ما بين وعود المسؤولين و ضياع أماني المواطنين


لا يختلف مسؤول في بلدنا عن آخر في القدرة الهائلة على إطلاق الوعود والتصريحات الإعلامية التي تداعب أحلامنا وتلامس أوجاعنا بانجاز الأعمال وتنفيذ القرارات وتوفير أفضل الخدمات ولكن هنالك تشابه كبير بين كثير من مسؤولينا من حيث عدم الوفاء بوعودهم وبما يقطعونه على أنفسهم مراهنين على ضعف الذاكرة لدى المواطنيين وقلة الاهتمام واليأس من المراجعة وعدم وجود مراكز متخصصة لرصد الوعود الإعلامية المتكررة ومقارنتها بالانجاز الميداني لكل وزارة أو مؤسسة عامة بعد مغادرة المسؤول لها.

مع العلم أن استمرار المسؤولين في مناصبهم ليس له علاقة بانجازاتهم قبل سنوات وفي زيارة له لمحافظة الزرقاء وأمام حشد من أبنائها صرح أحد روساء الحكومات بأن خط سكة الحديد سوف يكون جاهز لنقل الركاب خلال 6 شهور بسرعة وتقنية عالية ثم تفاجى الناس بإلغاء المشروع بعد هدم العديد من المنازل المحاذية لخط سكة الحديد وحتى الساعة لازلت أزمة المواصلات تتفاقم والقطار الذي ورثناه من العثمانيين أصبح تراث يستقله القلي من السياح في المناطق النائية أما مسئولو الاستثمار فقد وعدونا بجلب رؤوس الأموال الضخمة لإقامة المشاريع وتوفير فرص العمل والواقع يؤكد إن هذه الاستثمارات الكثير منها لم ينفع المواطن حيث ارتفعت كلف واسعار المساكن والعقارات والسيارات وأسعار كل الضروريات والأساسيات وأصبح المواطن في ضياع بين جشع التجار والمرابين وغياب رقابة الحكومة ولا زال قانون الاستثمار معطل للعمل وطارد للمستثمرين الذين يخضع كثير منهم لسطوة الخاوات والابتزاز والتشليح.

أما مسؤولو الصناعة فقد وعدونا بإنشاء مصانع عالمية تغزو منتجاتها أسواق الشرق والغرب وتستوعب جميع القادرين على العمل وتكون رافدا قويا للاقتصاد الوطني ومرت سنين لم نشاهد فيها حتى اليوم سوى مصانع بدائية ومراكز تجميع بمسميات صناعية تتمتع بالامتيازات والأعفاءات الحكومية والعديد منها اغلق ورحل اصحابه عن البلد وأما مسؤولو المرور فقد وعدونا بتحقيق الانضباط المروري التام والنتهاء من الازمات الخانقة ووأد التجاوزات على القانون ومرت سنوات سادت فيها الفوضى المرورية وفقدت بلادنا مئات الآلاف من القتلى والمصابين والمعاقين واكتفى مسؤولي المرور بأعداد الإحصائيات ووضع الحواجز والمطبات والكاميرات ذات الفاعلية العالية في الجباية والتحصيل المالي والمؤقتة في الرقابة والمعالجة وفي مجال التجارة وعدونا بحمايتنا من جشع وتلاعب وغش التجار وبعد ترقب وطول انتظار زادت وتفشت عمليات الغش في جميع المجالات وفتكت بصحة وأموال المواطنين الأبرياء البضائع المستوردة الفاسدة والمسرطنة وحافظت الوزارة على نظام حماية الغشاشين المسمى نظام مكافحة الغش التجاري والذي يحمي المجرمين ولا ينصف المتضررين.

أما مسئولو المياه والصرف الصحي فحدث ولا حرج لازلنا وكاننا في مراحلنا الأولية لهذه الخدمة والمياه العادمة تملئ شوارعنا وطرقاتنا والفاقد من المياه المكسورة يكفي لملئ بحيرة بحجم طبريا والمدن في كل عام تغرق بمياه الأمطار ومجاري التصريف مغلقة منذ أعوام حتى في العاصمة عمان التي غرقت اكثر من مرة وتسببت في خسائر فادحة للمنازل والتجار وفي مجال التربية والتعليم لازالت الحرب مستعرة بين المعلم والخكومة والاضراب يشكل حركة التعليم ومسار الاسرة ولازالت ايضا مناهجنا تكسوها الأغلاط والأخطاء والتضليل وتسويق التطبيع وبغض الطلبة في اطراف المدن والارياف والقرى يتجمعون في بيوت مستأجرة متهالكة لا تصلح لتربية الدواجن ولا زالت العملية التربوية تسير على خطى جدتي وبقي امتحان الثانوية العامة يشكل حالة طوارئ أسرية مرعبة تتحدى فيها الوزارة الطلبة بأسئلة تعجيزية.

وفي مجال البلديات وعدونا باستقرار تنظمي متطور وخلق أحياء نموذجية مكتملة الخدمات ومرت سنين اختفت فيها الكثير من المرافق العامة والحدائق والساحات والمواقف والملاعب والأرصفة وفقدت الأحياء السكنية خصوصيتها واختلطت الأحياء السكنية بالتجارية وتحولت الطرقات إلى أسواق عشوائية يمارس فيها المحاباة والمحسوبية والتستر العلني وفي الصحة لا زالت بعض المستشفيات تعجز عن توفير الدواء والسرير والرعاية المطلوبة للمرضى وتفتقر إلى كوادر طبية مؤهلة ومدربة تغطي معظم المراكز والمستشفيات ولا زال بعض الأطباء والممرضات والعاملين في الحقل الطبي يسيئون معاملة المراجعين ولا يهتمون بالموت والحياة للمرضى على أسرة أقسام الطوارئ مما تسبب في المشاكل والاعتداءات المتكررة على كوادر العمل و الاطباء ولازال بعض المؤمن عليهم صحيا يشترون أدويتهم من القطاع الخاص ولا زال الكثير من الموظفين يطالبون أن يكون التأمين الصحي عليهم اختياري وليس إلزامي لعدم جدوى المعالجة والخدمة في كثير من المستشفيات الحكومية وفي اطار العمل وعدونا بالقضاء على البطالة وتوفير فرص العمل ورفع مستوى الأجور وتنظيم سوق وساعات العمل ولحد من العمالة الوافدة والالتزام بالقوانين فكان كل ذلك مجرد تعاميم وتعليمات ولا أريد الحديث عن البيئة التي أصبحت خطرا يوميا يهدد الحياة وينذر ببروز أمراض مستعصية على الطب والدواء والاشغال التي لازالت تعمل بادوات واليات وعقلية سنوات ما قبل الاستقلال ولا زالت طرقنا مصائد مبيتة للموت وجسورنا تنهار ولكم في الطريق الصحراوي خير شاهد عيان.

ومن المعلوم أن تأخر أو تعثر أو عدم تنفيذ المشاريع والبرامج أو تنفيذها بجودة أقل بكثير من المفترض قياسا لما خصص لها من مبالغ أصبحت في معظم الأحيان بالملايين يمثل قضية وطنية في غاية الأهمية والحساسية حيث إنه بسببها ولأسباب أخرى لا يتم الاستثمار الأمثل للعوائد المرتفعة للدولة في هذه المرحلة في إحداث نقلة تنموية كبرى في كافة المسارات وفي كافة المناطق.

مما يوجب أن تتضافر جهود الجميع لمعالجة ظاهرة تأخر وتعثر المشاريع والبرامج التنموية والإصلاحية ولعل أحد الحلول في هذا المسار هو وجود " عداد " دقيق وموضوعي ولا يجامل أحدا لدى هيئة مكافحة الفساد وكافة الجهات الرقابية يحسب التأخير والتعثر في تنفيذ المشاريع والبرامج الإصلاحية ويتحقق من الأسباب لمعالجتها ولمحاسبة المقصر.

وأخيرا

لقد صدق القول في الكثير من مسؤولينا ( إني أسمع جعجعة ولا أرى طحنا ) ( وكل وعد مسؤول وأنتم بخير ).

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات