الامن المائي في الاردن الى اين ؟


قال تعالى (وجعلنا من الماء كل شيئ حي ) صدق الله العظيم
لقد كان الماء وعبر التاريخ سلعه حيويه لاتستقيم الحياه بدونها .فالحضارات قامت وعلى مدار التاريخ على ضفاف الانهر او قرب البحيرات العذبه . ومن هنا ظهرت حضارة ما بين النهرين وحضارة وادي النيل .كما ان الحضارات كانت تنهار اذا فقد المصدر المائي لاي سبب من الاسباب.سواء لاسباب طبيعيه او لاستيلاء قوى اخرى على مصادر المياه وحرمان الاخرين منها.
تعد الاردن من الدول الفقيره في مصادر المياه الجاريه وهي تعد ضمن المناطق الجافه لان اكثر من 75% من مساحة البلد شبه صحراويه وشحيحة المياه .كما ان المياه هي مشكله راهنه ومرشحه للتفاقم في المستقبل مع النمو السكاني ونضوب موارد المياه الجوفيه وزيادة الطلب على المياه لتلبية متطلبات التنميه الصناعيه والزراعيه مع عدم اتباع وسائل ري حديثه تعمل على نوفير المياه .
ان مشكلة الجفاف وشح الماء الذي تعاني منه الأردن اصبحت قضية حيوية تؤثر على امننا الوطني ولها ابعاد داخلية واخرى خارجية، وهذه القضية مرشحة للتفاقم اذا ما تم التصرف من طرف واحد بموارد نهري الاردن واليرموك بدون أخذ مصالح الاردن بعين الاعتبار .
لقد كان نهرا الأردن واليرموك تاريخيا المصدرين الاساسيين للمياه الجارية في الاردن، وبعد قيام إسرائيل بتحويل مياه نهر الأردن وروافده إلى بحيرة طبريا ومن ثم ضخها إلى خارج محيطها المائي الطبيعي في النقب فقد ارتفعت وتيرة التوتر في المنطقة الامر الذي ادى إلى ظهور مشكلة ماء خطيرة واجهت الأردن ومنذ وقت طويل والتي استخدم في مواجهتها اسلوب ادارة الازمات ولم يضع لها الحلول الاستراتيجية الجذرية، لتعود وتظهر من وقت لاخر وحسب ظروف الطقس وتقلباته ومزاج الاخرين.
لقد كان لموضوع الثروة المائية والامن المائي في الأردن بعدان اساسيان وكل منهما يحتاج لاسلوب مختلف لمعالجته والتعامل معه وهما البعد الخارجي المتعلق بحق الأردن وحصته من مياه نهري الأردن واليرموك وروافدهما والتي استولت على معظمهما إسرائيل والاخر داخلي متعلق بالاستراتيجية المائية المائعة للحكومات المتعاقبة.
واما بالنسبة للبعد الخارجي، فقد اعلن في حينه ان معاهدة السلام ما بين الأردن وإسرائيل كما اعلن اكثر من مسؤول قد نصت على تخزين ما مقداره (50) مليون م3 من مياه اليرموك سنويا في طبريا ليتم ضخها للاردن عند الحاجه في فصل الجفاف إلى الاردن، الا انه كما يبدو لا تتقيد اسرائيل بنصوص ماتم الاتفاق عليه من حصة الأردن في الوقت الذي نعاني فيه من ازمة مياه خانقة، ولاول مرة في تاريخ العلاقات الدولية نرى ان دولة ما تريد اخضاع اتفاقيات دولية إلى ظروف الطقس وتقلباته متجاهلة مقتضيات القانون الدولي الذي يحكم نصوص هذه الاتفاقيات.
واما البعد الاخر فله صلة باستراتيجيات الحكومات المتعاقبة في التعامل مع الثروة المائىة وفق منطق زرع برما داشر، وهذه الاستراتيجيات ما يزال يشوبها التسيب والفوضى ومنذ عقود، فعلى الرغم من القرارات والتوصيات المتتالية لتنظيم حفر الابار الجوفية، فإن استنزاف الاحواض الجوفية وباسلوب الاستحواذ من قبل العديد من المتنفذين أو المسؤولين السابقين ما يزال مستمرا وبطريقة تهدد المخزون المائي الاستراتيجي للمملكة وتعريض امننا الوطني لافدح الاخطار وعلى مذبح الانانية والتساهل، ان استراتيجية الحكومات المتعاقبة مع ثروة الوطن المائية كان لها ارتباط وثيق بعاملين لم يتم السيطرة عليهما ولم يتم وضع سياسة وطنية واضحة وحازمة تجاههما، وهما اسلوب التعامل مع اراضي الدولة والعامل الاخر وله صلة وثيقة بالعامل الاول أو نتيجة له وهو كيفية التعامل مع المياه الجوفية وهل هي ملكية شخصية ام ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها وتوزيعها بشكل عادل للجميع، ومن المعروف ان اكثر من 75% من اراضي المملكة هي اراض مملوكة لخزينة الدولة وان المياه الجوفية تتوفر في هذه المناطق سواء في حوض الازرق والحماد في الشرق أو الديسة في الجنوب، كما ان الجميع يعرفون فليس الامر سرا ان اراضي شاسعة تقدر بعشرات الالاف من الدونمات من اراضي الدولة تم الاستيلاء عليها من قبل العديد من المتنفذين وبطرق ملتوية وبعد ذلك قاموا بحفر مئات الابار الجوفية فيها وبطرق عشوائية الامر الذي جعل حكومة سابقة تصدر تعليمات عام 1992 بمنع حفر الابار الجوفية، الا ان هذه التعليمات ضرب بها بعرض الحائط، وتم حفر مئات الابار بعد ذلك القرار، وتفيد المعلومات ان مجموع ما تضخه الابار التي يملكها افراد تزيد عن (300) مليون م3 وهذا يزيد عن الحصة المخصصة للشعب الاردني كله، وهذا بحد ذاته مفارقة عجيبة يجب ان تشعل الضوء الاحمر امام اصحاب القرار لينهضوا بمسؤولياتهم وعليهم ان يتخذوا قرارا تاريخيا يعيد الامور إلى نصابها الصحيح، فالموقف المائي في الأردن جد خطير، واذا ما استمر الوضع بدون حل جذري وحازم فإنه بلا شك سيهدد امننا الوطني، وان الحديث عن سحب مياه الديسه إلى عمان وغيرها هو حل استراتيجي لا يحتمل التاخير ولكن ما هو مطلوب الآن هو قرارات انية وسريعة تتضمن حلولا عملية للتعامل مع المياه المتوفرة تحت اليد حالياومن جانب آخر شديد الاهميه هو التنيق مع سوريا حول الاحواض المشتركه بيننا وبينهم وهو حوض الازرق والحماد وان معلوماتي عندما كنت محافظا لمحافظة المفرق.الن السوريين قد حفرا اكثر من ( 4800 )بئر على هذين الحوضين في حين ان ما هو موجود من آبار مستغله في الجانب الاردني هي حوالي ( 480 ) بئر للسلطه وللمدنيين منها حوالي (80 )بئر بدون ترخيص وهذه المعلومات تعود لعام 2005 وربما ان الموضوع قد تغير وللاسواء.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات