تزوير الصورة و تزوير النظام


يملكني اليقين أن الرئيس مبارك لم يطالب من الأهرام تغيير وضعه باجراء تغييرات فنية، على صورة بثتها وكالات الانباء العالمية، لرؤساء الولايات المتحدة الامريكية ومصر والاردن والسلطة الفلسطينية واسرائيل، وهم في طريقهم الى قاعة الاجتماعات الرئيسية في البيت الابيض لبدء افتتاح مفاوضات السلام المباشرة، بحيث ظهر الرئيس حسني مبارك يتقدم الجميع، بينما كان الاخير في الصورة الاصلية.
قد لا نعرف من هو الشخص المسؤول عن هذه الفضيحة المهنية والاخلاقية، ولكننا نعرف جيدا انه اراد ان يوصل الى قرائه صورة كاذبة مزورة تظهر ان الرئيس مبارك يقود ولا يُقاد، ولهذا اتى بها من مؤخرة الصورة الى صدارتها، مستعينا باحدث التقنيات الفنية او ما يعرف في عالم التصوير بـ"الفوتو شوب".
و لكن دائماً سدنة المعبد هم من يتطوعون لخدمة السلطان ليغدق عليهم الهدايا و المناصب , و كان رد اسامة سرايا رئيس تحرير الاهرام مستفزاً ( إنها مجرد صورة تعبيرية ) أم الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس الجريدة فيعلق علي الأمر قائلاً : ( إنها غيرة من الأهرام ) هكذا كانت الردود بدلاً من أن يتواريا من الخجل من سوء فعلهما .
كانت الفضيحة هذه المرة دولية و كان أكثر من نشرتها الصحف العبرية , فقد نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، تقريراً بعنوان «التعديل الإبداعى»، قالت فيه إن «الأهرام» كانت لديها «صعوبة فى التصالح مع الصورة التى تُظهر مبارك وهو يسير على حافة السجادة الحمراء، لذا عدلت الصورة ليظهر الرئيس فى المقدمة) . و كان ذلك بعد أن نشرتها الجرائد الأمريكية و البريطانية التي أفردت تقارير مطولة للبحث في السبب الحائر الآن في الشارع المصري و العربي لماذا فعلت الأهرام ما فعلت و قد ووصفت صحيفة «تورنتو ستار» الكندية، الموقف بأنه «مُثير للضحك»، معتبرة أن هدف «الأهرام» من تعديل الصورة هو إثبات وجود مبارك فى مقدمة الجميع.
هل إظهار قيادة مصر للمفاوضات يكون بالتزوير أم هو حقيقة لا مراء فيها , فهذا هو الدور المرسوم للنظام المصري لكي يلعبه , و هو يكاد يكون الملف الوحيد الباقي من قضايا المنطقة الذي مازال موجوداً في أيدي النظام المصري , فالفشل الذي يعتري النظام المصري علي كل الجبهات و الإنسحاب المصري من كل قضايا المنطقة – سواء أكان بتوجيهات خارجية أو بضعف النظام – هو حقيقي , فأين مصر من قضايا المنطقة مثل الجولان و العراق و السودان , لقد تركت مصر الساحة مفتوحة لكي تلعب فيها كل الفرق إلا نحن فالأمريكان يلعبون في السودان و العراق بدون منافسة شديدة من جهات أخري , و فرنسا تلعب في لبنان و كثير من الأوراق في يدها و تركيا لها نصيب في قضايا المنطقة أفضل من مصر , و كان ضعف الدور المصري تجاه إفريقيا هو السبب الرئيس في تسلل إسرائيل إلي هذه المنطقة و لعبت دوراً محوريا في ملف المياة و أزمة مصر مع دول حوض النيل .
هذه مجرد أمثلة كدليل علي ضعف السياسة الخارجية , و سواء كانت بضغوط خارجية أو من شيخوخة النظام نقسه فإنها لا تصب في النهاية إلا في إن إستمرارهذا النظام سوف يؤدي إلي خروج مصر من التاريخ إذا كانت مازالت موجودة بداخله .
لقد تم تمديد عمر النظام الحالي في مصر بتزوير انتخابات و فرض قرارات ضد مصلحة الشعب المصري و لكنها تخدم البطانة الفاسدة و الذي ينتمي إليها مجموعة الأهرام و الأخبار و الجمهورية و روز اليوسف , و هي تتحرك الآن في كل الإتجاهات لأنها تدرك جيدا ان ايامها باتت معدودة، وان مصالحها باتت مهددة، ولذلك تريد اطالة امد النظام بالوسائل والطرق كافة، القانونية منها وغير القانونية، الاخلاقية وغير الاخلاقية، حتى لو جاءت النتائج مضرة بمصر وسمعتها وما تبقى لها من مكانة.مثل فعلة هذه الصورة .
إن قيادة مصر لا تتم بالتزوير، وفبركة الصور، وانما من خلال نهضة سياسية واقتصادية حقيقية وسياسات اقليمية فاعلة و مؤثرة , وهي امور لا نرى اي اثر لها في مصر حاليا.
و كان من المتوقع بعد افتضاح عملية تزوير الصورة ، ان يتقدم المسؤولون عنها باستقالتهم، او ان يقدم أولي الامر على اقالتهم، وان نقرأ اعتذارا للقراء , ولكن هذا لم يحدث، ويبدو انه لن يحدث، فلا احد يستقيل في العالم العربي من اهل البطانة، لان هذه الاخطاء دافعها حسن النية اي حماية النظام وضمان ديمومته .



تعليقات القراء

مواطن اردني
استشار مواطن بسيط احد الحكماء وقال له يا سيدي اذا كانت هناك جنازة في طريقها الى المقبرة فاين من الافضل ان امشي على يمين التابوت ام على يساره م من الامام ام من الخلف .... فقال له يابني امشي اينما تريد وباي اتجاه المهم ان لا تكون في التابوت ....
03-10-2010 03:13 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات