وزاراتنا ليست قلاع ومن يديرونها ليسوا ملائكة


في زمن أصبح فيه العالم قرية صغيرة تغزو سمائه الفضائيات والنيوترونات وتملأ أرضه الأنترنت والشبكات وتتناقل اخباره العديد من سائل الأعلام والوكالات لم يعد معقولا ولا مقبولا أن تبقى وزراراتنا واداراتنا ومؤسساتنا العامة قلاع محصنة تحيط بها أسوار عالية وسميكة تحجب خلفها الكثير من الأغلاط والأخطاء والممارسات السلوكية القاصرة عن خدمة الوطن والمواطنين.

فالكثير من الوزراء والرؤساء والمسؤولين في العديد من الوزارات والمؤسسات العامه يشهرون سيوفهم من اغمادها اذا ما تعرضت مسلكيات عملهم واداراتهم الى أي نقد موضوعي وبناء يهدف الى الارتقاء بالعمل وتسليط الضوء على مواقع الخلل وتجويد الخدمات العامة فأي نقد أصبح يرى فيه المسؤول استعداء له وتجروء مرفوض على شخصه وادارته وكأن المصلحة العامة اوجدتها سلطة المجتمع لكي تكون ( ملكا لفرد أو جماعة ) دون باقي أبناء الوطن.

فكم من مسؤول يؤرقه وتثور حميته ويجند ازلامه وخدامه ومن يعملون تحت امرته للدفاع عن كرسيه ومحميته بالعنجهية والباطل بدل أن يقارع الأنتقاد بالدليل ويقدم الحجة بالعمل ومعالجة الأخطاء بالتواصل والمشاركة وتقويم الاعوجاج وتطوير الاداء وتحقيق الانجاز ومن معلوم دائما ان أي صحفي وطني ومنتمي وشريف يعمل من أجل المصلحة العامة ويجتهد ويتقصا لكشف العيوب والتجاوزات والخلل ومن اجل ذلك يصبح غير مرغوب فيه ومحارب على جميع الجبهات والجهات حتى ان بعض المسؤولين بطغيانهم وتكبرهم يرون أنه ليس من حق الصحافة والكتاب أن يعرفوا ما يدور في محيط دوائرهم سواء كان سلبا أم ايجابا والبعض الأخر يعمد الى استخدام نفوذه ومركزه وعلاقاته الشخصية في تشويه ومحاصرة أي صحفي يتجرأ على قول الحقيقة في محيط مزرعته.

ويعتبر ذلك تجاوز خطير على هيبته ومكانته ومركزه يستدعي المواجهة والأنتقام من الكاتب والصحيفة أوالموقع الذي ينتمي اليه بمختلف الوسائل والأساليب أقلها وقف التعامل الأعلاني وحجب الأخبارومنع التواصل واغتيال الشخصية وتشويه السمعة هذه الفئة من المسؤولين لا تعي أن الكاتب او الصحفي الذي يقدم بعض الملاحظات عن دوائرهم فهو يساعدهم وينبهم الى أخطاء قد تكون جوهرية قد يذهبون هم اول ضحاياها في يوم ما وليس صحيحا أن اغلاق الابواب والتكتم والسرية المفرطة والتعليمات القصرية المشددة والعمل في العتمة وخلط اليقين بالريبة سوف يطيل عمر بعض هؤلاء المسؤولين فوق كراسيهم بل على العكس فان معالجة الاخطاء واحترام الناس ونسجالغلاقات الطيبة مع الصحفيين ومحاربة الشللية هي الوسائل الكفيلة بجعل المسؤول شخصية قيادية معتبرة ومشهورة ذو سمعة طيبة يعيش مع المواطنين همومهم وقضاياهم ويتقبل آرائهم وياخذ بصالحها.

والكثير من المسؤولين غير الواثقين من أنفسهم الذين هبطوا على المنصب بالمحسوبية والواسطة ودون احقية او تاهيل توكفاءة يرون أن خروج السلبيات والأخطاء عن طريق الصحافة يعتبر كارثة قد تعصف بالمقام والكرسي وتضعف صورة المسؤول وتقضي على مستقبله وطموحه ولا يعلم هؤلاء ان وجود السلبيات في كل مصلحة ودائرة ربما يكون امر طبيعي لعدة اسباب قانونية وادارية وتنظيمية وان التفاعل الأيجابي بين المسؤول والصحافة يتيح الفرصة لابراز المشكلات وتسليط الأضواء عليها والدعوة الى معالجتها ولكن بعض المسؤولين القابعين في عروشهم والمنعزلين في صومعاتهم لا يريدون من الصحافة والمواطنين الا ممارسة طقوس النفاق والرياء والمجاملات والمداهنات والتغريد بلغة وسلوك الهتاف والتهليل لهذا المسؤول أو ذاك حتى يبقى مسترخيا على كرسيه براحة وأمان والعفن والقصور وانعدام الخدمات يغطي مسيرة وزراته او دائرته او مؤسسته.

اننا نرى بكل صدق ومواطنة حية أن المسؤول الأحق بالتقدير والأحترام هو الذي يساعد الناس ويقف معهم ويتحسس احتياجانهم ويصغي الى مطالبهم ولا نعرف ماذا يريد البعض منهم وهم يصدعون رؤسنا صباح مساء بسياسة الباب المفتوح وتجد على ابوابهم حرسا شديد وعوائق تمنع الوصول اليهم وتحتاج ساعات حتى يتكرموا بأدخالك الى صولجانهم ثم تجد قلوبهم ضيقة ويتأففون من الناس البعض يظن أنه يصنع الأفضل والأروع والمطلوب أن يغلق الناس أفواههم وأن يغمد الكتاب أقلامهم في انتظار حدوث معجزة او نزول رحمة السماء.

نكرر بكل أمانة وصراحة أن التنبيه المبكر للاخطاء والاغلاط واجب وطني مقدس وفرض عين على كل من يحب هذا الوطن وأهله ويبغي ان يتخلص من مشاكله وأزماته ويتبوأ المكان اللائق بين المم والشعوب فالمسؤولين الأذكياء المخلصين يفتحون آذانهم وقلوبهم لكل كلمة نقد وكل همسة حرص تصحح المسار وتقيم الأداء اما التقليل والتهوين من شأن الرأي الأخر فأن ذلك يشكل خطر على المسؤول ولا يعطي الوقت الكافي والفرصة المواتية لتدارك الأخطاء والأصلاح وبزبد من الشطط والتخبط ومن المعلوم تاريخيا ان الكثيرأن كوارثنا ومصائبنا كانت بسبب سياسات الأخفاء والتعتيم التي أدمن عليها بعض المسؤولين وأستخفوا بقدرة الناس على الفهم والادراك.

اننا لن نتقدم ابدا طالما نحن نجمل الحفرة القذرة بالورود والزهور ارضاءا لهذا وذاك فتصريحات بعض المسؤولين وردية جميلة وحياة المواطنين شوكية متعبة وبعض المسؤولين يشكلون " طبقة عازلة " يكتمون شكوى الناس ويمنعون عنهم القرار وهم الذين يحولون بكاء الناس وأوجاعهم الى زغاريد فرح وجوعهم الى حمية وروجيم حينما جعل البعض من اداراتهم مملكات خاصة واقتطاعيات عائلية وجزر معزولة ذات استقلال خاص لايؤمنون بروح الفريق المشترك أو العمل الجماعي ( لا ندري كيف أصبحوا مسؤولين ) أكثرهم هبط على كرسي الوظيفة بالبراشوت من طائرة المحسوبية والتنفيع ان الفترة القادمة لا تحتاج الى وزراء أو مسؤولين ممن يرحلون المشاكل ويخدرون الناس ولا يملكون القدرة على المواجهة وليس لديهم حلول ويتعللون بأسباب واهية.

مانريده وزراء ومسؤولين يتعاملون مع المال العام بكل وقار وقدسية لا يبذرون على المكاتب والمواكب والسيارات والمكافئات والامتيازات والا يشبعونها نهما ب ( بشعارات الطهارة والشفافية ونظافة اليد وقدسية المال العام ) وان نرى التخطيط والتطرير قد تجاوز العاصمة عمان الى المحافظات وان تحكم معايير السمعة الطيبة والكفاءة العالية والتميز المشهود أختيار الوزراء والقيادات بعيدا عن المحاباة والتخصيص والصداقات وذوي القربى وهذا وحده فقط الذي سوف يوسع شرايين الدولة وينشط دورتها الدموية ويخلصها من الأمراض والعلل والضعف والتخبط.

ان الصحافة التي ترضى بالأمور كما هي مظلمة ومشلولة لهي صحافة غير وطنية ومغشوشة ومتخلفة وظالمة لنفسها والوطن والناس يجب ان تزول والصحافة الوطنية الأمينة هي تلك المرآة الناصعة التي تعكس هموم المواطنين وحاجاتهم وتعرض كافة الدوائر والمؤسسات الرسمية الى صور شعاعية بعين واعية ودقيقة لا تحابي ولا تخاف ولا تعتبر أحد أكبر من الوطن وحبه وحمايته وهي التي تدق ناقوس الخطر وتطلق نذر التنبيه الى نقائص المجتمع وعيوبه وهي التي عليها دور وطني في التحريض والحض على التغيير نحو الأفضل وان الدوائر والؤسسات العامة ليست منتجعات سياحية للراحة والأستجمام لهذاالمسؤول او ذاك ومن يديرونها ليسوا ملائكة بعيدين عن الوقوع في الاخطاء والأهم بعد كل تعديل او تغيير الوزراري ان يكون عمل المرحلة القادمة لا يتوقف عند حدود التعديل او التغيير بل لابد من اعادة النظر في عمل ومهام الوزارات والدوائر والؤسسات الحكومية ومن يتولون شؤونها.

وهذا خيط البداية في الطريق نحو الأصلاح الذي يعزز العمل ويدفع الى الاعتراف بالاخطاء ويضع التقصير والاهمال تحت المجهر والمعاينة والله تعالى نسأله بقدرته ان يولينا خيارنا ويبعد عنا شرارنا وان يديم على أردن الخير والعروبة واهله نعمة الأمن والتقدم والأزدهار.

واخيرا هل تيقنتم لماذا معظم المسؤولين يحاربون الصحافة الوطنية الصادقة والجريئة بقوانين مقيدة وعرفيه ظالمة ومتخلفة تقطع الالسن وتكسر الاقلام وتكبل العقل وترعب الضمير وتعدم الحق فقط لانهم يريدون ان يعيشوا في قلاعهم المحصنة وبروجهم المشيدة يمارسون فيها بأسم السلطة والتفوذ والمناصب كل غش وسرقة واستغلال للوطن والمواطنين والصحافة الوطنية الحرة هي من يقف في وجوههم الرقيب والخطر الداهم والمتربص التي لابد من ارهابها وتكميمها وتقييدها والقضاء على رجالاتها ودمتم بخير.

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات