتباط معها.
وحشد من الوزراء, لا بارك الله بهم, يستقوون على الشعب بانعدام الموروث والتنكر للجذر وأخلاق المجد والأصل, ليصرخ أحدهم بالمواطنين الأعزاء, أنا فلان, وسوف أضرب بيد من حديد, وثاني يصفهم بالمعاقين, وثالث يتهمهم بسوء المظهر والهندام, ورابع يهدد صحفييهم ويحاول تكميم أفواههم, مثل هؤلاء لا يقيمون لكرامات الناس وزنا, ويتنكرون لقيم العشائر الحميدة وأخلاق التعامل الإنسانية الرفيعة.
أيها الإخوات والإخوة, واقع وحقيقة أن الشيوعية العالمية قد قبرت نفسها وانتهت الى قدرها المحتوم, وقد عافها أصحابها وصناعها في مهدها ومرتعها الأول.
وواقع وحقيقة أن الإسلام الحزبي قد أسس على يد غير مسلمين, ومن لا يبطنون للإسلام خيرا, وهم من يمولونه ويوجهونه الى يومنا هذا, إضافة الى قوى دولية جديدة وجارة, تختطف سفينته الى الثورية الفارغة والتطرف الإهوج لغير مصلحته ووبالا عليه وعلى أهله, وتستعدي عليه الأمم والأديان. وأن الإسلام الدين الحنيف, لهو أكبر من الأحزاب والكولسة والمصالح الضيقة, وليس بحاجة بالمحصلة لحزب أو تنظيم.
وواقع وحقيقة ايضا أن القومية ومنذ النشأة الأولى لم تتعدى كونها شعارات وخطب رنانة وأسلوب مكرور للحشد والمظاهرات الشعبية التي تموت مطالبها ومبادئها عند انفضاض عقدها. وما أكثر الكوارث والبراكين التي عصفت بنا تحت شعارات أصحابها ومنظريها. ويخلو تاريخنا من نصر واحد يذكر سجلته قوميتنا المعاصرة.
وحتى أحزابنا بكل ايدولوجياتها واتجاهاتها المختلفة, لم تكن إضافة حقيقية لمجتمعاتنا ولا لنظامنا السياسي كما هي في دول أخرى وحضارات نهضت على أكتاف أحزابها ومؤسسات مجتمعاتها المدنية.
أما لبنة المجتمعات البدوية الزراعية الأولى بعد الفرد, الا وهي العشيرة والتجمع العائلي, فقد كانت دائما وما زالت, عنوانا للوحدة الصغرى على طريق الوحدة الكبرى, وجيشا فاعلا للدفاع عن الوطن والأرض, ومنبعا لمكارم الأخلاق وحسن الإلتزام نحو العشائر الأخرى والأفراد والمكونات الأخرى للمجتمع. وكانت فكاكة للنشب, فزعة للحق والعدل, معطائة للطالب والمحتاج. مجتمعها متماسك متعاضد. عرس أحد أبنائها عرس الجميع, ومصيبته مصيبة الجميع. ينصرونه مظلوما ويردعونه عن ظلمه ظالما دون تعقيد أو روتين.
فمن له مصلحة بيننا والحالة هذه, بتقويض هذا البناء الصحي في مجتمعنا العزيز؟ ومن له مصلحة والوضع كذلك أن يقصم ظهر العشيرة ويزرع بها من أمراض العصر وفيروساته ما يهد حيلها ويسلبها عافيتها؟ ومن له مصلحة بما يدور من تناقضات خطيرة في جو الإنتخابات الوطنية بين أبناء العشيرة الواحدة تؤدي في بعض الأحيان الى كسر العظم وهدر الدم؟ ومن له مصلحة بهكذا فتنة لئيمة قد تزرع بذور السوء التي لن تثمر الا خرابا ودمارا بين بني العمومة والأهل.
الكوفية والعقال أيها الأهل والعشيرة, هما زينة ولباس للرؤوس الشامخة التي لا تنحني الا لخالقها, والتي يحلف بها للنخوة والفزعة, للمكارم والأخلاق الحميدة والإلتزام الخلقي نحو الملهوف والجار والضعيف وصاحب الحاجة والقصير والدخيل, فاتركوهما هناك حيث تزهو بهما الهامات والأخلاق.
كفافينا الحمر التي تغنى بها المرحوم عبده موسى في, حنا جنود الوطن حنا جنود حسين, ربع الكفافي الحمر والعقل مياله, رأيتها عينها أكثر من مرة تزين أرداف وأكفال وخصور متمايلة على نغمات الوحدة ونص. ورأيتها تلتف حول عنق شاب نعوم غنوج تصارع فكاه لبانة لا تكبر على حبة عنب, يلوكها يطرطقة تصم الآذان وتخدش الحياء والرجولة. ورايتها أكسسوارا على تابلوه سيارة أو على متكأ مقعدها.
كفافينا وعشائرنا, هي الأعلام التي ترفرف في لون البيرق الأردني الخفاق فوق هام السحب, بشومة الأردني ونخوته وعزة نفسه التي تميزه بكل فخر عن غيره. فاتركوها بالله عليكم هناك حيث يمتد الفخر وتسكن النجوم .
فنجان قهوتنا في مضاربنا الأردنية السامقة, هو عنوان كل طيب فينا, نقدمه لإقراء الضيف, وفك النشب, وخطب الود وجمع المتفرق. لها عرفها وتقاليدها العريقة, فلا تسخطوها بأشكالها الحديثة من تايوان وهونغ كونغ, تماما مثل ما فعلنا بسجادات صلاتنا ذات البوصلة الدالة على القبلة ومسابحنا هدية حجنا وعمراتنا التي باتت لكثيرين سياحة مبتذلة لا أكثر.
منسفنا, لا تقلبوه بالله عليكم, الى مسخ يتشدق به شبه طاه على فضائية فارغة, لم يذق يوما طعم منسف أردني أصيل. ولا عرف يوما معناه أو بروتوكول تقديمه. يطحن الجميد بالمولينكس, ويفخخ المليحي بالبصل والمطيبات الهندية, ويزرع رأس دجاجة يتيمة مهرمن فوق كثيب الثريد. وألف صحتين.
والى من يهمه الأمر,
أستحلفكم بالله, عشائرنا لن تضركم أن لم تنفعكم, فلا تجعلوها هدفكم القادم, واتركوها خارج دائرة الإستهداف.



تعليقات القراء

لست بدوية يشرفنى ان اكون
الفرق بين ابن العشيرة وبين اللذى يتطاول على ابن العشيرة كالفرق بين الشرف واللاشرف
28-09-2010 06:20 PM
عواد
ياسلااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااام عليك يا دويري .. قسما بالله انك ابدعت ويسعد الام اللي حمتلك وارضعتك والاب اللي رباك .. حيك وحي الكوفيه الحمرا والبيت المروبع والمحجله وخيالها وحي امي وخيتي وخالتي وعمتي اللي تسهر الليل تعلمني حب الوطن وحب ابناء عمومتي وحب التراب في الشفا وفي الصحرا وفي الغور ,,, سيدي لقد ذكرت بمقالك لا بارك الله فيهم من يحاربون العشيره ومهما حاولوا الفشل امامهم ما دامت القهوه بدلالها ومحماسة جدي ومهباشه اللي ينادي عالضيف مو خرط حكي في الشوارع والمحافل ضد العشيره .. العشيره سيدي حمتهم واحتضنتهم ولا زالت وستبقى مهما حاولوا عنوان للشهامه والكرامه والامن والامان والنخوه والفزعه لحماية الوطن ... وقد شهد القاصي والداني من هم اللذين روت دمائهم تراب الوطن واسوار القدس .. ابناء عشائر سيدي .. يعلمون ذلك جيدا ويتناسونه لمصالح ونوايا بائت بالفشل .. لك سيدى كل الحب والشكر الجزيل .. حمى الله الاردن وحمى مليكه المفدى
28-09-2010 10:21 PM
اسحاق
والله ماني شايف من العشائرية إلا مشاكل تتسع في كل أرجاء الوطن، العشائري ما هي إلا مظهر من مظاهر التخلف في المجتمعات المتمدنة.
02-10-2010 11:46 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات