أوبزيرفر: العملية التركية وحدت الأعداء ضد أنقرة


جراسا -

كتب المعلق سايمون تيسدال في صحيفة “أوبزيرفر” عن العملية التركية في شمال سوريا، تحت عنوان “استطاع أردوغان تحقيق المستحيل: وحد كل أعدائه في الشرق الأوسط”.

وقال تيسدال إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من خلال اجتياحه شمالي سوريا وحد كل المتنافسين ممن لديهم حصة في البلد.

ووصف تيسدال التحرك التركي بالمتهور والمزعزع للاستقرار وأن أردوغان القومي ذو النزعة الديكتاتورية الذي عادة ما يصور نفسه على أنه الرجل الذي يواجه العالم وذلك طوال فترة حكمه التي مضى عليها 16 عاما متتالية، أولا كرئيس للوزراء وثانيا كرئيس تنفيذي.

ويعترف الكاتب أن القتال على الحدود التركية- السورية لا يزال محدودا لكن الوضع قد يتغير. فقد حذرت مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل قائلة: “لو زادت وتيرة الأعمال العدائية فقد تقوم تركيا بعملية واسعة في المناطق ذات الكثافة السكانية مما سيؤدي لضحايا وتهجير الكثير من السكان المحليين ويغذي النزعات المتمردة”. وقال إن الاتحاد الأوروبي وروسيا وإيران والجامعة العربية أعربت عن معارضتها للغزو التركي، وهو ما ترفضه أنقرة وتفضل تسمية العملية التي تقوم بها بـ”نبع السلام”.

ويرى الكاتب أن كل طرف يحاول التكيف مع الوضع الناجم عن العملية ويمارس لعبة اللوم في وقت يحاول الاستفادة منها. وكان أردوغان قد توقع الرد العدواني الأوروبي ولهذا هدد بفتح الباب للمهاجرين وخلق أزمة كتلك في عام 2015. كما لم يتحرك عندما هددت بعض الدول بتعليق عضوية بلاده في حلف الناتو.

ويعرف أردوغان أن علاقة بلاده مع أوروبا في أدنى مستوياتها، خاصة بعد انتقاد بروكسل سجل حقوق الإنسان والذي كان سببا في توقف قبول عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي.

ويعلق الكاتب أن القادة الأوروبيين يدفعون ثمن محاولاتهم تطبيع العلاقة مع أردوغان، فقد أثبت أنه ليس ديمقراطيا أو حليفا ولا صديقا. ويعتقد الكاتب أن دول أوروبا لا أثر لها عما سيحدث في سوريا، إلا أن أمريكا لديها الكثير من أوراق الضغط ولكنها مصممة على رميها. ورغم النفي والبيان الذي صدر عن البيت الأبيض في 6 تشرين الأول/أكتوبر فمن الواضح أن الرئيس دونالد ترامب وافق على العملية التركية بدون استشارة حلفائه وسهلها من خلال سحب القوات الأمريكية من المنطقة الحدودية. وكان قرارا كارثيا تحاول الولايات المتحدة تصحيحه.

ويعتقد الكاتب أن خيانة الأكراد، رفاق السلاح في الحرب ضد تنظيم الدولة، كان سيئا بدرجة كافية. وما هو أسوأ التخلي عن سوريا لروسيا وإيران المنافستين الرئيستين والداعمتين لبشار الأسد ونظامه الديكتاتوري المجرم، بشكل وضع نهاية للفشل الأمريكي في سوريا خلال الثماني سنوات الماضية. وربما كانت روسيا سعيدة من خروج الأمريكيين، خاصة أنها عملت على دفع أمريكا من سوريا وعموم الشرق الأوسط، إلا أن ردها كان سلبيا كما هو الحال عندما تدخلت تركيا في إدلب العام الماضي.

فعندما أرسل فلاديمير بوتين قواته إلى سوريا عام 2015 فقد راهن على انتصار الأسد، ولكن النصر ابتعد عنه في وقت زاد فيه الثمن السياسي والمالي.

كما عقدت خطوة أردوغان من العملية السلمية التي تشرف عليها روسيا إلى جانب تركيا وإيران. ولهذا السبب تحث روسيا الأكراد على عقد اتفاقية دفاع مشترك أو نوع من الحكم الفدرالي مع نظام بشار الأسد. ويرى هذا فرصة لاستعادة المناطق التي خسرها وهو ليس مهتما بفكرة أردوغان عن المنطقة الآمنة.

وبنفس المقام أعربت إيران عن عدم رضاها من العملية التركية ولكن لأسبابها الخاصة. فهي وإن رغبت برؤية ظهر الأمريكيين، ليست عاشقة للأكراد الذين يثيرون المشاكل لها في داخل البلاد، ولكن دخول تركيا يهدد خطط طهران بالسيطرة على الممر الشمالي الذي يربطها مع حلفائها في لبنان أو ما تطلق عليه إسرائيل “ممر الإرهاب”. وبعد محاولاتها لإنشاء نظام مؤيد لها في العراق بعد عام 2003 فإيران ليست راغبة بمواجهة انتفاضة سنية جديدة في العراق وسوريا.

ويقول المحلل بلال البلوش إن الانسحاب الأمريكي سيشعل المخاوف الإيرانية من تمرد سني عبر ظهور جديد لتنظيم الدولة.

ويرى الكاتب أن المخاوف من عودة تنظيم الدولة حقيقية وهذا بسبب التوغل التركي. والغريب أن إيران والولايات المتحدة والسعودية التي كانت على حافة الحرب تجد نفسها في نفس الخندق ضد تركيا.

وشجبت دول عربية مثل الإمارات ومصر والبحرين والأردن ولبنان العملية التركية، فبعد دعم أولي للمعارضين السوريين بدأت هذه الدول وبحذر تتقارب مع نظام الأسد. ويعارض القادة العرب دعم أردوغان لجماعة الإخوان المسلمين وأفكاره عن دور تركيا الجديد في المنطقة.

وتقوم هذه الدول مثل روسيا وإيران بإعادة حساباتها وتتعامل بطريقة براغماتية حول الحرب في سوريا، وإن الطريق الوحيد لوقفها هو دعم الأسد، إلا أن أردوغان يقف الآن عقبة. وبالمقابل فقد قدمت الأزمة الجديدة دروسا تحذيرية هي أن التحالفات الأمريكية لا يمكن الاعتماد عليها.

ويعرف الأكراد هذا الأمر، فقد تم التخلي عنهم عام 1991، وتركهم الأمريكيون لصدام حسين بعد نهاية حرب الخليج الأولى. لكن عدم مصداقية أمريكا تعتبر جديدة للنظام السعودي الذي يعتمد مثل إسرائيل على واشنطن لتقديم الدعم الأمني لها. وكلما اكتشف السعوديون أنه لا يمكن الاعتماد على السعودية كلما حاولوا بناء جسور مع إيران، وهذا ما يحدث الآن حسب تقارير.

ومن المفارقة الساخرة أن قرار ترامب قدم فرصة غير مباشرة لإنهاء حرب الوكالة بين السعودية وإيران، مع أن الصقور في الإدارة وإسرائيل دفعوا بشكل قوي باتجاه ضرب طهران.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات