رغم كل الدعم والتعاون إسرائيل مستمرة بالتجسس على امريكا!


كشفت الحكومة الأمريكية في تقرير لها نشر مؤخرا بانه خلال العامين الماضيين من المرجح أن تكون إسرائيل تقف وراء وضع أجهزة مراقبة الهواتف المحمولة التي عثر عليها بالقرب من البيت الأبيض وعدة مواقع حساسة أخرى حول واشنطن بحسب ما توصل اليه مكتب FBIوالوكالات الاستخبارية الأخرى بعد تحليل وتحقيق مفصل وفحص للأجهزة المضبوطة وبيان تاريخها ومصادرها ومعرفة المستهدفين بالعملية من كبار المسؤولين والحصول على المعلومات الثمينة لأجهزة الاستخبارات والتصنت على أجهزة الأشخاص الذين يتصل بهم الرئيس ترامب بانتظام مثل رودي جولياني الحاكم السابق لولاية نيويورك والمرشح السابق لانتخابات الرئاسة عام 2008 وشان هانيتي الإعلامي والمعلق السياسي وستيف وين رجل الأعمال الأمريكي وغيرهم.

وعلى عكس معظم الوقائع الأخرى التي تم فيها اكتشاف حوادث تجسس أجنبية على الأراضي الأمريكية فإن إدارة الرئيس الأمريكي ترامب لم تتخذ أي إجراء عملي لمعاقبة أو حتى على الأقل توجيه توبيخ دبلوماسي رسمي للحكومة الإسرائيلية تدين فيه تصرفاتها وقد انتقد الكثير من المسؤولين الأمريكيين خدم العديد منهم في مناصب عليا في المخابرات والأمن القومي كيفية التعامل مع المسألة بهذه الدرجة من عدم الاهتمام واللا مبالاة واستغربوا من رفض مكتب التحقيقات الفيدرالي وقسم الأمن الداخلي وجهاز الأمن السري والمخابرات التعليق على الأمر.

بعض المختصين والتقنيين أكدوا بان أجهزة المراقبة المصغرة التي زرعتها إسرائيل والمعروفة باسم " Sting Raysوالتي تصنعها شركة هاريس بكلفة أكثر من 150 ألف دولار للجهاز الواحد والتي تستخدمهما في كثير من الأحيان قوات الشرطة المحلية لتتبع المجرمين وهي ذات تقنية عالية ومتطورة تحاكي قدرات الأبراج الخلوية العادية بقصد خداع الهواتف المحمولة والتي تمنحها معلومات تفصيلية عن مواقع ومعلومات الهوية الخاصة للمستخدمين المشتركين المحليين والدوليين في خدمة الجوال ويمكن أيضا معرفة محتويات المكالمات واستخدام البيانات الشخصية للإفراد بسيطرة تامة وسرية كبيرة وقد بين أحد المسؤولين السابقين ان هذه الأجهزة كانت تهدف للتجسس على ترامب ذاته وكبار مساعديه والمقربين منه.

وقد تجاوز التجسس الإسرائيلي في الولايات المتحدة جميع الخطوط الحمراء وأصبح أكبر من تجسس أقرب حلفائها عليها كفرنسا وبريطانيا واليابان وألمانيا مجتمعة حيث تحاول إسرائيل الحصول على أسرار صناعية وتقنية عسكرية تحت غطاء البعثات الدبلوماسية اوالتجارية أوعبر الملحقين العسكريين والدورات الأمنية المشتركة.

ومن الجدير هنا التذكير بحادثة التنصت على مكتب " ديك تشيني" نائب الرئيس جورج بوش وقضية المهندس اليهودي السابق بالجيش الأمريكي بن عامي قاديش المتهم بنقل وثائق عسكرية نووية وصاروخية للحكومة الإسرائيلية والجاسوس المزدوج الجنسية جوناثان بولارد الذي دشن لبنة عمليات التجسس الإسرائيلية على أمريكا وحكم عليه عام 1986 بالسجن مدى الحياة.

يعتبر الإسرائيليون من الشرسين والعدوانيين في مجال عمل الاستخبارات وجمع المعلومات فهم يبحثون بشدة عن كل السبل والوسائل لحماية أمن إسرائيل وبأي ثمن ودون اعتبار لقيم الصداقة أو العداوة والعلاقات الرسمية المتبادلة مع أي دولة وقد تجسسوا على الولايات المتحدة في أماكن ونقاط مختلفة ولازالت جهودهم مستمرة حتى اليوم ورغم أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية تتمتع بسمعة مخيفة في التجسس على أروقة السياسة الخارجية الأمريكية والمداولات الداخلية التي من المفترض أن تبقى سرية الا أنهم يرتكبون أخطاء جسيمة وقاتلة في بعض الأحيان وان الحكومة الإسرائيلية لم تحترم يوما التزاماتها واستمرت في تجنيد الأمريكيين اليهود للعمل كعملاء لجهاز الموساد وازداد حجم عمليات الاختراق والتجسس.

ومن الغريب فى الأمر أن قضايا التجسس الإسرائيلية لا يتعدى تأثيرها إحداث بعض الارتباكات الآنية البسيطة والتى سرعان ما تتلاشى ولا تؤثر على العلاقات الإستراتيجية التى تربط واشنطن وتل أبيب حتى أصبحت مثل هذه القضايا من المحظورات الإعلامية شديدة الحساسية التي يحظر الاقتراب منها وقد شذ عن هذه القاعدة ضابطا سابق في المخابرات المركزية الأمريكية "CIA" هو فيليب جيرالدى الذي تجرأ بالحديث عن المسكوت عنه قي مقالة جريئة له نشرها فى مجلة الأمريكي المحافظ تعرض فيها بالرصد الموضوعي والدقيق للعديد من قضايا التجسس الإسرائيلية على أمريكا.

ويشير تقرير صدرعام 2005 إلى أن إسرائيل تملك برنامجا نشطا لجمع معلومات عن الملاك فى الولايات المتحدة التى يتم توجيهها لمعرفة معلومات عن الأنظمة العسكرية والتطبيقات الاليكترونية المتقدمة التى يمكن تزويد الصناعات العسكرية الإسرائيلية بها وأن إسرائيل تعمل على تجنيد الجواسيس وتستخدم أساليب اليكترونية متطورة وتقوم باختراق جميع أجهزة الكمبيوتر للوصول للمعلومات الأمنية الدقيقة.

كما توصل مكتب تحقيقات البحرية عام 1996 إلى أن إسرائيل قامت بنقل تكنولوجيا عسكرية حساسة إلى الصين، ثم حاولت بعدها إسرائيل عام 2000 بيع أنظمة فالكون Phalcon المتقدمة وهى أنظمة عسكرية تحمل ترخيصا أمريكيا وخلص تقرير المباحث الفيدرالية إلى أن سرقة هذه المعلومات أدت لتراجع الميزات العسكرية الأمريكية بعد أن تمكنت قوى أجنبية من الحصول على تكنولوجيا ثمينة للغاية استغرق تطويرها سنين عدة وأن إسرائيل لديها دائما نوايا وقدرات تجسسية وتحاول جاهدة سرقة أسرار عسكرية ومخابراتية.

وقد أفاد تقرير سابق ايضا لمكتب المحاسبة العامة الأمريكي بعد أن أكمل فحصه لبعض عمليات التجسس حيث كشف عن قيام شركة إسرائيلية بمراقبة أنظمة اتصالات وزارة الدفاع وأن عددا من المواطنين الإسرائيليين المقيمين فى الولايات المتحدة والذين يعملون في مجال الصناعات الدفاعية والأمنية الأمريكية سرقوا تكنولوجيا حساسة لصناعة أنابيب بنادق عسكرية كما حصلوا على خطط موضوعة لأنظمة reconnaissance ونقلوا تصميمات جوية حساسة الى عملاء إسرائيلين.

وفى بداية عام 2001 رصدت الولايات المتحدة محاولات لمجموعات إسرائيلية تبيع رسوما توضح سبل الدخول إلى مكاتب حكومية ومنشآت تابعة لوزارة الدفاع وقواعد عسكرية ومباني فيدرالية من الأبواب الخلفية ومواقع انتظار السيارات فيما عرف بقضية " طلاب الفن " وتبين بعد توقيف العديد منهم أن لديهم خلفيات ومعلومات حول المخابرات العسكرية والمراقبة الاليكترونية فضلا عن أن أسمائهم لم تكن مقيدة بالجامعتين الإسرائيليتين اللتان قالوا أنهم مقيدون فيها وقد تم ترحيلهم لأسباب تتعلق بانتهاك قوانين الهجرة وليس التجسس.

و عام منتصف 2001 شك الأمن الدبلوماسي الأمريكي ببعض الأحداث والسلوكيات التى وصفها بالغريبة فى مقار البعثات الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية فى الخارج وكلها ثبت فيها تورط إسرائيليين من هذه الأحداث الغريبة كان قيام الشرطة الفرنسية باعتقال سبعة إسرائيليين لتصويرهم السفارة الأمريكية فى باريس فى الثانية صباحا. وكشفت التحقيقات أن الإسرائيليين كانوا يستخدمون فيلم تصوير يحتوى على أشعة تحت الحمراء لتصوير أجهزة الاتصالات بالسفارة.

وفى واقعتين منفصلتين كشف أسرار نووية وعسكرية فى ولايتي تينيسى Tennessee وجورجيا Georgia وفى كلتا الحالتين تبين أن الإسرائيليين الذين حاولوا الاقتراب من المنشأة النووية فى تينيسى وقاعدة "كينجز باى" Kings Bay البحرية فى جورجيا يحملون بطاقات هوية عسكرية وأوراق أمريكية مزيفة.

وفى آب من عام 2004 نشر الإعلام الأمريكي أخبار تحقيقات المباحث الفيدرالية التى بدأت عام 1999 مع محلل المعلومات والمخابرات بالبنتاجون لارى فرانكلين والذي اعترف بانه كشف معلومات سرية عن إيران لاثنين من مسئولي لجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية "ايباك" اللذان قاما بدوريهما بنقل المعلومات للسفارة الإسرائيلية.

ومع الوقت أصبحت اجهزة المخابرات الإسرائيلية اكثر وقاحة في عملياتها داخل الولايات المتحدة التي شارك فيها مئات الإسرائيليين والأميركيين مزدوجي الجنسية الموالين لإسرائيل وعملائهم المحليين من اليهود.

وبإنكار مبدئي سخر منه الجميع من أصحاب الخبرة العميقة حين سارع كالعادة المتحدث باسم السفارة الإسرائيلية لدى واشنطن بنفى أن تكون إسرائيل وضعت الأجهزة وقال بأن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة وأن تل أبيب لا تجري عمليات تجسس داخل أمريكا كما نفى أيضا مكتب نتن ياهو رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الأمر موضحا ان التقرير المشار اليه يعتبر كذبة واضحة ويعبر عن نكهة لا سامية تقدم إسرائيل كدولة عدوة خاصة وان هناك التزام طويل الأمد وتوجيه من الحكومة الإسرائيلية بعدم الانخراط في أي عمليات استخباراتي وانه يتم تنفيذ هذا التوجيه بصرامة دون استثناء فهل تصدق شئ من ذلك.

يشار الى الصهاينة كانوا يرسلون الجواسيس الى امريكا قبل ولادة إسرائيل لجمع المال والمواد اللازمة لبناء الدولة وقد تم جمع جزء كبير من المشروع النووي الإسرائيلي بطريقة سرية في الولايات المتحدة في بدايات مبكرة وان بداية التجسس الإسرائيلي الفعلي على أميركا تعود الى الأربعينات من القرن الماضي عندما عين اول ملحق عسكري اسرائيلي في واشنطن في حزيران عام 1948 ويدعى " افريم بن ارتزي " وقام بتشكيل مجلس يضم أربعة أشخاص للتجسس على الولايات المتحدة ومن بين المشاريع الاولى التي قام بها المجلس انشاء مركز في نيويورك لتدريب العملاء المجندين على أساليب التجسس كالمراقبة الالكترونية في الشوارع واستخدام الحبر السري والشفرة في المراسلات ووضع آلات التنصت في الفنادق للتجسس على كبار النزلاء وغير ذلك الكثير ورغم كل التعاون والدعم الأمني والاستخباري الأمريكي المفتوح في كافة المجالات مازال التجسس الإسرائيلي مستمراً.

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات