التقبيل سنة أم عادة ؟


أغبط اليابانيين والصينيين والهنود وكل أمم الخلق الذين لا يعرفون التبويس ، على الطريقة الأردنية و العربية على وجه الخصوص ، فنحن بمناسبة وغير مناسبة نمارس هذه العادة الرذيلة التي لا تعبر عن حب حقيقي ولا عن أواصر متينة ، وإنك لتجد في المناسبات الكبيرة والصغيرة على السواء انتشار هذه العادة فتجدها في الأعياد ومناسبات الأعراس والعزاء وحتى مهرجانات الانتخابات والنجاح والرسوب والطهور والمرض والولادة والتعارف وبين الموظفين كل يوم دوام ، وفي السوبر ماركت والفرن ودكان الدجاج وعند شرائك علبة سجائر ، وهي العادة الوحيدة التي لا تخضع لمكان أو وقت فهي حاضرة جاهزة في أي مكان وفي أي زمان ، فقد يقرع باب بيتك صباحا لتفاجأ بقارئ ساعة الكهرباء أو المياه يبادرك بالتبويس لأنه يدرك أن بينك وبين أبيه (صحبة قديمة ) أو قد يكون أحدهم في أشد حالات الزكام لكنه لا يستحي ولا يخجل من أن يعطيك ( صدغه) لتبدأ بعدها عملية التبويس والعطاس، وقد تزور مريضا به ما به من علل فيتوافد عليه المهنئون بالسلامة تبويسا فيسحبون مع تقبيله كل ما التصق به من ( برابيش) و(أبر تغذية ) وقد تجد شخصا في الشارع يتصبب عرقا وينز إبطاه رائحة تزكم الأنوف أو قد أعفى شعر ذقنه لعدة أيام لتصير كل شعرة كالإبرة أو كظهر القنفذ ، فيهجم عليك تبويسا إلى أن تحمر وجنتاك والويل لك لو كان حظك عاثرا ولم تره منذ أشهر ،حينها تزداد جرعات التبويس وعدد المرات ، فيملأ جانبيّ وجهك عرقا مالحا وبرودة غير مشتهاة .ثم قد تكون سيء الحظ لتصبح عقوبتك مضاعفة حين تعثر على صديق حميم يختار أسوأ اللحظات لتبويسك وأنت تحمل مجموعة من الأكياس من بينها كيس دجاج مذبوح .
ومن بين الناس من هو حاذق ماهر في طريقة التبويس فهو يخطف يدك ثم يلقي بوجهه على كتفك بمهارة فائقة فهو يبوسك وكأنه لا يبوس لشدة إتقانه لهذه المهارة فهو كما وصفه ابن الرومي في وصف المغنية وحيد :
تتغنى، كأنها لا تغني من سكون الأوصال، وهي تجيد
وكم أتمنى أن تستفيد من خبراته مؤسسات المجتمع المدني التي تعزز وتحرص على مثل هذه القيم النبيلة في المجتمع الأردني ، ومنهم الثقيل الدم الذي لا يعرف من أين ينقضّ عليك ، فتراه يهجم عليك ولا يدري من أين يبوسك فتعطيه جانب خدك الأيمن فيتركه إلى الأيسر وعندها يتصادم الأنفان ، فقد تطير نظارتك أو قد يقع عقالك أو قد يضرب بوجنته المدببة عينك فيدميها ، وما عليك إلا ترديد يا ساتر يا ساتر على هذا الحادث الأليم الذي لا تنفع معه (كروكا ) ولا شرطي السير القريب . علاوة على ما يسببه هذا الحادث من أضرار نفسية وإرباك مؤلم .
كيف لنا أيها العقلاء ،أن نتصور آلاف الأشخاص يمارسون هذه العادة المقيتة في المقابر والأعراس والجاهات والعطوات والصلحات والمهرجانات والأعياد وعند طلب عروس ،ويبدءون بالتبويس المتتابع ساعات طويلة في أيام شديدة الحر كالأيام التي مرت أوفي أيام الصيام التي يكون فيها خلوف فم الصائم كالمسك ( وهذه حقيقة لكنها في الدار الآخرة لما يحصل عليه الصائم من أجر ) أو في الشتاء القارص !!
وهنا نسأل: هل هذه العادة من سنن الدين حتى نستسلم وننصاع لها ؟والإسلام لا يلزمنا إلا بما هو جميل وعملي ؟ أو أنها عادة يمكن لنا أن نبطلها لأنها لا تناسبنا في الوقت الحاضر، إذ ليس من المنطقي أن نبقى أسيري العادات السيئة التي من الممكن أنها قد انتشرت في بعض المجتمعات البدوية أو في الأرياف وفي القرى الصغيرة التي هي أشبه بالأسر الممتدة ، ذات المناسبات المحدودة لا كمجتمعات واسعة الحركة والنشاط وازدياد مطرد للسكان علاوة على انتشار كثير من الأمراض والأوبئة السارية والمعدية في هذه التجمعات المكتظة .لذلك أدعو إلى ردّ التحية بأحسن منها والاكتفاء بالمصافحة فقط مهما كانت حرارة اللقاء . لأنه لا يوجد في الشريعة نص واحد يعزز التمسك بهذه العادة المتوارثة .
نحن بغنى عن التبويس لضرورات صحية واجتماعية ودينية وثقافية واقتصادية ولعدم جدواها كما أنها لا تعبر عن مقدار المحبة بين الناس بدليل ما نشاهده من مشاجرات ونعرات ومعاكسات وعصبية زائدة وحالات قتل ،وأطالب مراكز التثقيف الصحي والاجتماعي يشدة أن تولي هذا الموضوع جانبا من عنايتها كما تولي اهتماما بتحذير المواطنين من خطر التدخين أو الإسراف في الماء أو نظافة أماكن السياحة والتقيد بتحذيرات الدفاع المدني صيفا وشتاء وأن تركز على خطورة هذه العادة المؤذية على صعيد الفرد أوالمجتمع وأن ترفع عقيرتها في المساجد والمنابر والجامعات وعند الجنائز وفي الأفراح والأعياد وجميع المناسبات، بأن التقبيل مكروه وعادة سيئة ومؤذية يجب الإقلاع عنها ومحاربتها والتخلص منها نهائيا فهل نحن قادرون ؟؟؟



تعليقات القراء

متابع/المغرق
مقال رائع لكاتب جميل
14-09-2010 07:48 PM
سامية نصر
بما ان الحياة قصيرة نسبيا ومليئة بالمشاكل الحياتية ، يحاول الناس الترفيه عن انفسهم بشتى الوسائل التي تجلب لهم السعادة وتنسيهم همومهم .والضحك هو وسيلة تعبير عن هذه السعادة .

الحب من جانبه يجلب السعادة لكثير من الناس ، ويعبر الأنسان عن حبه للآخرين بالأحتضان والقبلات ، لأطفاله ، لزوجه ، لمحبوبته أو محبوبها ، وتوكيدا لهذه السعادة ، نقدم الهدايا في المناسبات العديدة التي نحتفل بها ، والموسيقى تلعب دورا مهما في التعبير عن الحب والأستمتاع به ، حتى بعض الحيوانات ، كالقرود مثلا ، تتبادل القبلات والأحتضان ، وتصدر اصواتا تعبر عن سعادتها ، والكلاب والقطط تبدي حبها لأصحابها بالمواء ولعق الوجه .

تهتم البشرية جمعاء ومنذ نشأتها بالأحتفال بمظاهر الحب باقامة المهرجانات والكرنفالات مثل كرنفال البرازيل الشهير .

ما بالنا نحن في هذه الأمة نظهر البغض أكثر من الحب ؟
14-09-2010 11:29 PM
وليد الحروب - بيت لحم - فلسطين
حقيقة موضوع المقال مهم جدا ويتطلب علاجها حملة منظمة في المدارس والجامعات والمساجد وكل التجمعات لضروة وقف هذه العادة السيئة والضارة
16-09-2010 01:08 AM
خالد ابو شفة
عندما كنت اتقبل العزاء بوالدي رحمة الله عليه اتاني شخص ليبوس على الخد اليسار وانا اعطيته اليمين وحصل التصادم وباسني من الشفايف :-[] فعلا انها عادة سيئة
16-09-2010 11:54 AM
غالب
عن جد هي عاده مش منيحه كل واحد بتشوفه بيبوسك ان كان مناسبة او ما في مناسبه لاء واذا ما تباوست انت واياه اخونا بزعل وبوخد على خاطره كمان واذا تحججت اني مرشح او مريض بحكيلك تعال جاي يا زلمه انا اصلا من زمان ما شوفتك كانه البوس برجع الايام اللي راحت وبده يعوض اللي راح لازم نعمل نقابه ضد البوس
ولا شو رايكم
16-09-2010 06:15 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات