نيويورك تايمز: ترامب يحول سوريا والشرق الأوسط لمنطقة خطرة


جراسا -

قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن الرئيس دونالد ترامب يجعل من سوريا والشرق الأوسط “منطقة خطرة”.

وجاء في افتتاحيتها أن تحالف الأكراد اليائسين مع الأسد يهدد بعودة تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) في وقت تتلاشى القوة الأمريكية. وأشارت إلى أن هناك ألف جندي أمريكي في سوريا وجدوا أنفسهم في وضع مستحيل بسبب قرار القائد الأعلى للقوات المسلحة. وهم الآن بين مجرم حرب غير نادم على أفعاله واستخدم الغاز السام ضد شعبه، والقوات التركية الحليفة في الناتو.

وتقول الصحيفة إن ترامب عندما فاز في الانتخابات عام 2016 وعد بوقف “الحروب اللانهائية”، ووعد كهذا يتضمن التخلي عن حلفاء مثل الأكراد الذين تعاونوا في هزيمة تنظيم الدولة أو عن الحكومة الأفغانية في كابول. إلا أن شعار أمريكا أولا لم يعن أبدا ترك الجنود الأمريكيين لوحدهم.

وأشارت الصحيفة إلى أنها نشرت يوم الإثنين تقريرا قالت فيه إن سحب القوات الأمريكية من شمال- شرق سوريا يقتضي عمليات نقل جوي، وتحركا لإعادة نقل 50 قنبلة نووية تكتيكية محفوظة في قاعدة إنشريلك الجوية التركية.

وتقول الصحيفة إن عشرات من المقاتلين والمدنيين قتلوا في المعارك حسب تقارير هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بعد بدء العملية التركية التي حصلت على ضوء أخضر من البيت الأبيض. وانتشر مقاتلو تنظيم الدولة وعائلاتهم الذين اعتقلوا في معسكرات اعتقال في الريح حسب تقرير للصحيفة.

وعقد الأكراد صفقة مع النظام السوري الذي أرسل قواته المدعومة من روسيا إلى الشمال. وتشير الصحيفة إلى ألف قرار قاد الولايات المتحدة لكي تلعب دور الحكم على الحدود السورية- التركية، إلا أن قرارا اتخذه الرئيس الأسبوع الماضي في مكالمة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أدى إلى الفوضى وسفك الدم الذي انتشر في المنطقة طوال الأيام القليلة الماضية.

وربما كان القرار من أجل إستراتيجية كبيرة، إلا أن هناك أدلة قليلة من الرئيس ترامب لتدعم هذا الرأي. فقد سمح ترامب بالغزو ثم هدد بتدمير الاقتصاد التركي لو تجاوزت أنقرة الحدود بدون أن يحدد المدى الذي سيذهب إليه. وزاد التعرفة الجمركية على الفولاذ المستورد من تركيا في الوقت الذي أعلنت وزارة الخزانة خطوات عقابية لمواجهة الغزو التركي. وأضاف إلى التشوش نائب الرئيس مايك بينس عندما دعا تركيا إلى وقف إطلاق النار.

وتعلق الصحيفة بالقول إن ترامب هدد بتدمير الاقتصاد التركي، لكنه لن يفعل شيئا. وجاء في تغريدة من الجيد نقلها كما هي: “كما قلت بشكل قوي وأكررها الآن: لو فعلت تركيا أمرا رأيت أنه لم يتوافق مع حكمتي العالية وأعتبره خارج الحدود فإنني سأدمر وأمحو الاقتصاد التركي (وفعلت هذا من قبل)”. وتعلق الصحيفة: “لا شخص عاقلا يمكنه اتخاذ فعل متهور في منطقة تعتبر الأكثر التهابا في العالم، وبالنسبة للحدود فمن غير الواضح ما هي”.

ونقلت الصحيفة ما قاله وزير الدفاع مارك إسبر: “إننا نشاهد أزمة إنسانية تتكشف”. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين قولهما إن القرار المتهور لسحب القوات الأمريكية أجبرهم على ترك سجينين “رصيدين” مهمين من تنظيم الدولة.

وقال ضابط أمريكي عمل إلى جانب الأكراد: “لقد وثقوا بنا وكسرناهم”، وتضيف الصحيفة أن القرار لا معنى له من الناحية الإستراتيجية والأخلاقية. وعبر الحلفاء من برلين إلى الرياض عن مخاوفهم. وفي “تويتر” جاء: “أي شخص سيساعد تركيا أو سوريا لحماية الأكراد فهو أمر جيد لي، سواء كانت روسيا أو الصين أو حتى نابليون بونابرت”. وفي نفس الوقت الذي أشار ترامب إلى أن الشرق الأوسط يجب أن يكون مشكلة الآخرين وتحدث عن جلب القوات الأمريكية إلا أنه أمر بنشر 3.000 جندي أمريكي في السعودية لردع إيران والتي تعتبر مع روسيا من داعمي النظام في دمشق.

وترى الصحيفة أن التاريخ حافل بالحلفاء الذين تم التعاون معهم مرة وتخلت عنهم واشنطن وتركتهم لمصيرهم، من غزو خليج الخنازير في كوبا إلى جنوب فيتنام، وكذا الانتفاضات المتعددة في هنغاريا عام 1956 التي أثارتها الولايات المتحدة لتتخلى عنها وتحجب الدعم عنها. وتخلت أمريكا عن الأكراد الذين لا دولة لهم في أجزاء من تركيا وسوريا والعراق وأرمينيا وإيران في أكثر من مرة. ومن أشهر الأمثلة سيئة السمعة عندما هاجم صدام حسين الأكراد بالغاز السام عام 1988 وحمت إدارة رونالد ريغان الحكومة من عقوبات الكونغرس.

ولكن قرار ترامب يعد استثنائيا لأن الوضع القائم كان يمكن الحفاظ عليه. ولم تتعرض القوات الأمريكية لخسائر كبيرة، وكانت المناطق تحت السيطرة الكردية هادئة، فيما اعتقل وهزم قادة تنظيم الدولة. ولم يكن هناك ضغط دولي على الولايات المتحدة للانسحاب. ولو كان ترامب يريد استرضاء أردوغان لحماية أمنه القومي لفعل هذا بطريقة منسقة وهادئة.

وعبر النواب الجمهوريون عن غضبهم من القرار التركي خاصة السناتور ليندزي غراهام والنائبة ليز تشيني التي ذهبت بعيدا للقول إن ترامب أصبح ضعيفا بسبب إجراءات محاكمته. وعلى الجمهوريين لوم أنفسهم لرفضهم محاسبة الرئيس على قراراته المتقلبة في السياسة الخارجية أو القرارات المزاجية التي تركت أطفال المهاجرين في الأقفاص والتحالفات القديمة في حالة من التشتت.

ولو كان ترامب يريد تحسين العلاقات مع تركيا التي يوجد فيها برجان باسمه فإنه أخطأ الطريق، وأي شخص سيرى أن خطوة غير ناضجة ستؤدي إلى توتر العلاقة من خلال فرض العقوبات الاقتصادية. وقررت دول الاتحاد الأوروبي تحديد صادرات السلاح إلى تركيا فيما ستؤدي العقوبات لمحدودية وصول قطع الغيار والذخائر إلى تركيا.

وفي الوقت الحالي يجب أن تكون أولوية واشنطن هي جلب الجنود الأمريكيين وتأمين السلاح النووي، ويجب أن تعرف تركيا أن دول الناتو لن تأتي لدعم مغامرتها العسكرية في سوريا حالة خرجت عن السيطرة، ويجب على المجتمع الدولي رفض الجهود التركية لتغيير الطابع السكاني الكردي بجلب اللاجئين. وتقول الصحيفة إن الولايات المتحدة كانت قادرة قبل أيام على إعادة الوضع القائم من خلال العقوبات الاقتصادية القاسية على تركيا، أما اليوم فلم يعد هناك دور واضح لها بعد تحالف الأكراد مع النظام. وكما يقولون: لو كسرته فأنت مسؤول عنه، لكن أمريكا كسرت ولا تريد تحمل المسؤولية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات