لهذه الأسباب ندعو لتأجيل الانتخابات النيابية


شعبنا يتبادل مع حكومته هزّ الأكتاف

إعلان المجالي عدم خوضه للانتخابات القادمة يثير عشرات الأسئلة

لماذا أصبح مجلس النواب غير مهم؟!

تأجيل الانتخابات يجب أن يكون جزءاً من عملية كاملة لبناء جبهتنا الداخلية

مطلوب جداول انتخابات جديدة وقانون انتخاب يعبر عن إرادة شعبنا

المجلس القادم سيولد فاقداً للثقة الشعبية

 


نعلم علم اليقين أن الكثيرين من الرسميين, يهزون أكتافهم, استنكاراً للدعوات المتواصلة, لتأجيل الانتخابات القادمة. بدعوى انه تم تحديد موعد الانتخابات. وتم إنهاء معظم الإجراءات المتعلقة بإجراء هذه الانتخابات. وهذا كلام حق يراد به باطل. فقد عودتنا حكوماتنا المتعاقبة على أن تستجيب, ولكن في وقت متأخر لمطالب شعبنا, وقواه الحية. وآخر ما استجابت له الحكومة متأخرة, وبعد فوات الأوان, هو فتحها باب الحوار مع الحركة الإسلامية, وسائر قوى المجتمع من أحزاب ونقابات, لإقناعها بالعدول عن مقاطعة الانتخابات والمشاركة فيها. بعد أن أصمت الحكومة آذانها طويلاً عن كل النداءات التي كانت تطالبها بالحوار. وبعد أن أصمت هي آذاننا بالقول: إن كبرياء الحكومة يمنعها الطلب من أي جهة المشاركة بالانتخابات.
لقد قرأنا العشرات من التصريحات الحكومية التي تدير الظهر للحوار بشكل عام, ومع الإسلاميين بوجه خاص. وقرأنا أيضاً عشرات التصريحات من المسؤولين, وعشرات المقالات والتحليلات من المحسوبين على الحكومة استهدفت كلها التخفيف من تأثير مقاطعة الإسلاميين على الانتخابات. ومن أسخف الحجج التي قيلت للبرهنة على عدم تأثير مقاطعة الإسلاميين على الانتخابات, القول بأن تأثير الحركة الإسلامية محصور في محافظات عمان واربد والزرقاء. ومع عدم تسليمنا بهذه المقولة, فإنها حجة على أصحابها. ذلك أن أكثر من ثلاثة أرباع الأردنيين يقطنون في هذه المحافظات الثلاث. مما يعني أن الحركة الإسلامية تؤثر في غالبية الشعب الأردني. هذا إذا سلمنا أن تأثيرها غائب عن سائر المناطق الأخرى. وهو قول غير سليم. فقد تعودنا أن تتمكن الحركة الإسلامية من إيصال نواب لها في الكرك والعقبة والطفيلة ومعان وجرش وعجلون والمفرق ومادبا والسلط. ولا نريد أن نطيل بالتعداد لنؤكد أن الحركة الإسلامية موجودة ومؤثرة على امتداد تراب الوطن, وليس في المحافظات الرئيسية الثلاث حسب قول كتبة الحكومة.
ما نريد أن نقوله: إن الحكومة, ورغم كل تصريحات مسؤوليها ومقالات كتابها, عن عدم تأثير المقاطعة. وعن إدارة الظهر للحوار, اضطرت أن تفتح باب الحوار متأخرة, وبعد فوات الفرصة. فكان من الطبيعي أن لا يثمر هذا الحوار. وأن لا يؤدي إلى ثني القوى الرئيسية في البلاد عن قرار المقاطعة, الذي بدأ يتسع أكثر فأكثر. فبالإضافة إلى الحركة الإسلامية والأحزاب المؤثرة, هناك المتقاعدون العسكريون, وهناك المعلمون, وهناك عمال المياومة, وهناك العديد من العشائر الكبرى, وشرائح اجتماعية أخرى فاعلة ومؤثرة. وهذا الاتساع المتزايد للمقاطعة, هو الذي يفسر حالة الفتور في الحراك الانتخابي. فمثلما تهزّ الحكومة أكتافها لدعوات القوى الحية في بلدنا. فان جماهير شعبنا تهزّ هي الأخرى أكتافها لدعوات الحكومة. وتضرب بها عرض الحائط, ولا تتفاعل مع نداءاتها للمشاركة في الانتخابات. وهذه وحدها تكفي لدفع الحكومة إلى التفكير بتأجيل انتخابات يعرض عنها غالبية أبناء شعبنا. فكيف إذا كانت هناك أسباب جوهرية أخرى لتأجيل الانتخابات منها:
أن الأسباب التي أدت إلى ولادة المجلس النيابي السابق, وظروف ولادته المشبوهة والفضائحية, والتي أدت في نهاية المطاف إلى حلّه, وتسابق الجهات التي شاركت في ولادته الفضائحية إلى إعلان براءتها منه ما زالت قائمة. بل إنها اشد وضوحاً. وأولها أن ثقة شعبنا التي فقدها المجلس السابق فور ولادته, تلازم المجلس القادم حتى قبل ولادته. بدليل هذا الحجم المتنامي من المقاطعة. وبدليل هذا العزوف الشعبي الواضح عن المشاركة في كل العمليات التحضيرية للعملية الانتخابية. وبدليل عزوف شعبنا حتى عن الحديث عن الانتخابات القادمة. ولا يحتاج المراقب إلى كبير العناء ليتأكد من أن الانتخابات النيابية القادمة لا تشكل أولوية عند أبناء شعبنا. ولا تحتل مساحة في أحاديثه وأسماره. إلا إذا كان حديث سخرية أو تبادل معلومات وأقاويل, عن إجراءات تؤكد عدم نزاهة الانتخابات القادمة. كالحديث عن اتصالات حكومية مع هذا الشخص أو ذاك, لدفعه إلى خوض الانتخابات. أو تقديم تسهيلات لهذا الشخص أو ذاك ممن ينوون ترشيح أنفسهم. أو الهمس عن تسجيل أسماء شرائح واسعة ممن لا يحق لهم التصويت لدفعهم إلى صناديق الاقتراع يوم الانتخابات.
بغض النظر عن مدى دقة وصحة هذه الأقاويل, لكنها في النتيجة النهائية تعبر عن غياب الثقة الشعبية في الانتخابات القادمة, وما ستفرزه خاصة على الصعيد السياسي, بسبب مقاطعة القوى السياسية المؤثرة وعلى رأسها الإسلاميون لهذه الانتخابات. ولن تجدي نفعاً محاولات إيصال نواب إلى قبة البرلمان يمثلون أحزابا مصنوعة لا تقوى على الاستمرار إلا بفضل المنشطات. أو أحزاب اهترأت ولم يعد لها تأثير. أو أحزاب وصفتها جهات رسمية, بأن مجموعها لا يملأ سيارة (بكب) في إعطاء المجلس القادم صبغة سياسية أو تشريعية أو رقابية فاعلة.
إن كل الدلائل تشير إلى أن المجلس القادم سيكون أكثر تشتتا وأكثر فردية, خاصة بعد أن أعلن المهندس عبد الهادي المجالي عزمه عدم خوض الانتخابات القادمة. مما يضعف أولاً احتمال قيام كتلة برلمانية قوية تمكن المجالي من تشكيلها في المجلس السابق. ومن المؤكد أن غيابه عن المجلس القادم, سيؤثر على حجم وتأثير كتلة التيار الوطني وتماسكها, بعد أن كانت الكتلة الأكبر في المجلس السابق. ولا بد من التوقف طويلاً عند ما نقلته الصحف, صباح يوم الأحد الماضي, على لسان المجالي, عن أسباب عدم ترشحه للانتخابات القادمة, ومن بينها لأن مجلس النواب لم يعد مهما, والمرحلة المقبلة ليست مرحلة مجلس نواب, بل هي مرحلة العمل السياسي. فما هي المعلومات والمعطيات المتوفرة لدى المجالي ليعزف عن ترشيح نفسه وليكون تقييمه هذا لمجلس النواب القادم. وهل سيكون مجلس النواب القادم بلا دور سياسي خاصة وأن المهندس المجالي من اشد المتحمسين للبرلمان ومن أهم أعمدة حياتنا البرلمانية خلال العقدين الماضيين. وهل سيصل مجلس النواب إلى حالة من الضعف أسوأ مما كان عليها مؤخراً؟
إن إعلان المجالي عزمه على عدم خوض الانتخابات النيابية القادمة يثير عشرات الأسئلة حول ما يجري في المطابخ الخلفية للانتخابات القادمة. خاصة وان الرجل كان خلال فترة العقدين الماضيين واحداً من أهم مهندسي وأعمدة هذه المطابخ. بالإضافة إلى السؤال الكبير والمقلق الذي يثيره إعلان المهندس المجالي عزمه عدم الترشح حول طبيعة العلاقة بين الدولة ورجالاتها وما هي أسس التعامل بينهما؟ وهل هناك عقل جمعي يحدد خطواتها ومواقفها. أم انه المزاج والهوى الشخصي الذي يحدد الموقف من القضايا والرجال؟ ومن ثم هل سيظل تحديد أدوار رجال الدولة رهين الهوى والمزاج؟ وهل ستظل المواقع القيادية في الدولة خاضعة لقاعدة تصفية الحسابات على أسس شللية؟!
خلاصة القول: إنه إذا كانت كل المؤشرات, تدل على أن المجلس القادم سيكون أكثر ضعفاً, وأكثر بعداً عن تمثيل شرائح شعبنا, وأكثر تشتتاً, فلماذا تم حلّه إن لم يكن الهدف تصحيح الظروف التي أدت إلى المجلس المنحل, ليأتي مجلس أكثر تمثيلا لإرادة شعبنا. قادر على تحمل مسؤولياته. وقادر على أن يكون شريكاً في صناعة القرار.
وحتى يفرز شعبنا هذا المجلس, فإننا نضم أصواتنا إلى أصوات الداعين إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية القادمة. لإيجاد فرصة زمنية, يتم فيها بناء أجواء الثقة بين شعبنا وبين مؤسسات الدولة. ونعتقد أن أول خطوات بناء الثقة, أن تبادر الدولة إلى إعداد جداول ناخبين جديدة, لا علاقة لها بالجداول الحالية, التي دل حجم الاعتراضات عليها على مدى التلاعب الذي جرى فيها خلال السنوات الماضية. خاصة وأن أقوالاً كثيرة تتردد عن أن هناك جهات محددة في الدولة هي التي حركت عدداً من المعترضين وزودتهم بقوائم جاهزة للأسماء التي تم الاعتراض عليها, وحتى يخرج الوطن والمواطن من دوامة عدم الثقة بالجداول الانتخابية, فإنه لا بد من إعداد قوائم جديدة على أسس واضحة, لا تحتمل اللبس. وفي الظن أن هذه أول خطوات إعادة الثقة بأي مجلس نيابي قادم.
غير إعداد جداول جديدة للناخبين, كمبرر لتأجيل الانتخابات. فإنه لا بد من معالجة أسس البلاء في حياتنا السياسية على وجه العموم, والنيابية منها على وجه الخصوص. أعني قانون الصوت الواحد الذي مزق البلاد والعباد (شذر مذر). فقد صار من الضرورات الوطنية الوصول إلى صيغة جديدة لقانون الانتخابات البرلمانية في بلدنا. يجنبها كل ويلات قانون الصوت الواحد. ويمكنها في الآن نفسه من حفظ كل التوازنات. وهذا يستدعي تشكيل هيئة وطنية للحوار على غرار لجنة الميثاق الوطني, تكون مهمتها الوصول إلى قانون انتخابات يحقق تطلعاتنا الوطنية. وينجينا من أوهام الدوائر الوهمية التي صارت اختراعا أردنيا يثير في نفس الأردني سؤالا كبيراً عن حجم الوهم في حياتنا السياسية.
إننا ندعو إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية, على أن يكون هذا التأجيل جزءاً من إعادة ترتيب بيتنا الداخلي, وتمثيل جبهتنا الوطنية. لتقوى على مواجهة رياح التغيرات الإقليمية التي تتلبد سحبها في سماء منطقتنا. ونعتقد أن وجود مجلس نواب قوي تفرزه إرادة شعبية حرة. واحدة من أهم ضمانات استقرار بلدنا وصموده. بدليل تجربتنا في حرب الخليج الثانية يوم كان مجلس النواب المنتخب بحرية أهم روافع وحدتنا الوطنية وصمودنا أمام معسكر حفر الباطن. ومن ثم حماية الأردن من كل التداعيات الإقليمية التي عصفت بالمنطقة.



تعليقات القراء

ليس معارض
اويد ما قاله كاتب المقال ومن الضروري بمكان ان يتم تاجيل الانتخابات ليعاد النظر في قانون الصوت الواحد وان توحد الاراء وان تكون المصلحه الوطنيه هدف الجميع بعيدأ عن التشنجات
28-09-2010 07:53 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات