قضية الصحراء الغربية .. نعم للحكم الذاتي لا للانفصال


بعد أزمة صامتة وخلافات طارئة بين الرباط والرياض وأبو ظبي بسبب مواقف إعلامية تخالف الموقف الرسمي المغربي تجاه ملف الصحراء المتنازع علية مع جبهة البوليساريو جددت أربعة من بلدان مجلس التعاون الخليجي ( السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة والبحرين ) دعمها للمقترح المغربي حول قضية الصحراء المتمثل في الحكم الذاتي ومساندة قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وضمن إطار السيادة التامة المغربية.

وفي هذا الصدد قال مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة السفير عبد الله بن يحيى المعلمي أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة ( أن بلاده متشبثة بـموقفها المبدئي المتمثل في دعم وتأييد المبادرة التي تقدم بها المغرب والرامية إلى منح حكم ذاتي لمنطقة الصحراء ورفض المملكة العربية السعودية لأي مساس بالمصالح العليا للمغرب الشقيق أو التعدي على سيادته ووحدته الترابية ) وأضاف ( إن مبادرة الحكم الذاتي تمثل خيارا بناء يهدف إلى التوصل لحل واقعي منصف يضمن لساكني الإقليم الصحراوي مكانتهم ودورهم دون تمييز أو إقصاء إضافة الى إمكانية مشاركتهم الفعالة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعب المغربي.

وكذلك أيدت دولة الإمارات العربية المتحدة أمام اللجنة الأممية مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب والتي اعتبرها مجلس الأمن في قراراته وآخرها القرار 2468 بأنها ( جدية وذات مصداقية تشكل حلا توافقيا هاما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة ) وقد أشاد المجلس بجهود المغرب من أجل تحسين مستوى معيشة السكان في الصحراء سواء عبر دعم المسار السياسي أو من خلال إطلاق مشاريع ومبادرات تنموية حيوية وهامة.

من جانبه قال مندوب دولة الكويت ان بلاده تدعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء لما ( تشكله من خيار بناء يهدف إلى التوصل لحل مقبول من قبل جميع الأطراف ) وقد بين ان الموقف الخليجي موحد تجاه قضية الصحراء والذي تجلى واضحا في قمة الرياض الخليجية المغربية التي عقدت في 20 أبريل سنة 2016.

فيما جددت مملكة البحرين أيضا يوم دعمها للجهود التي تبذلها المملكة المغربية لإيجاد حل سياسي لقضية الصحراء على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة في إطار سيادة المملكة المغربية ووحدت ترابها الوطني.

منذ ثلاثة عقود وقضية الصحراء الغربية تنتقل من حالة الحرب الساخنة والباردة إلى مراحل المفاوضات المتباعدة والتي لم تسفر عن تحقيق أي نتائج حتى اليوم لإنهاء المشكلة القائمة مابين المغرب وجبهة البوليساريو فبعد الانتفاضة السلمية التي قادها المغرب في منتصف السبعينات فيما عرف تاريخيا بالمسيرة الخضراء والتي شارك فيها العديد من الوفود العربية والأجنبية بهدف إنهاء الاحتلال الاسباني للصحراء الغربية والتي تعتبر امتدادا طبيعيا وجزءا أساسيا من التراب الوطني المغربي ورغم الجهود الصعبة في بداية المشكلة وحالة الاضطراب نتيجة العمليات المسلحة لعناصر البوليساريو بالهجوم على المشاريع التنموية وحاميات الجيش وتدمير الطرق وقطع الممرات الصحراوية وترويع المدنين.

استطاعت الحكومة المغربية عبر السنوات الطويلة خلق حالة من الاستقرار وتغيير في نوعية الحياة وانجاز العديد من الخطط الاقتصادية وإنعاش المنطقة الصحراوية تنمويا وتوطين القبائل في أجواء من الأمن والطمأنينة في ظل رعاية خاصة ومتابعة مباشرة من جلالة الملك محمد السادس في تلك الأثناء وبعد الخلاص من ربقة الاستعمار الاسباني ازداد ظهور مقاتلي البوليساريو المطالبين بدولة مستقلة في الإقليم الصحراوي الغني بالثروات الطبيعية والمعدنية.

حيث كانت البوليساريو منذ انطلاقتها تحظى بالدعم أللوجستي والعسكري والسياسي من قبل الجزائر والتي احتضنت الجبهة وأقامت لها معسكرات تدريب ومخيمات إيواء في منطقة " تندوف " المحاذية للحدود المغربية لغايات التأثير والتدخل المستمر وغير المبرر في الشؤون الداخلية للمغرب وقد مارس العديد من السياسيين والعسكريين اللعبة نفسها في عرقلة المساعي المحلية والإقليمية والدولية لمنع الوصول إلى أي حل مرضي للطرفين وفي مقدمتها المشروع المغربي الأخير والذي يقترح حكما ذاتيا موسعا لإقليم الصحراء يتفق مع المعايير الدولية لكنه لا يشكل أي نوع من الاستقلال أو التنازل عن أي شبر من التراب الوطني المغربي.

وبما يضمن السيادة والوحدة الوطنية للبلاد والشعب المغربي إلى أن تم نقل ملف القضية إلى أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والذي يعمل بالتعاون مع طرفي الصراع للوصول إلى اتخاذ قرار ا حاسما ينهي الخلافات والصراع ومن أجل هذه الغاية تم تمديد فترة عمل البعثة الدولية في الصحراء الغربية لفتح آفاق جديدة من الحوار والتفاوض ضمن برنامج سياسي على قاعدة " لا غالب ولا مغلوب " ودون العودة إلى المربع الأول من الصراع والتفاوض والعمل على تغليب مبادرة الحكم الذاتي المقترح من المغرب كحل قانوني يحافظ على وحدة التراب المغربي.

ويسهم في تخفيف المعاناة في الصحراء ومن ثم المضي قدوما نحو إغلاق هذا الملف بشكل كامل ونهائي ومن أجل ذلك تقدم المغرب في الآونة الأخيرة بمقترح مبادرة الحكم الذاتي والتي تعتبر في نظر الكثير من المحللين السياسيين إشارة واضحة وواعية وخطوة تاريخية واعدة ومتجددة يتوفر فيها الإطار الواقعي من أجل حل سياسي للتفاوض بشأن النزاع الصحراوي مما ينبغي عليه إيجاد البيئة العربية والتحرك القومي والدولي المناسب والعاجل لدعم ومساندة هذه المبادرة وخاصة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والتي توفر لها هذه المبادرة الفرصة والمناسبة الهامة للدخول كطرف للمساعدة في تسوية المشكلة وإرساء مستقبل أفضل للمنطقة بالإضافة إلى أن هذه المبادرة تشكل الوسيلة المثلى لتامين سلام دائم للأطراف كافة وقد رحب المغرب نهاية الشهر الماضي بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2494 لتمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة " مينورسو" في الصحراء الغربية لعام آخر.

إن دعوة المغرب والبوليساريو والإطراف الأخرى المعنية من جديد للتفاوض المباشر يشكل فاتحة امل في اتجاه مفاوضات جادة وصادقة تدخل في مصلحة الشعب المغربي الواحد بشقيه في الأراضي في الصحراوية وباقي أرجاء البلاد.

لقد أثمرت الجهود العقلانية المتميزة والدبلوماسية الواعية والهادئة التي يقودها جلالة الملك الشاب محمد السادس ملك المغرب وها هي اليوم تعطي أملا جديدا للحياة بالأمن والاستقرار والعمل المشترك لطي صفحة مظلمة من تاريخ المغرب القديم بعيدا عن لغة الاقتتال والاحتراب ومواجهة والموت والدمار والتشرد وتوجيه الجهود والإمكانات لبناء الصحراء وانجاز المشاريع وخلق حالة من التعايش والمصير المشترك من اجل وطن واحد موحد تتوفر فيه سبل العيش الكريم والحوار والتنمية والتقدم.

المطلوب وبعد ان استؤنفت مؤخرا المفاوضات برعاية الأمم المتحدة في سويسرا بين المغرب وجبهة بوليساريو والجزائر وموريتانيا في ديسمبر من العام الماضي بعد توقف دام 6 سنوات ومحاولة التوصل الطرفين إلى حالة مقبولة يبنى عليها مستقبلا للتفاهم والتعاون والحوار المباشر فمن أهم العوامل للنجاح وقف تدخل بعض القوى المحلية والأطراف الدولية التي لها غايات وأهداف مكشوفة في استمرار الصراع والانقسام والاختلاف بين المغرب وجبهة البوليساريو والتي تنصب نفسها واليا وحاكما على شعب ومستقبل الصحراء حين تصب الزيت على النار وتؤجج الصراع والتأزم كلما اقترب الحل والاتفاق بين الطرفين ولا بد من الارتقاء إلى مستوى الطموح القومي وأخوة الجوار بلعب دور فاعل في إنهاء المشكلة أو على الأقل رفع يده وأيدي رجالات بعض الحكومات وأجهزة المخابرات والجيش عن عرقلة سبل الخير للتوصل إلى حالة من السلام والأمن والحياة الأفضل في الصحراء.

يذكر ان جبهة البوليساريو التي تأسست في 20 أيار 1973 تخوض نزاع مع المغرب حول السيادة على إقليم الصحراء ومنذ جلاء الأسبان تحول الى صراع مسلح توقف عام 1991بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار بين الطرفين.

مجرد سؤال :
ألا يكفينا نحن أمة العرب ما لدينا من دويلات وكانتونات متشرذمة وصراعات مستعرة فيما بين الأقليات والطوائف والأعراق والقوميات والتقسيم للأوطان والشعوب في المشرق والمغرب حتى تحل علينا مجددا فكرة دويلة جديدة وباسم جديد ؟

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات