رغم حالة الاستنفار القصوى .. ضربت المقاومة اللبنانية العمق الإسرائيلي!


بعد أسبوع من اتهام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إسرائيل بشن هجوم بطائرتين مسيرتين على معقله في الضاحية الجنوبية قرب بيروت كانتا محملتين بمواد متفجرة إحداهما سقطت بسبب عطل فني والثانية انفجرت بنفسها إضافة إلى قتل اثنين من عناصره في غارة في سوريا ناهيك عن العدوان على بلدة قوسايا البقاعية واستهداف موقع للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة ضمن هتك متجدد للسيادة اللبنانية وللقرار رقم 1701 وقد اعتبر ذلك أول خرق كبير وواضح لقواعد الاشتباك التي تأسست بعد حرب تموز 2006 التي اندلعت إثر إقدام حزب الله على أسر جنديين إسرائيليين .

ومنذ وقوع الاعتداءات الإسرائيلية المتتالية سادت حالة استثنائية من التوتر المتصاعد والترقب بانتظار الرد الذي وعد به نصر الله في خطابه الأخير يوم الأحد الماضي والذي قال فيه بشكل واضح وحاسم "أن الرد واقع ولا تردد فيه لان السكوت عنه سيعني تغيير المعادلات وكسر الواقع القائم لصالح ما يريده العدو وأكد بأن الموضوع لن يكون مجرد رد اعتبار إنما لتثبيت المعادلات التي انتهكت و قواعد الاشتباك التي خرقت ولفرض منطق حماية البلد ومنع إسرائيل من القيام بأي مغامرة في المستقبل وقد دعا نصر الله الإسرائيليين بان يقفوا على الحيط وعلى رجل ونص بانتظار القادم يوم أو اثنين او ثلاثة أو أربعة على الأكثر وقال يجب أن يدفع الإسرائيلي ثمن اعتدائه " ووفق هذا الخطاب النفسي فرض على الجيش وسكان الشريط الحدودي والمستوطنات والداخل الإسرائيلي حالة مرعبة من الإرباك والغموض بالتفكير المستمر والمنهك حول كيفية ونوعية وأسلوب ووقت الرد المتوقع .

ورغم حالة الاستنفار القصوى على الحدود والاستعدادات العسكرية الشاملة وعمليات الرصد والاستطلاع المتواصلة ورفع مستوى التحذيرات والإجراءات الأمنية المشددة والانكفاء داخليا والإبقاء على 10% فقط من القوة العسكرية على بعد 5 كلم من الحدود وبناء جدار على عازل خشية عمليات تقوم بها المقاومة وتفقد قائد المنطقة الشمالية وضباط الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي قبل يوم واحد من العملية المواقع العسكرية على طول الجبهة التي تمتد أكثر 100 كيلو متر والتأكد من سلامتها وعدم وجود أي ثغرات أمنية فيها .

لكن كل ذلك لم يمنع قدرة المقاومة من الوفاء بوعدها وانتقاء هدفها حيث جاء ردها على عكس كل التوقعات الإسرائيلية باحتمال القيام بهجوم عسكري ضد أهداف بنى تحتية إستراتيجية في عمق إسرائيل مثل قواعد سلاح الجو ومقرات الجيش القيادية ومحطات الطاقة والمطارات وكذلك التجمعات السكانية او استخدام قوات كوماندوز بأحجامٍ بنيوية مخصصة لتنفيذ ضربات بريةٍ في الأراضي الإسرائيلية ومحاولة السيطرة على مستوطنات خط المواجهة على الحدود اللبنانيّة وغيرها من السيناريوهات المحتملة .

لكن عناصر المقاومة من " مجموعة الشهيدين حسن زبيب وياسر ضاهر " تمكنت وبشكل مفاجئ من تنفيذ عملية بطولية مغايرة لكل التنبؤات في العمق الإسرائيلي عندما استهدفت آلية عسكرية مصفحة بواسطة صاروخ من نوع كورنيت ودمرتها بالكامل وقتلت وجرحت من فيها في وضح النهار وأمام عدسات الكاميرات وبشجاعة وحكمة ودقة وجراءة وإقدام في منطقة قواعد عسكرية محصنة عند الشريط الحدودي مع فلسطين في طريق ثكنة افيفيم مقابل بلدة مارون الراس وليس في مزارع شبعا المحتلة كالسابق يذكر ان (حزب الله استهدف في العامين 2015 و2016 آليات عسكرية إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة رداً على غارات إسرائيلية استهدفت مقاتليه في محافظة القنيطرة السورية) .

وقد طالب الجيش الإسرائيلي بعد العملية مباشرة سكان المنطقة المحيطة بالابتعاد مسافة 4 كلم من الحدود اللبنانية والبقاء في المنازل وفتح الملاجئ وأصدر تعليماته بإلغاء جميع الأعمال والنشاطات في منطقة السياج الحدودي مع لبنان بما فيها الأعمال الزراعية ومنع تحرك الجنود والآليات بأي شكل وتغيير مسار الطائرات المدنية في مطار بن غوريون الدولي وإلغاء مناورةً عسكريةً في الشمال كانت مقررةً من قبل بسبب الخشية من تعرض الجنود لضربة مباغتة من عناصر حزب الله .

وبفعل هذه العملية النوعية وقوة النار والانتقام وتوحد الشعب والجيش والمقاومة تحقق الشعار الذي رفعه الرئيس اللبناني ميشيل عون بأن ( لبنان ليس أرضا مستباحة ولا مكان نزهة للإسرائيليين ) فالمعادلات اليوم انقلبت أصبحت المقاومة تصنعها باهانة وكسر هيبة وعنجهية وعربدة العدو وقد عززت العملية بكل تفاصيلها من مصداقية المقاومة التي راكمتها على مدى تأريخها المشرف كدرع قوي يحمي لبنان وأكدت أيضا بان خيار المقاومة هو الخيار الأقوى القادر على لجم العدو الصهيوني وتلقينه دروساً قاسية تسحق غطرسته وكبريائه واثبت ان التوازن في الردع لا يكون الا بالقوة كما شكلت العملية بجراءتها صفعةً مؤلمة لنتن ياهو الذي عاجل الى طلب تدخل القادة الأمريكيين والفرنسيين لوقف التصعيد ومنع خروجه عن السيطرة وكذلك كانت خذلان وخسران لبعض لأنظمة التي خانت الأمة وتصهينت أكثر من زعماء الصهاينة أنفسهم .

لقد حاولت إسرائيل في الآونة الأخيرة وتحديدا قبل الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 17 أيلول الجاري بشهور تأجيج الصراع والنار على امتداد المنطقة بهدف عرقلة وإضعاف قدرة محور المقاومة من تطوير إمكاناته ورفع مستوى جهوزيته بامتلاك القدرات البشرية والتسليحية النوعية حيث وسعت دائرة عدوانها من غزة وسوريا الى العراق ولبنان وما تبع ذلك من مخاطر وتهديدات جسيمة .

ومن المهم هنا أن نبين بان عدد القتلى الجنود الإسرائيليين وحجم الخسائر المادية ليس مهما في هذه العملية لأن الهدف الأساس هو تنفيذ التهديد بالرد على ألاعتداءات الإسرائيلية وإعادة قواعد الاشتباك الى ما كانت عليه قبل ذلك ومنع إسرائيل من القيام بأي اعتداء لاحقا على لبنان لأنها في المقابل ستتعرض للرد الفوري والمناسب .

‎ وفي عملية رد عشوائية استهدف الجيش الإسرائيلي بالقصف الشديد بلدات مارون الرأس وعيترون ويارون بأكثر من 40 قذيفة صاروخية عنقودية وفسفورية أدت الى اشتعال حرائق في مناطق مختلفة دون وقوع خسائر بشرية وضمن مشهد هزلي وفاضح دل على الهذيان والتخبط من هول الصدمة ادعى النتن ياهو عدم إصابة جنوده بأي خدش في حين نقلت وسائل الإعلام العبرية والعالمية عدة صور ومشاهد لمروحيات تقوم بإجلاء جرحى العربة العسكرية إلى مستشفيي ‎رامبام في ‎حيفا وزيف في صفد .

وربما تكون هذه أول مرةٍ في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي منذ النكبة المشؤومة كأفظع جريمة عرفها التاريخ البشري لم تصِل دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى وضعٍ من هذا القبيل مع منظمة حرب عصابات (حزب الله) وهي تفرِض على دولةٍ تعتبِر نفسها عظمى وتملك أحد أقوى الجيوش في العالم واعتي الأسلحة الفتاكة حيث فرِضت عليها كيفية وآلية التصرف في انتظار الرد العسكري الآتي لا محالة ضمن أجواء من الرعب والهلع والترقب .

وتأسيا على ذلك نقول بكل قناعة وثقة بأنّ قواعد اللعبة في سماء وارض لبنان تغيرت بكاملها 180 درجة وليس قواعد الاشتباك فقط حيث انتهى الزمن الذي كانت فيه تقوم إسرائيل بالاعتداء على سيادة لبنان ومواطنيه بالقصف والتدمير وينتهي المشهد بشكوى لمجلس الأمن وسيل هادر من بيانات الشجب والإدانة والاستنكار وهي تبقى آمنة ومطمأنة في مناطقها وشعبها .

يذكر انه بعد انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000 فرضت المقاومة مجموعة من قواعد الاشتباك العملية على إسرائيل وتم الالتزام بها منها اعتبار ان الخرق على الحدود يقابله خرق على الحدود وشبعا يقابلها شبعا والعمق اللبناني بالعمق الإسرائيلي ثم أضيف إليها مؤخرا التعرض للمقاومة بسوريا يعني التعرض للقوات الإسرائيلية على الحدود وبالأمس إسرائيل خرقت بالعمق بالضاحية وسوريا واليوم جاء الرد بالعمق الإسرائيلي فهذا هو المنطق الوحيد الذي يفهمه الصهاينة ويحمي لبنان ويعيد الحق العربي المغتصب لو تم تعميمه والعمل به .

mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات