المتقاعدون المدنيون خارج الزمان والمكان


في بداية عام 2012 تم إعادة هيكلة رواتب القطاع العام، ونتج عن الهيكلة زيادة في الراتب الأساسي، وبالتالي زيادة على الراتب التقاعدي، ولكن لم يتم مراجعة الرواتب التقاعدية لمن تقاعدوا قبل عام 2012، وأصبحت الفجوة كبيرة بين المتقاعدين قبل ذلك التاريخ وبعده. وعلى سبيل المثال فإنك ستجد متقاعدا خدم لمدة عشرين عاما بشهادة الدبلوم تقاعد بعد 2012 يأخذ ضعف الراتب التقاعدي تقريباً لشخص خدم 25 عاماً على البكالوريوس وتقاعد قبل هيكلة الرواتب في 2012.

حاول المتقاعدون الذين تقاعدوا قبل 2012 أن يوصلوا صوتهم للحكومة منذ ذلك التاريخ ولكن دون جدوى. وها هي الحكومة تطرح هيكلة جديدة على ميزانية عام 2020 تضاعف فيها الظلم الواقع على هذه الفئة التي ترزح تحت وطأة ظروف قاسية، فكلُّ من يقل راتبه عن 300 دينار سيتم رفع راتبه إلى ثلاثمائة، وكل من يزيد راتبه عن 300 سيحصل بعد كل هذا الصبر على زيادة مقدارها عشرة دنانير.

وهكذا سيلتقي أغلبية من تقاعدوا قبل عام 2012 في نقطة واحدة تقريبا هي 300 دينار بغض النظر عن مدة خدمتهم أو مؤهلاتهم العلمية أو درجتهم في الوظيفة، وربما تجد بناء على هذه الطريقة الفجة في الحساب مديرا يلتقي راتبه مع راتب أقل موظف في دائرته.

لو كان هذا الحساب جاريا على كل المتقاعدين في الأردن لقلنا أنها طريقة خاصة في النظر تتساوى فيها الدرجات والمؤهلات العلمية وسنوات الخدمة، فيصبح الدبلوم مثل البكالوريوس، والعشر سنوات مثل العشرين والدرجة العاشرة مثل الأولى، ولكن هذه الطريقة في الحساب فقط تخص من تقاعدوا من القطاع العام قبل هيكلة عام 2012، وكأن هؤلاء الناس قد دخلوا في ثقب أسود فنسيتهم الحكومة وخرجوا من حسابات الحد الأدنى للحق والعدل وضاعوا في غياهب الملفات المغبرة خارج حدود الزمان والمكان.

واللافت للنظر أن الجميع يتواطؤ على الإجحاف بحق هؤلاء المواطنين الذين قضوا أبرز سنوات عمرهم في العمل العام، فالإعلام يتجاهل هذه المفارقات العجيبة، والمسؤولون يتحدثون عن إنجاز عظيم بهذه الهيكلة الفجة، والمتقاعدون قبل عام 2012 يصرخون "ولا فازع ولا صياح".

وإنني أذكركم أن بين هؤلاء الذين تتجاهلون حقهم المعلم والممرض والمحاسب وغيرهم من سائر المهن الذين عملوا لسنوات طويلة في ظروف ربما تكون أكثر صعوبة من ظروف عملكم، وهم مواطنون أردنيون يستحقون العدالة وصحة الحساب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات