استمرار التخبط الحكومي والإصرار على تحدي إرادة الشعب!


في وقت يعاني فيه معظم فقراء الأردن أحفاد الطبقة المسحوقة من البؤس والحرمان والمعيشة الضنكا وضيق اليد والبطالة والتضخم وحياتهم تستهلك فناءا بالأطعمة الفاسدة والمسرطنة التي لا تصلح للاستهلاك البشري والشباب الأردني العزيز ( عدة الغد وأمل المستقبل ) جلهم ضائع وعزيمتهم خائرة وإرادتهم منهارة وبوصلتهم تائه في وطن لا يجدون فيه فرصة عمل شريف يكسبون منه الرزق بعزة وكرامة وهم المؤهلون بالشهادات العلمية والخبرات العملية والمحصنون بالأمانة وعزة النفس والكرامة.

وأبناء الذوات ( الطنطات ) رعاع الطبقة المخملية يتنعمون برغد العيش في قصورهم وسياراتهم وأرصدتهم مما سرق الأجداد والآباء والأعمام والأخوة من مليارات الدولارات التي جاءت على شكل منح وقروض ومن غيرها من المصادر الأخرى خلال العقود الماضية وعيون وبركات الحكومات المتعاقبة كانت تحرسهم وتحميهم من أي مسائلة او مجرد عتاب وهم اليوم يصنفون وطنيا من قبل ( من هم على شاكلتهم ) بأنهم أبناء النخبة المتقدمة والمسؤولين الوطنيين والزعامات التاريخية الأكثر ولاء وانتماء للأرض والقيادة والشعب وهم في الحقيقة التي تفوق شعاع الشمس وضوحا وسطوعا ( اللصوص والمافيات والعصابات التي سرقت المال العام و دمرت مقدرات الوطن وباعت فقراءه ومعدميه في سوق النخاسة والرقيق بأ بخس الأثمان ) واوصلوا بلادنا الى الحالة المريرة التي نعيش فيها الان نستجدي دول الجوار ونستعطف صندوق النقد الدولي بعدما قفزت مديونيتنا الخارجية الى ما يقارب 40 مليار دولار.

حتى أصبحنا بفضل ( حكوماتنا المتوالية ) غير الرشيدة ونتيجة أفعالها المشينة وقراراتها العشوائية الجائرة بحق المساكين وهي تحاربهم وتستقوي عليهم في لقمة عيشهم وستر حياتهم في الوقت الذي تركت فيه ( حيتان السلطة ) رعاة الفساد وحماته ودعاته يرتعون في بحر الوطن يفترسون كل ضعيف وفقير وحكومتنا الحالية رعاها الله تقف إمامنا تندب حظها وتدعي أنها وقعت ضحية لجهات متنفذة تعمل على تعطيل مشروعها ( النهضوي العظيم ) وذلك في مسعى منها للهروب من انقسامها الداخلي وضعف خبرتها في فهم آلية إدارة شؤون الدولة بعدما أضحت حكومة شبه مشلولة ورئيسها متردد ينخرط في حوارات عمومية بلا قرارات ناجزة.

في داخل كل بيت أردني ميسور أو متوسط الحال أو مستور على امتداد المدن الكبرى والبوادي والأرياف المهمشة والمخيمات المكتظة ووسط شعور بضياع البوصلة السياسية والاقتصادية وتناسل الفقر والبطالة (18%) وتعمق الشعور بالظلم وغياب العدالة الاجتماعية إلى جانب انهيار نوعية الخدمات العامة وتآكل البنى التحتية تتردد شكوى مريرة همساً وجهراً بأن الأردن ليس بخير وان أرضه وكيانه سياسيا مستهدفان بمؤامرة الوطن البديل وخفايا صفقة القرن المشؤومة والمشروع الصهيوني الذي يعتبر الأردن جزءا من فلسطين والأردنيون كافة بصدق عروبتهم على العهد لن يقبلوا أن يكونوا في أي يوم جسرا لتصفية القضية الفلسطينية على حسابهم ولديهم إصرار ثابت بالتمسك بالدولة والنظام الملكي والأمن والاستقرار والوحدة الوطنية.

ومع كل ذلك لا زال استمرار التخبط الحكومي قائم والإصرار على تحدي إرادة الشعب المكلوم بقرارات ظالمة وغاشمة وفوق الاحتمال والقدرات متواصل وكأنها دعوة مفتوحة من حكومة الدكتور عمر الرزاز الى تصعيد حالة الاحتقان والغليان في الشارع العام وما يتبع ذلك من مخاطر وتحديات تؤثر على نسيج وحدتنا الوطنية وتفتح الباب على مصراعيه للمراهنين على سقوط الوطن في قعر الظلمة والفتنة وإشعال النعرات العنصرية والطائفية والعشائرية وبقاء البعض على وتيرة النفاق والرياء يتسترون خلف مفردات الوطنية ويتحدثون باسم الوطن وكأنهم حماته وهم ألد الخصام للوطن والشعب ويعبثون بأمنه واستقراره في الباطن من اجل مصالحهم الضيقة ومنافعهم الخاصة وبكل إساءة فجة.

وضمن مسرحية حكومية ساخرة في زمن تراجيديا الجوع والقهر الشعبي العارم من حكومة مستبدة لم تبقي على الناس حتى ورقة التوت ( جرة الغاز وتنكة الكاز ورغيف الخبز ) ومن السخرية العجيبة والاستهزاء الحصري لهذه الحكومة الموقرة وهي تجتمع في كل مرة وفي هذا الظرف العصيب الذي يمر به الوطن وبكامل أعضائها وكل عدتها من اجل أن تزف البشرى بالإعلان عن موسم الاوكزيونات والتنزيلات لمناقشة ودراسة جملة من القوانين الفرعية والهامشية غير المجدية او المعنية بتحسين حياة الناس والتخفيف من همومهم وبؤس حياتهم بل وان بعض الوزراء يتقدمون متحدين بمقترحات وتصورات فنطزية للتضييق على الناس وسلبهم جزء أساسي من حقوقهم وحاجياتهم الضرورية ( مناورات حجب التامين الصحي مثال واحد فقط ) والشعب الأردني الكريم يتلقى المصائب بالتقسيط الممل والصبر الطويل.

فأي استخفاف بعقول المواطنين هذا الذي تسوقه الحكومة علينا بشكل مستمر وأي مجلس هذا الذي يجتمع من اجل غايات ثانوية وغير ذات جدوى في المدى القريب او البعيد وماذا يعني خذلان الشعب غير المبرر والذي لا يقع في صالح الوطن ووسط فشل عارم في تغيير نهج الفساد والإفساد وتلكؤ واضح في عدم محاسبة جيوش المقصرين من بعض المسؤولين الحاليين ورؤساء الحكومات والوزراء السابقين والمتقاعدين العسكريين هذه الفئات التي شكّلت ذات يوم طبقة ( سياسية عازلة مغلقة ) تبادلت المناصب والمكاسب وكانت مدعومة بنخب وقوى اقتصادية مستفيدة من وجودها وها هم اليوم ينكرون مسؤوليتهم عن الطريق المسدود الذي وصلت إليه البلاد ويوجهون اللوم للشعب الذي "لا يعجبه العجب".

يا دولة الرئيس كان الأجدى والأجدر بكم وأنتم تعلمون عمق جراح الشارع الذي خلفته عديد قراراتكم الجائرة في صلب معيشة الأردنيين أن تجتمع وأصحاب المعالي من حولك لما يفيد الوطن ويخفف معاناة المواطنين فليس تلك هي مشكلتنا الأهم ولا هي حاجتنا الضرورية ما نحتاجه أنت ومن سبقك تعرفونه جيدا لكننا نراك تتهرب من مواجهة الأزمات الحقيقية التي تكدر صفو حياتنا وتعطل مسيرة وطننا نحو التقدم وهي السبب في تفاقم مديونيتنا وعجز موازنتنا واهتراء خدماتنا وإنا نجدك تقفز على الحقائق وكأنك لا تعرف ما هو الشديد القوي الذي اخرج الناس زرافات وأفراد الى الشارع يصرخون من شدة الألم الذي زرعتموه في قلوبهم.

دولة الرئيس مشكلتنا الأهم من أي لقاء او اجتماع يتكرر فيه الحديث على نفس المستوى وبكل القناعات المعروفة هي أن تتجرأ من جديد على متابعة ومحاسبة زمرة الفاسدين وإتباعهم وأعوانهم وهم كثيرون وأنت الملزم وحدك بصفتك ( صاحب الولاية العامة ) في البحث عن الأدلة والبراهين وممارسة الضغوط وتطبيق القوانين والإجراءات التي تجبرهم على اعادة الأموال المنهوبة فورا ودون إبطاء أو زجهم في السجون في مهاجع اللصوص والمحتالين من أرباب السوابق والأهم عندنا أيضا ان نستعيد ملكية شركاتنا الوطنية كشركة الفوسفات والموارد وغيرهما من الشركات التي بيعت غبنا وفسادا بمشاريع ألعوبة الخصخصة.

وما نحن أحوج إليه أكثر اليوم وغدا أن توقفوا النهب المنظم لجيوب المواطنين وتحميلهم عجز الموازنة والمديونية ودمار البلاد حيث لم يكونوا سببا فيها وأن تكرسوا جهدكم لتأمين حياة كريمة لأجيالنا ( ان لم يكن لنا نحن حظ او نصيب فيها ) واعلم دولتك ان كثرة استعمال الفزاعات والمغالاة في التهديدات لن يرعب الشعب بعدما كسر حواجز الخوف والرهبة فلن يتراجع غضبه ولن يستسلم حراكه الوطني الراشد الإصلاحي والمتنور طالما بقي الظلم الحكومي يحيط به من كل جانب ضمن سياسة تجويع وإفقار منظمة ورفع للدعم وانفلات للأسعار والجميع يعلم علم اليقين انه لا يوجد من حيث المبدأ أي دعم للمحروقات وان الحكومة تتقاضى ضرائب عالية جدا على أسعار النفط المعلنة تزيد على 40% وان حكومتكم تحقق إرباح تصاعدية في هذا المجال أكثر من المنتج والمصدر والمستورد دون اي جهد اوعناء.

تعلمون يا دولة الرئيس انه في ظل عجز حكومتكم عن الإصغاء للشعب وعدم قدرتها على تحقيق مطالبه المشروعة وانعدام التواصل معه وتجريده من حقوقه وعدم الاهتمام بمصيره كهدف استراتيجي فضلا عن ( زبل الراي العام ) بشكل تام وانهيار الحالة المعيشية وتحول الفساد الى نهج منظم مما افقد الحكومات هيبتها ومصداقيتها ولا زلنا نسأل بانزعاج وفزع من هو " المسؤول " عن انهيار منظومة إدارة الدولة التي دخلت مئويتها الأولى على وقع تراجع مرعب وضعف للولاية العامة لصالح مرجعيات موازية تعمل خلف الأبواب المغلقة حيث تداخلت السلطات وتدهور دور ومكانة مجلس الأمة وتراجع الأداء والانجاز.

نحن نعلم ان دولتنا الآن مفلسة وكأنها وضعت على حافة الانهيار مع وقف التنفيذ سياسيا واقتصاديا وماليا وهي مرهونة بديون لا سداد لها ممكن الا بثمن سياسي مؤلم وان معظم مقدراتها ومؤسساتها الاقتصادية والصناعية إضافة إلى بنيتها الأساسية والتحتية لم تعد ملكا لشعبها وان دينارنا لا يخضع لمبرر علمي في تسعيرته سوى قرارات الإرادة السياسية الأمريكية التي تستخدمها وغيرها كورقة ابتزاز وتهديد في اللحظة المطلوبة وأن الضغوطات على الشعب والدولة أصبحت مجرد كمبيالة مستحقة الدفع لتحقيق هدفهم الأسوأ بانهيار الدولة وشيوع الفوضى وتفكيك الجبهة الداخلية وتهديد السلم الأهلي.

وها نحن نلج عهد العشرية الثالثة ومعظم الأردنيين يرزحون تحت ظروف معيشية غير معهودة بعد رفع الدعم عن الخبز وتعويضه ببدل نقدي لفئات محدودة وفرض أو رفع ضريبة المبيعات على سلع أساسية ثم إقرار قانون ضريبة دخل يخفض سقف الإعفاءات الممنوحة للفرد والعائلة مقابل عدم القدرة على وقف التهرب الضريبي خاصة في أوساط بعض الأطباء والمحامين وكبار الشركات.

ولا يعني حديثنا هنا بالتحديد عن حكومة الدكتور الرزاز بالضرورة أن الحكومات الثلاث السابقة كانت أفضل من الحالية ففي الخطوط العامة لا اختلاف بينها لكن المشكلة كانت هنا في غياب التواصل والحوار مع القوى السياسية والنخب الإعلامية والحزبية والنقابية والاجتماعية الفاعلة والمؤثرة.

اختم حدثيثي بما يقوله جميع الاردنيين بلسان واحد يمثل حالهم ( نحن لسنا مسؤولين عن التخبط الحكومي المستمر ولا سوء اختيار الوزراء وانعدام التخطيط ونحن لم ندخل البلد في أزمة اقتصادية إثر أزمة سياسية ولا نحن من باع مؤسسات القطاع العام وترك الدولة بدون أصول ثابتة او متحركة ولا نخن من سرق ونهب الأموال العامة جهارا نهارا ومن موقع المسؤولية ولسنا مسؤولين عن ترهل وجمود وانكفاء القطاع العام الذى ذهبت فيه الوظائف العليا على شكل رشاوى وترضيات لمحاسيب وابناء وذوات واننا نرفض بالمطلق أن نكون مسؤولين عن تصحيح مسار البلد بأكمله بعدما تم تهميشه بيد مافيات سماسرة وتجار فاسدين تركوا في مرحلة قريبة وبعيدة ليعيشوا حياتهم بحرية وطمأنينة بينما المواطن الفقير مجبور قانونا بدفع قوت أبنائه من اجل تعويض موازنة الدولة عما سرقه سرقة المجرمون ).

ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء واجعلوا لحاضركم وما تبقى من عمركم ذكرى طيبة في حياة الأردنيين ففيهم الكثيرون من الفقراء والمعدمين والمظلومين الذين يستجيب الله دعواتهم وليس بينها وبين الله حجاب.

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات