لماذا يتهم ترامب يهود امريكا بعدم الولاء والجهل؟


الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يثير الجدل أينما حل ليس فقط بسبب تصريحاته ومواقفه وتغريداته الحمقاء ولكن بسبب شعره الذهبي المنكوش والعجيب أيضا ورغم انحيازه الكامل لإسرائيل هاهو يفتح ( جبهة صراع ) مع يهود أمريكا بكلماته الاتهامية المروعة والتي لم تكن مفاجئة بالنظر إلى سجله الطويل والمنهمر من التصريحات الجنونية غير اللائقة وأحيانا البذيئة.

وفي إطار توجيهه وتوزيعه اتهاماته في جميع الاتجاهات نحو العرب والمسلمين والمكسيكيين والفنزويليين والإيرانيين والمقيمين والمهاجرين والوزراء والنواب والقضاة وقادة الجيش والرجال والنساء وموظفي البيت الأبيض جاء الان دور اليهود الأمريكيين الذين سيصوتون في الانتخابات القادمة عام 2020 للديمقراطيين حيث اتهمهم خلال لقاء سابق جمعه بالرئيس الروماني كلاوس يوهانيس في المكتب البيضاوي ( بالافتقار التام للمعرفة أو عدم الولاء الشديد ) وأضاف قائلا ( إنني أعتقد أن أي شخص يهودي يصوت لديمقراطي يظهر إما جهله التام أو خيانة كبرى ) وقد جاءت تصريحات ترامب هذه بعد أن أعربت معظم الجالية اليهودية الأمريكية وجميع أعضاء الحزب الديمقراطي تقريبا عن غضبهم من قرار إسرائيل حظر دخول النائبتين الديمقراطيتين عضوتي الكونغرس رشيدة طليب والهان عمر الى البلاد بسبب دعمهما لمقاطعة إسرائيل.

وقد دان زعماء يهود أمريكيون هذه التصريحات العنصرية واتهموا ترامب باستخدام توصيفات وكليشيهات خطيرة معادية للسامية حيث قال جوناثان غرينبلات رئيس رابطة مكافحة التشهير وهي ( منظمة يهودية أمريكية ) في تغريدة له على تويتر ان امريكا بلد حر واليهود فيها ليسوا كتلة متجانسة ولا ناخبين أحاديي القضية البعض منهم يصوت للديمقراطيين وآخرون يصوتون للجمهوريين وهذا حقهم الدستوري كأمريكيين وطالب الرئيس بالتوقف عن مهاجمة اليهود بحجة عدم الولاء واستخدامهم " ككرة قدم سياسية " ودعاه الى ( أبقاء موضوع الولاء خارج النقاش ) وقالت هالي سوفر المديرة التنفيذية للمجلس الديمقراطي اليهودي الأمريكي ما قاله الرئيس يشكل مثال آخر على استمراره في تسييس معاداة السامية واستخدامها كسلاح وأضافت في الوقت الذي تشهد فيه الحوادث المعادية للسامية ازديادا مضطرد بسبب تشجيع ترامب لعنصرية القومية البيضاء ها هو يكرر تصريحاته المعادية للسامية وقد وصف ديفيد هاريس الرئيس التنفيذي للجنة اليهودية الأمريكية التصريحات بالمخزية والشائنة وداعا لوقف مثل هذا الخطاب المثير للانقسام وطالب الرئيس بالتراجع عن تصريحاته الساخطة.

وقد علق بعض النواب الديمقراطيون اليهود على كلمات ترامب واعتبروها بمثابة إدامة لفكرة معادية للسامية تتهم اليهود بولاء مزدوج لأمريكا وإسرائيل وقال ناشطون يهود ديمقراطيون آخرون إن تعليقات ترامب الأخيرة هي جزء من نمط طويل وخبيث لزعماء سياسيين معادين للسامية يتهمون اليهود بالافتقار إلى الولاء والمعرفة وأضافوا إنه لأمر خطير ومخزي أن يقوم الرئيس ترامب بمهاجمة الغالبية العظمى من الجالية اليهودية الأمريكية بوصفها غير ذكية وغير موالية لكنه ليس من المستغرب أن تتحول هجماته العنصرية والماكرة على نساء تقدميات من ذوات البشرة الملونة في الكونغرس إلى هجمات ضد اليهود بعد العديد من الهجمات المتعصبة على أقليات أثنية وعرقية أخرى.

واعتبر الكثير من المحللين السياسيين والإعلاميين والمراقبين ان هذا النوع من الهجمات خطير ومتهور وخاطئ يستحضر معه قوى التعصب ومعاداة السامية بكل تاريخها وان كون الرئيس ترامب لا يحظى بشعبية كبيرة عند بعض اليهود لا يعتبر سببا موضوعيا مبررا لمهاجمته لهم بهذا القدر من السوقية والخبث والاستهداف بواحدة من أخطر الاتهامات القاتلة التي واجهها اليهود على مر السنين خاصة وان مثل هذه الاتهامات بعدم الولاء أدت على مدى القرون السالفة إلى قتل اليهود وسجنهم وتعذيبهم في العديد من الدول ( حسب ادعاءاتهم طبعا والذي نشك فيه ) وفي حين أن الانتقادات لترامب بسبب تصريحاته انتشرت على نطاق واسع في صفوف الجالية اليهودية الأمريكية إلا أن منظمة يهودية واحدة على الأقل هبت للدفاع عنه حيث كتبت مجموعة الضغط ( الائتلاف اليهودي الجمهوري ) في تغريدة نشرتها على تويتر ان الرئيس ترامب محق فيما قاله لان قيام المرء بالدفاع عن حزب يحمي ويشجع أشخاصا يكرهونك بسبب دينك فانه يظهر قدرا كبيرا من عدم الولاء.

الرئيس دونالد ترامب ومنذ توليه مقاليد الحكم عبر مرارا وتكرارا عن إحباطه من عدم شعبيته في صفوف اليهود الأمريكيين على الرغم من دعمه الكبير لإسرائيل والخطوات التي اتخذها للاعتراف بالقدس عاصمة لها ونقل السفارة الأمريكية إلى المدينة وتفصيل جميع محاور صفقة القرن على مقاسات ورغبات تل أبيب واليمين المتطرف الصهيوني.

ووفقا لاستطلاعات الرأي الامريكي صوت أكثر من 75% من اليهود الأميركيين لصالح الديمقراطيين في الانتخابات النصفية في عام 2018 وقد شكل ذلك زيادة بنسبة أربع نقاط مئوية عن نسبة الناخبين اليهود (71%) الذين فضلوا هيلاري كلينتون على ترامب في عام 2016 وقد انخفض دعم اليهود للحزب الجمهوري إلى النصف في السنوات الأربع الماضية وهنالك أكثر من 30 عضو كونغرس يهودي في الحزب الديمقراطي واثنين فقط في الحزب الجمهوري ويشير العديد من الخبراء في الشأن السياسي الأميركي إلى أن اليهود تغلغلوا في الحزب الديمقراطي باعتباره حزب المهاجرين علاوة على انسجامهم مع جزء كبير من رؤيته الديمقراطية وتعامله مع الحقوق والأقليات بخلاف الحزب الجمهوري الذي لم يرحب بهم عندما وفدوا إلى أميركا.

وقد سعى الرئيس الأمريكي ترامب لإرضاء اليهود منذ وصوله إلى البيت الأبيض حيث اعترف في نهاية العام 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل وفي منتصف العام 2018 نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وفي مطلع العام الجاري اعترف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان السورية المحتلة كما امتنع عن دعم خيار حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ورفض انتقاد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة وأوقف دعم الفلسطينيين ماليا بما في ذلك دعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا ويحظى ترامب بدعم الأحزاب اليمينية الأكثر تطرفا في إسرائيل وقد امتنع المسؤولون في الحكومة الإسرائيلية التي تربطها علاقات وثيقة به عن التعليق على تصريحاته ولا زال الكثير من اليهود في إسرائيل يحبون ترامب بشدة وكأنه ( ملك إسرائيل أو المسيح في مجيئه الثاني ) وقد كثف جهوده الرئاسية مؤخرا للاستفادة من إسرائيل باعتبارها قضية دسمة في السياسة الأمريكية.

إضاءة :

يدعي يهود العالم وفي أكثر من مناسبة أنهم عملوا ضد نظام التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا وأن كثيرين منهم ناضلوا لصالح حقوق السود في أمريكا لكن هؤلاء يصابون بالعمى الكلي عندما يصل الأمر إلى حقوق الفلسطينيين فلا يرون الاحتلال و بطشه وجرائمه ولا يتماهون مع النضال السلمي والعادل للفلسطينيين على مدار العقود الماضية وبهذا العمى والتجاهل يساهم اليهود الأمريكيون في استمرار الدائرة( الخبيثة التي تنتج التطرف العنصري الإسرائيلي ) وتنتج بالتالي العناصر الضرورية لاستمرار اللاسامية وكره اليهود في العالم أجمع وليس في فلسطين والعالم العربي فحسب.

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات