جراسا -

في العام (96) حين اعتلى دولة ابون عون – عبدالكريم الكباريتي- صهوة الحكومه ظهر معه مفهوم جديد وهو الليبراليه وهي مفهوم غربي يعني الحريه ويهدف الى تحرير الأنسان من القيود الثلاثه السياسه والأقتصاد والثقافه وقد تفسر الليبراليه ايضا كنهج سياسي اقتصادي يقوم على استقلال الفرد والالتزام بالحريات الشخصيه والمدنيه وصون كرامة الناس واطلاق حرية التعبير...انا هنا لا أريد الغوص في التفسيرات ولكني أقدم شرحا للمفهوم بشكل بسيط.

المشكله أن الليبراليه كمفهوم كانت تصطدم مع السلوك السياسي للدوله فالكباريتي كان يتبناها كنهج لحكومته بالمقابل فسميح البطيخي تبناها أيضا كنهج مخالف لتوجهاته وطموحاته وبالتالي كان يقمع الحريات وأسس ايضا في تلك الفتره نهجا يقوم على اغتيال سمعة الأفراد وحضورهم وأطلق يد المؤسسة الأمنيه في كل شيء حتى في علاقة الأفراد بين انفسهم والمشكله أن بعض النخب السياسيه تبنت نهج الحكومة الليبرالي وتحول جزء كبير من أعضاء مجلس النواب من الشق الليبراعي اي (رعيان) الى ليبرالي دون أن يفهموا أو يدركوا معنى هذا النهج أو خطورته واجزم أن الكباريتي نفسه لم يدرك تماما مسارات تلك الدعوه..فأنت في دوله تقوم على مبدأ الحكومات الأبويه  دوله تقوم على مبدأ تحديد سقوف الحريه ناهيك عن وجود اصبع للحكومه ودور في كل شيء...ولكن في النهايه مر الأمر وصارت كلمة ليبرالي تتردد في كل المحافل بما فيها القصائد النبطيه ..وليس أدل على سلامة النهج الليبرالي للحكومه من كثرة القضايا المتعلقه  بفضائح بعض السياسين الغراميه واحيانا أستعمال السيريلانكيات في أغتيال سمعة بعض الشخصيات ...

بعد ذلك خرج مروان المعشر بمفهوم جديد وتعريف دقيق للمرحله وهو (التكنوقراط) ومروان معروف عنه بلاغته الشديده ناهيك عن خشونته الكبيره في أستعمال اللغه العربيه حتى أن البعض كان يلومه حين يدخل بعضا من من أرث أبو ألأسود الدؤلي في التعريفات السياسيه والتكنوقراطيه هي :-

تكنوقراطيَّة (Technocracy) حركة بدأت عام 1932 في الولايات المتحدة وكان التكنوقراطيون يتكونون من المهندسين والمعماريين والاقتصاديين المشتغلين بالعلوم ودعوا إلى قياس الظواهر الاجتماعية ثم استخلاص قوانين يمكن استخدامها للحكم على هذة الظواهر وإلى أن اقتصاديات النظام الاجتماعي هي من التعقيد بحيث لا يمكن أن يفهمها ويسيطر عليها رجال السياسة ويجب أن تخضع إدارة الشئون الاقتصادية للعلماء والمهندسين, وكانت هذه الدعوة نتيجة طبيعية لتقدم التكنولوجيا.

تكنوقراط: هم النخب المثقفة الأكثر علما وتخصصا في مجال المهام المنوطه بهم, وهم غالباً غير منتمين للأحزاب. والتكنوقراط كلمة مشتقة من كلمتين يونانيتين: التكنولوجيا:وتعني المعرفة أو العلم ،وقراط وهي كلمة اغريقية معناها الحكم, وبذلك يكون معنى تكنوقراط حكم الطبقة العلمية الفنية المتخصصة المثقفة.

الحكومة التكنوقراطية: هي الحكومة المتخصصة غير الحزبية التي تتجنب الانحياز لموقف أي حزب كان وتستخدم مثل هذه الحكومة في حالة الخلافات السياسية.

مثال:دكتور متخصص في العلوم السياسية يسند له منصب رئاسة الحكومة, طبيب معروف وخبير في الطب ينال وزارة الصحة, ودكتور متخصص في الاقتصاد وزارة الاقتصاد, وآخر متخصص في التكنولوجيا وزارة الاتصالات وهكذا...

المهم كان يهدف مروان من هذا الأمر أبعاد العشائر عن مواقع الدوله ولكن بالمقابل في تلك الفتره التي نادى بها مروان بالتكنوقراطيه تبين  أن مجلس النواب اصبح مهووسا (بالشماغ) لدرجه أن رئيسه عبدالهادي المجالي صار يقود الجلسات معتمرا شماغا مهدبا بالمقابل فقد تفنن عبدالرؤف في ارتداء العباءه والدشداشه ولا ننسى أن التلفزيون الاردني أعاد انتاج برنامج من تراث الريف والباديه وأفرد ساعتان من البث للشعر النمطي .

وقد صدرت في تلك الفتره بعض المطالبات بتحويل مجلس النواب ألى عربي بمعنى أن البساط أحمدي ولا بد من مد البسط والحصائر وتحويل الجلسه ألى ( يا مرتكي ع السيف سيفك جرحني) ..الأهم من كل ذلك أن دعوة مروان سقطت ومرت دون أن يفهمها أحد أو ينتبه لها ولكن الذي ظل هناك امرا مبهما عصيا على الفهم هو كره مروان للتمثيل العشائري في البيرقراطيه الحكوميه أو حتى الوظائف العليا .

بعد ذلك انطلقت دعوة باسم عوض الله (الديجتاليه) وبالتحديد في حكومة أبو الراغب وللعلم الديجتاليه لم تكن نظرية ولا خطا سياسيا ولكنها تزامنت في ذلك الوقت مع بروز (الرسيفر) والستالايت وتحول التلفاز ألى (ديجتال) وهذا الأمر في بدايته ونظرا للأقبال الشديد من الشعب الأردني على الرسيفر الديجتال وعلى القنوات المشفره أو بالعاميه التي تعرض المشاهد (ملط) أطلقت الصحافه على تلك المرحله الديجتاليه تزامنا مع هوس الشعب بالرسيفر الديجتال ...وظهر وقتها مجموعه من الوزراء يحملون معهم (لاب توب) ويرتدون بدلات (بترفرف) ناهيك عن عقد ربطات العنق بالطريقه الأمريكيه  في نهج مناقض للربطات التي كان يرتديها الشعب الأردني ويعقد جوزة الربطه بطريقه مثلثه لدرجه تعتقد فيها أن الموجود على الرقبه هو (بيت شبريه) .

هذا التيار شهد معارضه من أبو الراغب نفسه الذي لم يكن يشاهد في مكتبه سوى محطة عمان ناهيك عن أنه كان يحب المناسف وانتشر الكوليسترول بكثافه في عهده لدرجه أن 7 أفراد من طاقم حكومته كانوا يملكون قلبا مفتوحا وطغت أحاديث اليورك أسيد والكوليسترول والشرايين على بعض من أجتماعات الحكومه .

ولكن يسجل لعلي ابو الراغب أنه اجهض هذا التيار فقد تنبه لمسأله مهمه جدا وهي أن البلد تعيش مزيج من الحاله التعبويه وأن العشيره لها وجودها وحضورها وأن المواطن مازال ينظر للمسؤل على أنه رجل يملك هيبه ووقار ولهذا حارب هذا التيار وأن حملت حكومته بعضا من أفراده ولكن نجح في تحجيمهم وحمى هيبة الكرسي في الحكومه واعاد نسج العلاقات الحكوميه مع القوى العشائريه وحتى الحزبيه بشكل يكفل للحكومة حضورها ووجودها .

بعد أن ذهب علي جاء الذهبي محمد وسدد الضربه القاضيه للتيار (الديجتالي) عبر استخدام الصحافه وطرح مفاهيم الهويه  ومخابرات الدوله لا دولة المخابرات علما بأن هذا المصطلح اول من استخدمه وصفي التل ولكن محمد أعاد انتاجه

سقطت الليبراليه الكباريتيه والتكنوقراطيه المروانيه هي الأخرى اندحرت أما ديجتالية باسم فولت مع الريح وجاء سمير بمفهوم جديد مستفيدا من سقوط النظريات الأمميه سالفة الذكر وأسس ( للشركاتيه )

الشركاتيه هي مفهوم بسيط وليس معقد وتعني انتقال المكتب فقط من (كابيتال دبي)... ولكن الشركه تأتي معك ألى الدوار الرابع والذي تغير أيضا هو أن التوقيع الذي تذيل به الكتب الرسميه أصبح  العنوان فيه بدلا من الرئيس التنفيذي لدبي كابيتال ألى رئيس وزراء حكومة المملكه الأردنيه الهاشميه ...الان نحن في المرحله (الشركاتيه) وهي مرحله تحتضن العشائريه والديجتاليه والليبراليه والتكنوقراطيه وسيسجل في كتب التاريخ بعد خمسين عاما أن الشركاتيه حركه سياسيه اردنيه ولدت في العام (2010) ومؤسسها هو الأقتصادي سمير الرفاعي ..وسينشأ لها تعريفات وقد تدرس في كتب الأداره وللعلم أول من بدا بكتابة المرحله هو زميل مجتهد وقع كتابا في المكتبة الوطنيه امس عن حكومة الرفاعي .

ولا مانع أن تسجل الحكومه في دائرة مراقب الشركات برقم وأسم تجاري..تماشيا مع النظريه الشركاتيه

اظن ألى هنا وانتهى المقال ونود أن نشير ألى أن هذا المقال ساخر ونرجوا أن لايغضب منا أحد ونحن مستعدون للأعتذار عما ورد فيه.
(اجبد- عبدالهادي راجي المجالي)