آلاف المسلمين حاصروا بناية بالقاهرة دشنت لتقديم خدمات مسيحية .. والنيابة المصرية تجري التحقيق


جراسا -

 القاهرة -  مرة أخرى عادت التوترات الطائفية لتطل برأسها في مصر، وهذه المرة اتخذت شكلاً أكثر حدة، حيث تجمع آلاف المسلمين أمام بناية حولت إلى دار للخدمات المسيحية شرق القاهرة، الأمر الذي يحذر معه المراقبون من أن تواتر هذه الأزمة من شأنه تجذير الأزمة الطائفية، على نحو ينذر بعواقب وخيمة، ويعمق الفجوة بين أبناء الوطن، هذا فضلاً عن الفاتورة النفسية الأضخم والأعمق، التي تضع السلام الاجتماعي في مصر على المحك، وترفع من طبيعة هذا الملف إلى مرتبة " الأمن القومي "، وتعكس فشل الحلول التقليدية التي ظلت تستخدمها السلطات في مواجهة هذه الأزمة، كما أظهرت بشكل واضح أنها لا تعدو أن تكون مجرد مسكنات لا ترقى لدرجة الحسم الحقيقي لتلك الأزمة، بل على العكس راحت تتصاعد .

أما في التفاصيل فقد بدأت النيابة العامة في مصر تحقيقاتها مع عدد من المسلمين والمسيحيين بتهمة التجمهر وتخريب الممتلكات العامة والخاصة بعد أحداث شهدتها منطقه عين شمس الغربية شرق القاهرة ليلة أمس حين تجمع آلاف المسلمين بعد صلاة العشاء أمام أحد المنازل التي حولها أقباط المنطقة من مصنع إلى مقر خدمات، بعد تقنين الإجراءات الرسمية وافتتاحها وهتف المتجمعون أمام المنزل حتى حضرت حشود من قوات الأمن في محاولة لتفريقهم بالقنابل المسيلة للدموع ووقعت اشتباكات وحدثت عمليات إتلاف لبعض المنشآت والسيارات التي يمتلكها مسيحيون يقيمون في تلك المنطقة الشعبية التي تقع على تخوم العاصمة المصرية .

وحسب شهود العيان فإن هذه الأزمة ترجع إلى عام ونصف مضى، حين اشترى الأقباط أحد المصانع وأقاموا عليه دار خدمات بترخيص، وحين شرعوا في بنائه فوجئوا بمضايقة المقاول والعمال وتهديدهم بالاعتداء، وأثناء إقامة قداس بمناسبة افتتاح المبنى فوجئ المصلون الأقباط بإمام المسجد المقابل يقول عبر الميكرفونات بأن صلاة عيد الأضحى بدأت من اليوم وحتى حلول العيد، وتحدث شهود العيان عن توافد عدد كبير من الناس من مناطق قريبة، وتجمهروا أمام البناية وراحوا يهتفون وحضرت أعداد كبيرة من قوات الأمن للمكان، كما فشلت محاولة أحد الشيوخ في تفريق هؤلاء المحتجين الغاضبين، الذين ألقت قوات الأمن القبض على أعداد منهم، وأحالتهم على النيابة العامة بتهمة التجمهر والتخريب .

شهادات ومشاهد

 

 كنيسة عين شمس



وبحسب شهادات سجلها شهود عيان حيث قالوا فيها إن آلاف المسلمين حاصروا البناية بعد أن صلى فيها المسيحيون بمناسبة افتتاحها رسمياً كدار للخدمات وأشار الشهود إلى أن آلاف الأشخاص ـ كان معظمهم من الشباب ـ قدموا في جماعات من عدة أماكن إلى البناية واحتشدوا أمامها، وأغلقوا عددا من الشوارع في المنطقة رددوا هتافات تقول "سنهدم الكنيسة" و"بالروح بالدم نفديك يا إسلام"، و"إسلامية .. إسلامية"، و"خيبر خيبر يا يهود .. جيش محمد سوف يعود" وغيرها من الهتافات.

ومضى شهود العيان قائلين إن حشودا من قوات الأمن ظلت طوال الليل تحاول إبعاد المسلمين المحتجين لكن بعض الرجال والنساء ألقوا الحجارة والزجاجات الفارغة من الشرفات واسطح المنازل على الجنود .

وقالت مصادر رسمية إن هذه البناية عبارة عن منزل قديم يعاد انشاؤه وان حوالي مائة مسيحي صلوا فيه يوم الأحد قبل أن يحاصره المسلمون المحتجون، وأشارت ذات المصادر إلى أن عضواً بارزاً من جماعة "الإخوان المسلمين" حرض المصلين في أحد المساجد بعد صلاتي المغرب والعشاء على الاحتشاد لمنع تدشين دار الخدمات التي وصفها بأنها "كنيسة"، خلافاً لما تشير إليه الوثائق الرسمية .



وسبق أن تفجرت خلال الأعوام الماضية عدة توترات طائفية بين المسلمين والمسيحيين، الذين يشكلون ـ وفقاً للتقديرات الرسمية ـ نحو عشرة في المائة من سكان مصر الذين يزيد عددهم على 75 مليون نسمة، في حين تؤكد الكنيسة القبطية ان عدد يصل الى أكثر من عشرة ملايين نسمة، أثارت عدة مصادمات دامية حينئذ ، ففي عام 1999 قتل 19 قبطيا ومسلمان، واصيب 33 اخرون كما دمرت عشرات المحال التجارية خلال اشتباكات استمرت لعدة ايام في قرية الكشح في محافظة سوهاج جنوباً، فضلاً عن أحداث أخرى أقل خطورة في أماكن متفرقة من البلاد .

 

 مسلمون وأقباط

وجرت أقدم حوادث الصدام الطائفي في مطلع السبعينات من القرن الماضي حين تعرضت كنيسة بمنطقة الخانكة شرق القاهرة للحريق واعتبرت القيادة السياسية وقتئذ ان هذا الحادث شأن سياسي يعالج سياسيا، وبالفعل شكلت لجنة تقصي حقائق برئاسة القانوني البارز د. جمال العطيفي، وأعدت اللجنة تقريرا مهما عن المسألة القبطية بكافة أبعادها، إلا أن التقرير لم تجري مناقشته ولم يؤخذ بأي من التوصيات الواردة فيه، بل سلم الملف القبطي لأجهزة الأمن أسوة بملف الأصولية الإسلامية التي خاضت مواجهات دامية ضد السلطة خلال العقود الماضية .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات