مآلات البطالة المفزعة .. !!


أكثر من تسعة آلاف طلب عمل قُدِمَت للمنافسة على (25) وظيفة فقط أعلنت عنها شركة مياهنا مؤخراً في عمان ومأدبا والزرقاء، خمسة وعشرون شخصاً محظوظاً سيفوزون بفرص العمل، فيما سيعود الباقون بخفي حنين، في واحدة من "تجليات" ظاهرة البطالة الآخذة بالتفاقم والتي أصبحت تلقي بظلالها السوداء على مختلف مناحي الحياة الإجتماعية والإقتصادية في البلاد، المفارقة في الحالة التي أعلنت عنها شركة مياهنا أن المهن المعلن عنها هي مهن "ذكورية" بإمتياز (فني صيانة كهربائية، ضابط أمن، محلل كيماوي، أمين مستودع، قارىء عدادات، مواسرجي ...)، ولو لم تكن كذلك لكانت اعداد المتنافسين تفوق ذلك، كما أن هذه المهن هي ذات طبيعة فنية غير جاذبة لخريجي الجامعات ولو كان الأمر خلاف ذلك لزادت أعداد المتقدمين لها أكثر من ذلك بكثير .... أي وضع هذا الذي وصلنا إليه الآن !!!! .

البطالة هي الغول الذي يتسارع نموه بين ظهرانينا كل يوم والذي إذا لم نضع له حداً سيأكلنا جميعاً، فغالبية الآفات والامراض الإجتماعية الخطيرة وانهيار منظومة السلم والامن المجتمعي هي نتاج متلازمة الفراغ والفقر، فالجماهير قد تتحمل الإستبداد ونقص الحريات والظلم أحياناً، طالما أن هناك ما يسد الرمق، فإذا ساد الجوع، تحركت الجموع لا تلوي على شيء، وما نراه حالياً في كثيرمن الدول والمجتمعات المجاورة وحتى البعيدة خير دليل على ذلك.

إن عجز الاقتصاد الوطني عن توليد فرص عمل كافية خلال السنوات القليلة الماضية هو السبب الحقيقي للإرتفاع المتزايد في نسب البطالة، إضافة إلى عودة أعداد كبيرة من المغتربين من دول الخليج والتي تعاني أيضاً من اوضاع إقتصادية غير مريحة، مقابل إجراءات حكومية لم ترتقي إلى مستوى المشكلة ولم تحقق النتائج المرجوة فما زالت معدلات الإستثمار بشقيه الخارجي والداخلي في تراجع مستمر مما أثر سلباً على كل القطاعات وما نراه من جمود وركود في السوق العقاري وفي حركة انشاء المباني السكنية وغير السكنية إلا إحدى النتائج السلبية لذلك.

في الوقت الذي نتعاطف بشدة مع أصوات الغضب والإحتجاج من الشباب العاطل عن العمل، إلا أننا نستغرب استمرار الاحجام عن الانخراط في المهن التي تستحوذ عليها العمالة الوافدة وخاصة في قطاعي الزراعة والإنشاءات والتي يحقق الكثير منها عائداً مالياً مجزياً فعامل الإنشاءات غير الفني يتقاضى أجرة يومية لا تقل عن (25) دينار أما العامل الفني في القصارة والبلاط والدهان .... فأجرته اليومية تزيد عن ذلك كثيراً، لا بل ان كثيراً من الوافدين قد أصبحوا مقاولين وأصحاب عمل في هذا المجال، يعزُف أبناؤنا عن العمل في هذه المهن كونها تعتبر "شاقة" نسبياً ويطلبون وظائف مكتبية حتى وإن كانت بأجور وعوائد مالية أقل، قد نتفهم العزوف عن هذه المهن طالما توفرت البدائل، أما الإصرار على رفض العمل بها في غياب البديل فأمر غير مفهوم حقاً.

إننا أمام مشكلة كبيرة تتفاقم، وهذا يحتم على الجميع وليس الحكومة فقط حث الشباب وتشجيعهم على العمل في المهن التي تشغلها العمالة الوافدة، فلا عذر لمن يشكو الجوع ويرفض العمل في هذه المهن، فعمله فيها سوف يوفر الدخل الذي يضمن له حياة كريمة، ويحد من نزيف العملات الصعبة التي يحولها العمال الوافدون إلى أوطانهم، ولنتذكر جميعاً أن كافة المهن في الأردن كانت حتى أواسط السبعينات من القرن الماضي أردنية بالكامل بما في ذلك المهن "الشاقة" في قطاعي الإنشاءات والزراعة، أما الآن فنحن على الأغلب البلد الفقير الوحيد في العالم الذي يعتمد في إنشاء مساكنه وفي زراعة قوته وطعامه على العمالة الوافدة .... وأبناؤه عاطلون عن العمل ....!!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات