تعديل وزاري غير مجدي ورحيل الحكومة المطلب الشعبي !


بأسلوب الهروب السريع من الفشل المريع وفي محاولة يائسة لاستثمار الوقت والمناورات وشراء الفرص المتاحة من أجل إطالة عمره في المنصب في الوقت الذي اعتبر فيه الرئيس الرزاز الأكثر إجراء للتعديلات على طواقم حكومته منذ تشكيلها ولا زال لديه الهرم مقلوب وأبناء القاع في الوجع والذلة والتيه فعلى مدى عام ونصف خلت استأذن جلالة الملك منحه الضوء الأخضر لإجراء ثلاث تعديلات وزارية سابقة على حكومته لدواعي مختلفة تارة لعدم وجود التجانس والتفاهم والانسجام بين أعضاء الفريق الوزاري للتخلص ممن يشكلون عبءً ثقيلاً في سفينته التي تواجه التيارات والأمواج العاتية بصعوبة بالغة وتارة أخرى لدواعي رفد الحكومة بالطاقات والكفاءات المؤهلة والمتخصصة وضخ دماء جديدة في تركيبتها ممن يملكون القدرات والإمكانات التي تساعدها على التعامل مع الظروف الداخلية والصعوبات الخارجية ( بدعة وحجة الدماء الجديدة التي يطالب بها البعض لم يعد لها محل من الإعراب على الإطلاق وهي تغطية لمأرب وغايات غير بريئة في نفوسهم )

ومرة ثالثة كاستحقاق ضروري لمتطلبات المرحلة المقبلة التي تستدعي بذل المزيد من الجهود بما يسهم في تجاوز التحديات وإنجاز الأولويات والبرامج والخطط وفي كل مرة ومع كل تعديل نعود للمربع الأول دون ان يحدث ذلك أي تغيير ملموس وحقيقي ( المديونية في ازدياد والأسعار في ارتفاع وحجم الفقر في تصاعد والرواتب في تآكل والحكومة لم تحقق اي تقدم ملموس على المستوى الاستراتيجي في إصلاح القطاع العام أو مكافحة البطالة والتي تجاوزت 19% في عهد حكومة الرزاز ولم تنفيذ مشاريع استثمارية أجنبية ومحلية يعود ريعها بالخير على خزينة الدولة )

وكأن علينا في الأردن لعنة قدر ومعضلة حقيقية في تشكيل الحكومات المتعاقبة بمعدل عمري لا يتجاوز العام ونصف العام إضافة إلى سرعة وكثافة إنتاج الوزارات غير الرشيقة ( من 25 وزيراً إلى 29 وزيراً عدا رئيس الحكومة ) حتى أن الناس ما عادوا يستطيعون إحصاء أسماء الوزراء وعددهم بسبب تقليدية طريقة تشكيل الحكومة أو تعديلها وبعض الوزراء لم يزد عمر وزارتهم عن يوم واحد فضلا عن تفريخ أسماء محددة أثارت الجدل الشعبي وهي تحتكر وتبتز مناصب السلطة التنفيذية منذ سنوات طويلة ( نفس العائلات والأسماء المتداولة من قديم الزمان تخرج من الباب الدوار لتدخل علينا مره أخرى ولكن بطاقية ذات لون مختلف ) فالي متى هذه المسرحيات والتمثيليات العبثية ( وجوه رايحة ووجوه جاية والنتيجة تدهور مستمر اقتصادي واجتماعي وصحي وتعليمي وخدمي ) مع غياب كلي للبرامج الحكومية مما يجعل كل تعديل بلا معنى ولا طعم وله ( رائحة غير محببة )

وعلى الرغم من الأزمات والمشاكل التي مرت بها حكومة الرزاز والتي كان أخرها أزمة المعلمين وما تخللها من شلل شبه كامل للبلاد بسبب سوء إدارة الأزمة وقبلها كارثة السيول التي أودت بحياة العشرات من المواطنين أغلبهم طلاباً كانوا في رحلة مدرسية فضلا عن إقرار قانون ضريبة الدخل والمبيعات وفرض الضرائب والرسوم الجائرة ورفع الأسعار وغيرها كل ذلك كان يستدعي عاجلا إطلاق صافرة ( رحيل الحكومة ) بالكامل وليس إعطائها فرصة جديد لتعديل وزاري موسع بعيدا عن أي تأثير لحكومة الظل في الديوان الملكي او الحكومة الأمنية لإعادة ترتيب شكل الحكومة وصورتها وعلاقاتها وصياغة فريقها

مما أعطي الرئيس الرزاز الحرية قي الاختيار وسط غياب التأثيرات والتحرشات وقد اعتبر البعض ان هذه الحكومة الجديدة بتشكيلتها وطبيعتها هي من إنتاج الرزاز نفسه والذي كان يشكوا أحيانا من بعض الوزراء المفروضين عليه ورغم كل ذلك لن يستطيع ان يقدم أي جديد لأن ألحكومة في الأصل فشلت شعبيا وباتت معدومة تماما وأصبحت توصف ب ( حكومة التازيم في كل مراحلها العملية ) وبعض المراقبين يرون في هذا التعديل وبهذا الوقت تحديداً بأنه محاولة غير مدروسة لامتصاص غضب الشارع وتخفيف وتقليل حدة الاحتقان الشعبي نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجهها المملكة بالإضافة إلى انها تجربة أخرى لتهدئة الحراك الغاضب والذي أصبح المنظمون له يحضرون ويجهزون أنفسهم للخروج الى الشارع من جديد وهي خطوة استباقية من الحكومة لتهدئة الشارع ومحاولة كسب وده من خلال بعض القرارات التي تراعي احتياجات المواطنين وتقديم جملة من المحفزات والحزم الاقتصادية والاستثمارية

المطلوب اليوم قاعديا وجماهيريا هو تشكيل ( حكومة إنقاذ وطني ) بعيدا عن الخيار الأسهل عبر التعديل والتضحية ببعض الوزراء لان ذلك لن يحل المشكلة ولن يفلح أي تعديل في إقناع الأردنيين بعدما فقدت الحكومات الثقة لدى الشارع العام لأنها لا تملك أية رؤية إستراتيجية للنهوض بالأردن ومعالجة الأزمات ولم تلتزم بكتاب التكليف الملكي ولم تحقق أي شيء مما كلفت به فضلا عن عدم قدرتها على مواجهة المتغيرات والتحديات الجديدة التي تحيق وتحيط بالأردن داخلياً وإقليميا وعربياً حين لجأت أكثر من مرة الى اتخاذ مجموعة قرارات وإصلاحات ضد المواطن امتدت بشكل مباشر لقوته وجيبه وعلاجه

التعديل الوزاري الأخير وإن كان ضرورياً في نظر البعض إلا أنه لم يحمل مفاجآت ومضامين مختلفة عما سلف ويعتبر عملية ترقيع في الثوب البالي وعلاجات مسكنة لمريض في حالة خطر ومثل هذا التعديل لم يعد يجدي مع وضعنا وحالنا ولن يغير من الواقع شيئاً ولا تأثير له في ظل سياسات اقتصادية هزيلة وإذا لم يكن هناك برنامج قوي تتبناه الحكومة وتنفذ سياسات الدولة بموجبه وتحقق طموح المواطن البسيط ضمن برنامج واقعي ومتوافق مع طبيعة المرحلة لهدف المرور والعبور بالوطن والمواطنين لما يحقق آمالهم ويقضي على الأزمات والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تواجههمً

لم ينفذ التعديل الوزاري المسلوق على عجل بشكل صحيح لان التغير طرأ على الوجوه فقط دون تغيير النهج الحكومي لهذا كان التعديل الرابع الذي أجراه الرزاز و ( شمل دخول 9 وزراء جدد ) غير مجدي وغير مقنع وهو بحاجة إلى إعادة تعديل من جديد فالحكومة باتت تشكل عبئا على النظام السياسي برمته ولا اعتقد ان هذا التعديل سيغير المزاج الشعبي العام او مطالبه

بعد مرور (100) يوم من عمر حكومة الرزاز قام بإجراء أول تعديل وزاري على حكومته ودمج عدد من الوزارات حيث كان خطأ فادح ارتكبته الحكومة دون ان تفكر بعواقب نتائجها وقد كان قرارا متسرعا ولم يأخذ بالنصيحة بان ( الدمج سيزيد من أعباء الوزارات خاصة وان الوزير سيحمل على ظهره وزارتين ( وهاهو في التشكيلة الوزارية الأخيرة التي اختار فيها وزراء سابقين وغير قادرين على اتخاذ إجراءات ناجحة يتراجع عن فكرة الدمج ويعود الى الفصل
هذا التعديل بكل ما جاء فيه من نكوص كان مصادم ومضاد لمطالب الشعب الأردني الصابر وهو يكرس النهج القائم والمرفوض في تشكيل الحكومات المتوالية ويشكل تجذيرا وترويجا للوضع الذي أوصلنا الى ما نحن فيه من استبداد وتسلط وفساد وتبديد وسرقة لمقدرات وإمكانات الوطن حيث لا توجد لدى رئيس الوزراء خطة اقتصادية واضحة ومنتجة بديلة عن نهج التسلط بالجباية من جيب المواطن

ومع كل حكومة أردنية جديدة او تعديل وزراي يزداد اليقين عندنا بان فلسفة التشكيل والتعديل الوزاري بحاجة الى نسف من أساسها وأننا لن ندخل أبدا في مصاف ونادي الدول الديمقراطية ما دامت طريقة تشكيل وتعديل حكوماتنا بهذه الطريقة والتي لا تعبر عن إرادة الشعب ولا عن مفهوم اختيار الأكفأ ولا يمكن ان نتخلص معها من آفة الفساد المتفشي والترهل الإداري المتمدد في كل مفاصل الدولة حتى نفعل وسائل الرقابة على ( حكومات ديمقراطية بأغلبية برلمانية ) بحيث يكون في الحكومة صوت الشعب وتأتي من خلال أحزاب وبرامج سياسية فاعلة وقوية تفرز مجلس نواب منتخب بطريقة حرة وشفافة ونزيهة وفوق كل ذلك لا بد من إقرار قانون انتخاب وطني يساهم في تشكيل الأحزاب القوية التي يتم من خلالها تشكيل حكومات برلمانية صرفة تمتلك الولاية العامة الحقيقية وتخضع للمحاسبة والمسائلة ومراقبة الأداء من خلال برامجها المعلنة وليس كما هو حاصل حاليا ( نحن بحاجة إلى خارطة طريق جديدة )

ومن دون ذلك سنبقى نراوح مكاننا في ضياع مطلق الى جانب الدول المتخلفة سياسياً وديمقراطيا وبذلك يبقى أسلوب التعديل الوزاري يشكل حالة من الإفلاس السياسي والتوريث وإعادة لأشخاص الذين اعتلاهم الصدأ ومارسوا العبث الإداري ونفذوا المشاريع الفاشلة بامتياز وجميع انجازاتهم لم تتعدى جلب الخراب والمديونية والمصائب للوزارات التي أصابها الشلل والدمار الشامل

التعديلات الوزارية إذا لم تقترن بتغيرات اقتصادية واجتماعية وميعشية وإرساء للمشاريع التنموية ضمن السياسات العامة للدولة والتركيز على سيادة القانون في عملية الإصلاح السياسي والإداري وان احداث تغييرات محدودة على القشرة الخارجية لنهج سياسي واقتصادي ضعيف سيبقى الأمور تدور في حلقة مفرغة وفي المحصلة كل وزير يقال يكبد الدولة راتب تقاعدي إضافي يزيد من الأعباء المالية للحكومات كما أن كثرة التغيير والتعديل تربك الوزارات والقطاعات الخدمية والحيوية وتؤدي إلى زيادة العشوائية في القرارات والإنجازات على حد سواء ومن الملاحظ جيدا أن الخلطة الجديدة للحكومة بعد التعديل لم تأت بوزراء اقتصاديين او خبراء ماليين بهدف دعم خطة التحفيز الاقتصادي والاستثمار التي تعول الحكومة عليها كثيرا

بكل صراحة ووضوح التعديل الوزاري الأخير ومع خالص تقديرنا واحترامنا لشخوص من تحملوا المسؤولية وتمنياتنا لهم بالتوفيق والنجاح لم يخرج عن القواعد التقليدية والتشاور في حدود صالون سياسي صغيرة مغلق وبتوصيات خاصة جداً من أصحاب الحظوة من المقربين والمعدودين على أصابع اليد الواحدة لذلك فإن النتيجة التي نراها معاستمرار هذا النهج تتمثل في التراجع المستمر والعجز عن تحقيق أية إنجازات حقيقية في ظل بقاء وتنامي ظواهر الفساد بكل أنواعه رغم تبدل الحكومات شكلياً عشرات المرات

ولا نقول مثل هذا الكلام لتكريس هذا الواقع المتكلس والمتعفن ولا من باب خلق روح الإحباط والنفور لدى الوزراء الجدد ولكن انطلاقاً من المحبة الصادقة لتحفيزهم لأن يكونوا وزراء ومسؤولين كما نص على وجودهم الدستور الأردني كرجال دولة يحددون السياسات العامة لبلدهم وشعبهم لا مجرد موظفين بامتيازات عليا وأول متطلبات هذا الدور المسؤول هو العمل الجاد والمشترك نحو تغيير النهج والعقلية التقليدية البالية والعقيمة في فلسفة تشكيل الحكومة بحيث تكون خارج إطار المحاصصة الجغرافية والعشائرية وإرضاء مختلف المكونات الاجتماعية

وان يكون اختيار الوزراء في المستقبل القريب بناء على المهنية والكفاءة أو وفقا لبرامجهم السياسية والاقتصادية مع ضرورة وجود هيئة مستقلة ومحايدة لتقييم الأداء بعيدا عن أبواق التشويه وحراب الانتقام ومسلسل تصفية الحسابات والعمل الجاد على تحقيق تنمية اقتصادية من خلال برامج تنموية واصلاحية تضمن تكافؤ الفرص و كفاية الإنتاج و تحفظ ثروة الوطن من التبديد و النهب والضياع وتعبئة الموارد والاستغلال الأمثل للطاقات البشرية في إطار متكامل لمفهوم التنمية المستدامة التي تضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للجميع الأردنيين في العمل والغذاء و المسكن والرعاية الصحية و الاجتماعية و التعليم الجيد إضافة الى مطالبة الحكومة توفير عدالة اجتماعية وتوزيع عادل للتنمية والنمو والثروة وفرص تعليم منصفة للجميع وتأسيس مناخات استثمارية جاذبة للأموال والتقنيات لعالمية المتميزة وتشجع الاستثمارات المحلية الوطنية

التعديل الوزاري الأخير كان بمثابة ( عقاب جماعي لشعب مكلوم ) وهو يرى ( حكومة الجباية ) تنسخ بعضها ببعض وخريطتها الوراثية في تمثيل ألقبيلته والعشيرة والمنطقة والمحافظة في المناصب الجاه والسلطان لم تتغير وليس فيها رجل رشيد يهمس في أذن كبار القوم ان المنهج هو أساس الغلط وهو السوس الذي نخر جسد البلد وكل المؤشرات تتحدث عن نفسها والوضع الاقتصادي والاجتماعي من سيء إلى أسوأ لذلك دائما فان التعديلات الوزارية على هذه الشاكلة هي ذر للرماد في العيون لا أكثر لا تسمن ولا تغني من جوع ولا يمكن يا حكومتنا الموقرة صناعة ( طبق العجة دون تكسير البيض ) ومع كل تشكيل حكومي قادم أو تعديل وزاري لاحق دمتم بصحة وعافية وكل عام وانتم بخير



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات