ايجابيات وسلبيات المجتمع وتأثيرها على البيئة المدرسية


ونحن نستقبل عامنا الدراسي الجديد لا بد لنا من وقفات أردت أن نقفها جميعا .. لعل فيها ذكرى للذاكرين . بعد عطلة صيفية مدرسية استمرت قرابة الثلاثة شهور .. تركت فيها الكثير من الضوابط .. وانضوت تحتها سلوكات الأبناء بعيداً عن الرقابه المدرسية والأسرية تحت ذريعة الترفيه تارة والتمادي في اكتساب بعض الممارسات الخاطئة تارة أخرى .. وانفك فيها الطلاب بعيداً عن المستلزمات الواجبات والمذاكرة .. فطال السهر.. وكثر الخروج.. وتعددت الهوايات.. وغابت في كثير من الأحيان الرقابة بحجة رفع القيود .... واندثار قيمة الوقت ..

وجاءت المدرسة .. وعاد الطلبة إلى مقاعد الدراسة بعد غياب طويل .. فأحببت أن اذكر الجميع عبر رسالتي هذه .. بما نرصده دائما وباستمرار لبعض من السلوكيات الإيجابية والسلبية داخل المجتمع الطلابي المدرسي والتي تنعكس حتما على المدرسة ورسالتها التربوية .. والتي هي نتيجة حتمية للتأثيرات المجتمعية المختلفة بل هي انعكاس لسلوك الطالب في مجتمعة الأسري والبيئي..
ولعل الدعوات المتكررة لإيجاد وتوفير بيئة مدرسية آمنة ومحفزة هدفها خلق الجو المدرسي الصحي المناسب لتربية متوازنة في عصر متجدد يدفعنا لإيجاد رؤى تربوية شمولية مدروسة ومتطورة نقف من خلالها عند جميع أركان المجتمع الطلابي المدرسي للعمل على إرساء آليات تجاذب بين البيئتين المدرسية والمجتمعية .. ولن يأتي ذلك إلا بوجود قنوات اتصال وتواصل بين البيئة المدرسية والبيئة المجتمعية .. مدركين تماما أن الدور الفاعل الذي يجب أن تلعبه المدرسة في هذه المنظومة التشاركية يجب أن يكون دورا رياديا محفزا لردء بعض المفاهيم والمعتقدات الخاصة بالعنف وتأكيد الجوانب الإيجابية في مجتمعنا وتعزيزها .. وهذا يتطلب تضافر كل الجهود وتحمل الجميع لمسؤولياتهم من أجل إنجاح العملية التعليمية التعليمة داخل التكوين المدرسي .. وهذا وبالتأكيد يحتاج إلى ثقافة مجتمعية تشارك فيها كل الجهات ذات العلاقة وبدعم تام من أجهزة الدولة وعلى رأسها الجهاز الإعلامي.
بل إن المجتمع الأردني بحاجة إلى ثقافة تضرب بقوة في عمقه الذي تقوم جزء من جوانب ثقافته على كثير من المفاهيم التقليدية.. ولعل توارث القيم والعادات في المجتمع تعمل على تأصيلها والإبقاء عليها وتقويتها للإبقاء على الحياة كما هي أمام الكثير من التغيرات الحضارية والاجتماعية.. فعلاقة المدرسة بالمجتمع يجب أن تطور. بل يجب أن ننظر إلى هذا الموضوع بجديدة ونبتعد عن المفاهيم التي تقودنا إلى اعتبار المدرسة هي الطرف الوحيد المسؤول عن هذا النشء .. التي يتذرع بها ويتمسك بها كثير من أفراد مجتمعنا. بل يجب أن يكون جزء من السياسة التي تقوم عليه سياسة الوطن باعتبارنا مواطنين فيه وننتمي إليه.
وبذلك ينبغي الإلمام بطبيعة المجتمع المحلى ومعرفة خصائصه البنيوية والثقافية.... وتشخيص مراكز التأثير من وجهاء ومؤثرين .. والذين يمكن أن يلعبوا دورا مساندا للمدرسة في مشكلاتها.. فتشخيص المشكلات في محيط المدرسة المحلى والتعامل معها بالتنسيق مع مؤسسات هذا المجتمع.. وتقدير وتعزيز الدور الذي يمكن أن تلعبه تلك المدرسة في المساعدة على حل المشكلات التي تواجه المجتمع وتلافى وقوع مشكلات مستقبليه لهي أدوار تربوية رائدة تعيد للمدرسة مكانتها وهيبتها وتدفع المحيط إلى التعامل المثمر نحو البيئة التي نريد .

من خلال تلك النظرة يجب إدراك الضرورات الحتمية للتشاركية التي تأتي أكلها بعد حين .. خاصة أننا مجتمع متعاضد ومتكافل نشد أزر بعضا البعض .. فما بالك إذا كان الموضوع يتعلق بأبنائنا الطلبة الذين هم أبناء هذا النسيج الاجتماعي وهم أبناء الجميع ..
لذلك يجب أن نحرص على أن لا يبقى المعلم ومن لهم صله بالعملية التعليمية وحدهم في الميدان يصارعون سلبيات المجتمع من خلال ما اكتسبه الطالب منها .. بل إن التشارك مع ولي الأمر ليكون متقبلا للتطورات المستقبلية متواصلا مع التغييرات لهذا العصر المتنامي .. والذي يجب أن يكون له دور مهم و واضح من خلال التواصل مع المدرسة بصفته وأسرته هم المدرسة الأولى للطفل الذي اكتسب بعد مولده الكثير من الثقافة و المهارات و المعارف و الاتجاهات منهم سواء من الوالدين أو الأخوة .. ثم يبدأ الجانب الآخر في المحيط الخارجي مع الأقران ومن ثم تأتي المدرسة.. فلذلك يجب أن نعي تماما أن تربية الطفل في السنوات الأولى من العمر هي المحك الحقيقي و البارز في حياته لذلك يجب مراجعة أنفسنا في طريقة إعداد الطفل وتهيئته للمستقبل.
إن التواصل الإيجابي بين البيت والمدرسة والحاجة الملحة له .. لهو من أهم العوامل التي تساعد على إيجاد مناخ تربوي تشاركي فعال ومناهض لكل السياسات التي من شأنها إحباط أقطاب العملية التعليمية .. وبذلك لا بد من تأمين شراكات حقيقية مع أولياء الأمور في تحمل مسؤولياتهم تجاه أبنائهم للحد من كافة أشكال العنف ذلك يعطي الدافعية لتلك الشراكات والتي نأمل أن تكون مبنية على الفهم الواضح لمنطق الحياة المعاصرة .

إن دور الأسرة الإيجابي المتمثل في بناء مفهوم إيجابي نحو أبناءهم .. ينعكس بصورة كبيرة على البيئة المدرسية لذلك يجب الالتفات إلى مدى تأثير النزاعات الأسرية على الأبناء .. والبعد عن استحسان سلوك العنف أمامهم .. بل ويجب اشتراك الأبوين في ممارسة الأنشطة الإيجابية وتشجيعهم عليها.. ومساعدتهم على تطوير الإحساس بالتعاطف مع الآخرين واحترام حقوقهم .. والتصرف في ممتلكاتهم ..
بل ويجب تعميق الحوار والنقاش فيما بينهم .. وهناك نموذج عن الممارسات التي يمكن أن تقدمها المدرسة متمثلة بأسرتها التربوية بالتشارك مع أولياء الأمور لتخفيف سلوك العنف وتحفيز الطلاب .. وذلك من خلال تعليمهم المهارات الاجتماعية وتعزيزها ومنها مهارات تأكيد الذات وإكسابهم الثقة بالنفس .. والتعامل معهم بالحب .. والابتعاد عن استخدام العقاب البدني..واستخدام أساليب التعزيز والمكافأة.. مع التركيز على جوانب القوه في شخصياتهم .. وعدم مقارنة احدهم مع الآخرين .. فلكل منهم استعداداته وقدراته التي تميزه عن غيره .. وكذلك العمل على تحييد السلوكات العدوانية غير المقبولة .. مع إشباع الحاجات النفسية والمادية لديهم بقدر المستطاع مع المساواة بين الجميع في المعاملة .. والابتعاد عن النقد المباشر الذي يشعرهم بالنقص والإحباط . سواء فيما يتعلق في الجانب التحصيلي أو الجسدي .

إن شعور جميع أعضاء المجتمع المدرسي بكل مكوناته من إداريين ومعلمين وطلاب بحقهم بالأمن والأمان والتساوي بالمسؤوليات والسعي نحو تشجيع ذلك لهو تأكيد على قيمة وكرامة كل فرد منهم .. فعلى الجميع الالتزام بضمان واحترام حقوق الآخرين إذ يحتاج ذلك إلى المزيد من الوعي والإدراك بالحقوق والمسؤوليات والواجبات المناطه بكل منهم وفق قواعد تضمن الأمن والأمان للجميع لتهيئة بيئة آمنه ومحفزة داخل مجتمعاتنا المدرسية.

إن فاعلية توفير الاستقرار والأمان والتصرف بمسؤولية يضمن إيجاد علاقات ايجابية تبادلية يتم صياغتها والمحافظة عليها من جميع أطراف العملية التربوية داخل المدرسة .. مما يشجع الجميع على تطوير ذواتهم كل في مجاله .. وعن طريق قبول الآخر .. والتصرف بمسؤولية .. في سبيل إكساب الطالب ثقته بنفسه ومنحه الهيبة مع ضرورة شعوره بالفخر والانتماء لكيان مدرسة وأسرته ومجتمعه .
إن السعي نحو إيجاد مدارس آمنة وفعالة يبدأ من إداراتها .. ذات النظرة المتطورة والتي تستمد منهجيتها من الرؤية التربوية الجدية الواجب توفيرها للمجتمع الطلابي داخل الكيان المدرسي ويتمثل ذلك بالأمان والرعاية والاحترام والدعم وبذلك يمكن لها أن تؤسس مدونة واضحة للسلوك الأخلاقي مضمونها أن جميع أشكال السلوك العدواني بكل ألوانه هو أمر غير مقبول.
فلذلك يجب على التربويين ومن هم في موقع المسؤولية في قيادة أي صرح تربوي تعليمي أن يدركوا واجباتهم تماماً.. بحيث تكون أولوياتهم وضع استراتيجيات و سياسات تربوية فعالة لتفيدها بكل جرأة وموضوعية وبما يتناسب وطموحات طلابهم وآمالهم لإيجاد سلوك تربوي آمن .. ذلك هو الأساس لضمان العناية والاهتمام بكيان الطالب الذي هو في اشد الحاجة إلى التوجيه والإرشاد .
وأخيرا لا بد من التذكير إن القيم الاجتماعية الإيجابية المتوارثة والتي تعزز دور كل من البيت والمدرسة في التنشئة السليمة تجعنا نشعر جميعا بأن منظومة التعليم مرتبطة ارتباطاً وثيقا بتلك القيم التي تعبر عن حضارتنا وديننا الحنيف وتعزز الوازع الإيجابي لدى الجميع نحو علاقات تكاملية بين جميع أفراد المجتمع المدرسي بما ينسجم وتطلعاتنا نحو إيجاد تلك البيئة التي نريد . والله من وراء القصد

البريد الالكتروني : Fsltyh@yahoo.com

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات